عياد: المضاربون يستخدمونه لتحقيق مكاسب سريعة
شهدت البورصة المصرية هبوطًا ملحوظًا فى أحجام التداول خلال الأسابيع الأخيرة، بالتزامن إعلان المركزى المصرى عن رفع معدلات الفائدة بواقع 600 نقطة أساس، بالإضافة إلى وضع سياسة مرنة لتحديد سعر الصرف، ليتم تحديده وفقا لآليات العرض والطلب فى السوق، ما دفع السوق بدوره لتراجعات حادة على مدار الأسبوعين الماضيين.
وتراجع المؤشر الرئيسى للبورصة المصرية EGX30 بنحو 5.15% إلى 27559 نقطة فى ختام تعاملات الأسبوع الماضى، وهبط مؤشر EGX70 EWI بنسبة 2.99% إلى مستوى 6399 نقطة، ما دفع للتساؤل حول ما إذا كان لألية البيع على المكشوف “شورت سلينج” دور فى هذا التراجع والذى بدأ بعد عدة جلسات من استيعاب آثار تحرير العملة، منذ جلسة 11 مارس فقد المؤشر الرئيسى للسوق 17.44%.
و”الشورت سيلينج” من آليات الاستثمار الأكثر جدلا فى أسواق المال، فتتجه بعض وجهات النظر إلى وصمه بأنه يخل من حركات التداول فى السوق، ويثير الهلع فى أذهان المستثمرين، معتقدين أن الأسهم تتأهب إلى التراجع، ومن ناحية أخرى، ينظر إليه على أنه وسيلة لخلق توازن فى القيمة السعرية للأسهم، كما يمكنه أنه يزيد من حركات التداول والسيولة المالية المتدفقة للسوق.
وتتيح الآلية للأشخاص اقتراض ورقة مالية لشركة بعينها ثم بيعها، بهدف شرائها لاحقا بسعر أقل، حتى يتمكنوا من تحقيق ربح يعادل الفرق بين سعر البيع على المكشوف وسعر الشراء لاحقا، ولذلك تعتمد هذه العمليات على المراهنة على انخفاض سعر السهم، وإلا سيحقق القائمون عليها خسائر.
وقال محمد عياد، عضو مجلس إدارة اتحاد الأوراق المالية، إن “الشورت سيلنج” من الأدوات المهمة فى البورصة، ولكنها تظل مخاطرة مناسبة لمن لديه الاستعداد لتحملها، ولا يمكنها أن تسبب هبوط السوق، حيث تشمل قواعد تطبيقه أن يكون لنسبة محددة لكل سهم، وكل سهم حسب السيولة الخاصة به.
وأشار إلى أن المضاربين يستخدمونه لتحقيق مكاسب سريعة، ليقوموا بشراء الأسهم لاحقا بسعر مناسب، ولذلك تتمتع عمليات البيع على المكشوف بدرجة عالية من المخاطرة، موضحًا أنها وخاصية التداول فى نفس الجلسة من أكثر العوامل التى تقوم بزيادة أحجام التداول فى السوق.
وتابع أنها تستخدم بنسبة كبيرة فى السوق، حيث يقوم مديرو الحساب بتقديمها لعملائهم، فهى معروفة بين أكثر من 50% من المستثمرين فى البورصة، إلا انها قد تغيب عمن يقومون بالتداول فرديًا بواسطة تطبيقات السمسرة التكنولوجية.
البورصة المصرية: “الشورت سيلنج” و”الشراء بالهامش” يوازنان جانبى العرض والطلب
واستندت البورصة المصرية إلى 7 معايير فى اختيار الأوراق المالية المؤهلة لتطبيق الآلية، منها رأس المال السوقى للأسهم حرة التداول، وعدد أيام التداول، والمتوسط اليومى لشركات السمسرة والمتوسط اليومى للمتعاملين وعدد أسهم الشركة المصدرة ومتوسط قيم تداول السهم اليومي، على أن يتم عمل مراجعة دورية كل 6 أشهر لقائمة الأوراق المالية المؤهلة، وفق المعايير الصادرة عن البورصة المصرية والمعتمدة من هيئة الرقابة المالية.
وقالت البورصة فى كتيب لها، إن آلية الشورت السيلينج بالتوازى مع آلية الشراء بالهامش تقوم بموازنة جانبى العرض والطلب فى السوق، فالشراء بالهامش يدعم جانب الطلب على الأسهم، بينما “الشورت سيلنج” يدعم جانب العرض، من جهة أخرى، فى حالة هبوط السوق، يضمن “الشورت سيلنج” وجود مستثمرين راغبين فى بيع الأسهم المقترضة، بغرض شرائها فى وقت لاحق.
وتابع الدليل، أنه بالنسبة للمقرضين، فتضمن عملية البيع على المكشوف للمستثمر الذى يملك الرصيد من أسهم شركة معينة، أن يستطيع استثمار هذا الرصيد دون التعرض لمخاطر التداول المباشر فى السوق، وتحريك الرصيد الراكد من الأسهم بطريقة آمنة تضمن له الحصول على عائد مضمون من الأسهم التى يمتلكها.
وأضاف أن هذه العملية، تتيح للمستثمر التحوط وموازنة فوارق الأسعار، ففى حالة قيام المستثمرين بشراء أسهم بكميات كبيرة، ورغبتهم فى التحوط من هبوط أسعار الأسهم بشكل كبير، فيمكنهم حينها اقتراض هذه الأسهم وبيعها فى السوق، بالشكل الذى يسمح لهم بموازنة أسعار الشراء والبيع، والاستفادة من فروق الأسعار لتتربح من خلالها.
وقال محمد لطفى، العضو المنتدب لشركة “أسطول لتداول الأوراق المالية”، إن عمليات “الشورت سيلنج” ليست شائعة بدرجة كبيرة فى السوق لأن عدد شركات تداول الأوراق المالية التى تتيح هذه الخدمة محدود، بسبب الشروط العديدة للحصول على الرخصة، من ملاءة مالية معينة، وقيمة محددة لرأس المال، وغيرها من الشروط التى عادة ما تتوفر فى الشركات العشرة الأوائل فى ترتيب شركات السمسرة.
وذكر أنه لا يمكن إرجاع الهبوط الحادث فى السوق فى الوقت الحالى إلى عمليات البيع على المكشوف، موضحًا أن الهبوط الحالى لا يستدعى القلق، لكونه عمليات جنى أرباح طبيعى كردة فعل للصعود الذى شهدته البورصة على مدار فترة طويلة، ومتأثرة بأخبار التعويم وغيره.
ويرى أن الأفضل للسوق أن تتواجد كل الأدوات الممكنة أمام المتعاملين، سواء كان البيع على المكشوف، أو التداول فى نفس الجلسة، بل ويؤيد أن يكون هناك تداول لحظى لكل الأسهم، مشيرا إلى أن التنوع فى الأدوات المعروضة يساعد على ننشيط حركة السوق، ويزيد من أحجام التداول.
وبلغ إجمالى قيمة التداول خلال الأسبوع الماضى نحو 15.79 مليار جنيه فى حين بلغت كمية التداول نحو 3.4 مليار سهم منفذة على 503.3 ألف عملية خلال الأسبوع السابق، مقارنة بإجمالى قيمة تداول قدرها 18.6 مليار جنيه و كمية تداول بلغت 3.5 مليار سهم، منفذة على 568.7 ألف عملية خلال الأسبوع السابق له.
وبلغ إجمالى القيمة السوقية للأسهم المقيدة بالبورصة المصرية نحو 1.85 تريليون جنيه فى نهاية الأسبوع الماضى، مما يمثل انخفاضا بنحو 4.08% خلال الفترة، حيث فتح تعاملات الأسبوع على قيمة 1.93 تريليون جنيه.
النقد العربى: لا حدود لخسائر البيع على المكشوف والماكاسب لها سقف
وقال صندوق النقد العربى فى تقرير له، إن المستثمرين يكونون عرضة لمجموعة كبيرة من المخاطر، عند استخدامهم لعمليات البيع على المكشوف، أهمها ارتفاع أسعار الأوراق المالية وقت حاجتهم للشراء، وخطر تزاحم عمليات الشراء، والذى يحدث إذا قام عدد كبير من المستثمرين بعمليات “شورت سيلنج” على ورقة مالية بعينها، وثم كان اتجاه السهم تصاعديا، فيرتفع إقبال المستثمرين على شرائها تجنبا للمزيد من الصعود، إلا أن هذا الإقبال المتزاحم بدوره يرفع من الطلب عليها، وبالتالى يؤدى إلى المزيد من الزيادة فى السعر.
وأضاف أنه يكون من الصعب توقع الخسارة المتوقعة، بينما المكسب له حد معين، موضحا أن أعلى سعر للسهم ليس له حد، على الأقل من الناحية النظرية، بينما أقل سعر للسهم لا يمكن أن يكون أدنى من الصفر، ولذلك فإن أكبر ربح متوقع، نظريا، لا يمكن أن يعلو عن الفرق بين سعر البيع وصفر.
وقالت ورقة بحيثة نشرتها هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية، عن استخدام عمليات البيع على المكشوف للتلاعب فى تحركات الأوراق المالية، إن عمليات التلاعب بهذا الشكل لها تاريخ طويل منذ عشرات السنوات، حيث يقوم المتلاعبون باختيار بعناية الأوقات التى ينفذون فيها عمليات التلاعب المعروفة بمصطلح “Bear raids”، وهى تتضمن محاولة دفع الأسهم للهبوط لتحقيق مكاسب سريعة من عمليات “الشورت سيلنج”، وقد تشمل محاولاتهم نشر شائعات سلبية عن الأسهم المعينة.
وأضاف البحث، أن ذلك التلاعب أدى لتخوف الجهات الرقابية فى الولايات المتحدة وغيرها فى الأسواق العالمية من عمليات البيع على المكشوف، وإدراك ضرورة وضع المزيد من القيود والقواعد على تلك العمليات، لأن عدم وجود رقابة على “الشورت سيلنج”، قد يؤدى إلى هبوط أسعار الأسهم، والتقليل من كفاءة السوق.