هزت الأحداث الأخيرة سمعة شركة “بوينج” العملاقة للطيران، مما ترك الكثيرين يشككون فى مصداقيتها والتزامها بالسلامة، وفقًا لتقرير نشره موقع “تيك إكسبلور”.
ومع اعتماد مليارات الركاب على الطائرات، التى تصنعها “بوينج” أو “إيرباص”، فإن الأضواء تنصب بقوة على قدرة “بوينج” على معالجة النكسات الأخيرة واستعادة ثقة الجمهور.
وأشار التقرير إلى أن سلسلة من مشكلات السلامة، بما فيها حوادث مثل فقدان سدادة الباب فى منتصف الرحلة على متن رحلة لشركة “ألاسكا إيرلاينز”، واكتشاف أجزاء مفككة فى طائرات “737 ماكس 9” المتوقفة عن التحليق، ألقت بظلالها على سمعة “بوينج”، التى كانت ممتازة فى السابق.
وقال التقرير، إن تلك الأحداث، بجانب الحوادث المأساوية لطائرات “737 ماكس 8″، فى السنوات الأخيرة، أدت إلى إغراق “بوينج” فى أزمة ثقة.
ونقل التقرير عن بيتر مانكوسى، خبير إدارة الأزمات وأستاذ التدريس المساعد فى جامعة “نورث إيسترن”، تأكيده على الأهمية الحاسمة لـ”بوينج” لاستعادة الثقة بدءًا بإرضاء الهيئات التنظيمية، خاصة إدارة الطيران الفيدرالية.
وأوضح أنه ما لم تظهر “بوينج” التزامًا راسخًا بمعالجة المخاوف المتعلقة بالسلامة وتلبية المعايير التنظيمية، فإن الجهود المبذولة لإصلاح صورتها العامة ستكون عديمة الجدوى.
ويمثل سقوط “بوينج” خروجًا صارخًا عن تراثها التاريخى كنموذج لسلامة الطيران، حيثُ يعزو سايمون بيتس، مدير البرامج فى معهد جوردون للقيادة الهندسية فى “نورث إيسترن” والمدير التنفيذى السابق لـ”فورد موتور”، تراجع “بوينج” إلى تحول فى الأولويات نحو الربح على حساب الجودة.
ويقول بيتس، إن تركيز “بوينج” على إجراءات خفض التكاليف، خاصة بعد اندماجها مع شركة “ماكدونيل دوجلاس” فى أواخر التسعينيات، أدى إلى تقويض المعايير الهندسية وتآكل ثقة الجمهور.
ويثير بيتس المخاوف بشأن الإشراف التنظيمى الذى تمارسه إدارة الطيران الفيدرالية، مستشهدًا بحالات الإفراط داخل “بوينج” فى إصدار التصاريح الذاتية، وتداخل العلاقات بين موظفى “بوينج” والموظفين فى الهيئة، والذى بدوره قد يؤدى إلى نزاعات مصالح وتقليل من مستوى الرقابة والتفتيش المستقل.
ويؤكد بيتس على الحاجة إلى قيادة مختصة داخل “بوينج”، داعيًا الأفراد ذوى الخلفية الهندسية القوية لتوجيه الشركة نحو ثقافة السلامة والابتكار.
وينظر بيتس إلى الإصلاح الأخير للقيادة فى “بوينج”، الذى شهد إقالة مديرها التنفيذى ورئيس مجلس الإدارة ورئيس الطائرات التجارية، باعتباره خطوة فى الاتجاه الصحيح.
ومع ذلك، فهو يؤكد على أهمية تعيين قادة يمنحون الأولوية للخبرة الفنية ويخصصون الموارد بشكل فعال لضمان تطوير طائرات عالية الجودة.
كما تؤكد باولا كاليجيورى، أستاذة إدارة الأعمال والاستراتيجية الدولية بجامعة “نورث إيسترن”، على أهمية تعزيز ثقافة الشفافية والمساءلة داخل شركة “بوينج”.
وبينت أهمية قيام كبار المسؤولين التنفيذيين بتقديم تحديثات منتظمة حول تدابير السلامة وخلق بيئة يشعر فيها الموظفون بالقدرة على إثارة المخاوف المحتملة دون خوف من العقاب.
ومع مواجهة “بوينج” تحديًا هائلاً فى إعادة بناء الثقة واستعادة سمعتها كشركة رائدة فى مجال سلامة الطيران، فإن الجهود المتضافرة لمعالجة المخاوف التنظيمية، وإعطاء الأولوية للتميز الهندسى، وتعزيز ثقافة الشفافية والمساءلة، قد تعيد لها مكانتها كاسم موثوق به فى مجال الطيران.