فتحت أزمة الدولار الأخيرة والتحديات التى تواجه سلاسل الإمداد العالمية شهية المستثمرين على صفقات الدمج والاستحواذ للحفاظ على استمرار عملها تحوطًا من مستجدات مستقبلية تهدد عملها.
وبدأت الشركات الصناعية كبيرة الحجم الراغبة فى تعميق التصنيع المحلى عرض الاستحواذ كليًا على مشروعات صغيرة تصنع نفس المنتج، أو جزئيًا من خلال شراء جزء من أسهمها مقابل التطوير وتحسين جودة المنتجات لشراء كامل الإنتاج، بحسب حديث شركات لـ”البورصة”.
ويأتى هذا فى وقت تعمل فيه مصر على تفعيل البرنامج الوطنى لتعميق التصنيع المحلي بغرض زيادة الاعتماد على المنتجات الوطنية والحد من الاستيراد، ورصدت الدولة مؤخرًا 152 مكونا يتم استيرده من الخارج لتوطينه فى مصر.
رمضان: «الحمد للأجهزة الكهربائية» تسعى للاستحواذ على مصنع تشكيل معادن بـ 30 مليون جنيه
قال محمود رمضان، رئيس شركة الحمد لتصنيع وتجميع الأجهزة الكهربائية، إن صعوبة استيراد مدخلات الإنتاج منذ بداية أزمة الدولار فى 2023 أعاق إتمام عملية تصنيع المرحلة النهائية.
أضاف لـ”البورصة”، أن الشركة وضعت خطة للتعامل مع الظروف التى تطرأ على السوق وتعطل حركة التصنيع، وارتكزت على المفاضلة بين إضافة خطوط إنتاج لتصنيع المنتجات المستوردة أو الاستحواذ على نشاط قائم متخصص فى تصنيع مدخلات الإنتاج التى تحتاجها الشركة.
أوضح أن الشركة استقرت حاليًا على الاستحواذ على نشاط قائم للاستفادة من العلامة التجارية والعمالة المدربة فى المنشأة، لافتًا إلى أن الشركة تسعى إلى تصدير فائض الإنتاج بعد تلبية احتياجات السوق المحلى.
أشار إلى أن الشركة فى المراحل النهائية من إتمام الصفقة على شركة لتصنيع المنتجات النحاسية بقيمة تقترب من 30 مليون جنيه.
وكشف أن نسبة المكون المحلى فى منتجات الشركة وصلت إلى 60% حاليًا والباقى مستورد من تركيا ودول أوروبا.
توقع أن تصل نسبة المكون المحلى إلى 85% بعد اتمام الاستحواذ على مصنع يعمل بنشاط تشكيل المعادن.
وعقب جائحة كورونا شهدت مصر زخم فى عمليات الاندماجات والاستحواذات، ليصل إجمالى عدد الصفقات فى 2022 إلى 237 صفقة، بخلاف 123 صفقة لجمع تمويلات للشركات الناشئة، بحسب شركة الاستشارات بي دبليو سي – الشرق الأوسط.
وقالت الشركة، إن أكثر الصفقات كانت في قطاعات التجزئة، والاستهلاك، والتكنولوجيا والاتصالات و”الخدمات المالية” والقطاعين الصناعي والعقاري.
وأعلنت شركة فريش إلكتريك للأجهزة المنزلية قبل فترة، استحواذها على مصنع مصر لصناعة الكباسات بالعاشر من رمضان، لتعميق صناعة الكباسات وتلبية احتياجات مصانعها بدلا من الاستيراد من الخارج.
وأضافت أن احتياجات السوق المصرى من الكباسات سنويًا يصل إلى 3 ملايين كباس في حين أن المصنع حاليًا ينتج 300 ألف كباس سنويًا ونستهدف زيادة الإنتاج إلى 2 مليون كباس خلال 2024 ونصل الى 5 ملايين كباس في 2026.
السقطى: رصدنا نمو ظاهرة الاندماجات بين المشروعات الصغيرة مع تصاعد مشكلات الاستيراد
وقال علاء السقطى رئيس اتحاد المشروعات الصغيرة والمتوسطة، إن القطاع مؤهل للتكامل مع المشروعات الكبيرة لتقليل فاتورة الاستيراد، لكن فى الوقت ذاته يحتاج إلى استثمارات ضخمة لتطوير خطوط إنتاجه، وبالتالى فإن الاستحواذ عليها أو التآزر معها يرفع عبء تدبير التمويل عن كاهلها.
أوضح أن شريحة كبيرة من الشركات الصغيرة تتطلع إلى تحقيق معدلات نمو مرضية، لكن تحتاج إلى شركاء قادرون على تنمية حجم أعمال الشركة والتوجه نحو التكاملية مع المشروعات الكبيرة يمكنها من تحقيق المستهدف خلال العام الجارى.
لفت إلى أن صغار الشركات العاملة فى قطاع تشكيل المعادن وتصنيع اكسسورات الملابس الجاهزة، والعدد والآلات، محط أنظار الاستحواذ من قبل الشركات الكبيرة الفترة الحالية، لذا على الحكومة تيسير الإجراءات أمامها لتنشيط الاستثمار وتعميق التصنيع المحلى.
نوه إلى أن اتحاد مستثمرى المشروعات الصغيرة، رصد نمو ظاهرة الاستحواذ والاندماجات بشكل كبير خلال الشهور الماضية، وبالتحديد مع بداية العام 2023، حينما واجهة الشركات مشكلات فى عملية الاستيراد وتوطين المنتجات المستوردة أيضًا.
وأوضح أن بعض الشركات العاملة فى تصنيع منتج واحد اندمجت معًا لزيادة معدلات الإنتاج وتغطية الطلب المتزايد وبالتحديد فى قطاع الصناعات الهندسية والحرف اليدوية.
وفى تقرير للبورصة المصرية يناير الماضى، نفذت شركة قنديل للزجاج بسوق خارج المقصورة صفقة بقيمة 17 مليون جنيه، وشركة فورورد إيجيبت للصناعات الرياضية بقيمة 15.4 مليون جنيه، وصفقة على شركة الجيزة لصناعة الكابلات بقيمة 12.8 مليون جنيه.
«سعدالدين» نتلقى عروضا من شركات صناعية للاستحواذ على جزء من أسهمها مقابل التطوير
وكشف محمد سعد الدين رئيس مجموعة سعدالدين للغازات، أن المجموعة تلقت عروض من شركات صغيرة تعمل فى تصنيع البتروكيماويات للاستحواذ على جزء من أسهمها مقابل التطوير.
وعزا سعدالدين فى حديثة لـ “البورصة”، هذا التوجه إلى استغراق النمو التقليدي للشركات سنوات طويلة لمضاعفة حجم أعمالها، لكن استراتيجية الاندماج والاستحواذ تساهم فى تحقيق معدلات نمو كبيرة خلال فترة زمنية قصيرة.
وأشار إلى أن الخسائر التى لحقت بالمشروعات الصغيرة بسبب حالة الركود فى السوق المحلى، جعلها تبحث عن مصادر تمويلية بدلا من الإغلاق.
ويرى سعدالدين، أن التكامل الصناعى بين المشروعات الكبيرة والصغيرة هو الحل الوحيد للتحوط ضد تقلبات السوق وأزمة سلاسل الإمداد خلال الفترة المقبلة.