“جوبزيلا”: من المنطقى تسجيل متوسط دخل الفرد 860 دولارًا شهريًا.. لكن المرتبات فى مصر بعيدة عن ذلك
“لو عمرك 40 عام ودخلك أقل من 500 ألف جنيه سنويًا يبقى بتظلم نفسك” بهذه الكلمات فتح صلاح أبوالمجد أحد المؤثرين “إنفلونسر” بابا واسعا للنقاش حول الدخل الذى يجب أن يتقاضاه من هم فى سن 30 إلى 40 عامًا.
ويقول نادر البطراوى، رئيس مجلس إدارة شركة جوبزيلا، إن”500 ألف جنيه سنوياً” دخل منطقى مع الأخذ فى الاعتبار سعر صرف الجنيه المصرى، وقيمته المنخفضة أمام الدولار، فمتوسط 41 ألف جنيه أو 860 دولارا شهرياً يعتبر أقل من المتوسط العالمى.
لكنه اعترف أن وضع المرتبات الحالى فى مصر لا يصل لتلك المستويات، فى ظل أن الشركات لم ترفع الرواتب بما يوازى الانخفاض فى الجنيه، وإن كان متوسط رواتب بعض الوظائف مثل مطورى البرامج بسبب التنافسية العالية فى ذلك المجال والعروض الأكثر إغراء فى دول مثل الخليج.
وقال إن متوسط راتب موظف مصرى ذى خبرة متوسطة، يصل لنحو 10 آلاف جنيه وهو رقم أقل بكثير من المتوسط العالمى، وكى يستطيع مواكبته يجب مضاعفته 5 مرات.
وذكر أن هناك وظائف كسماسرة العقارات لم تتأثر وظائفهم بزيادة الأسعار، بل ارتفعت بحكم زيادة أسعار العقار بالرغم من ثبات العمولة، ويجب الاقتضاء بتلك الأمثلة وتطبيقها على جميع الوظائف.
وتابع: “أصحاب الأعمال وضعوا التكلفة على أسعار المنتجات، فلكى يحدث توازن، يجب زيادة المرتبات بما يتواكب مع التضخم الحادث”.
وظف: 360 ألف جنيه صافى الدخل السنوى لموظف لديه 10 سنوات خبرة
وتشير بيانات شركة “وظف” إلى أن متوسط راتب موظف لديه خبرة 4 سنوات ومهارات ولغة جيدين، يصل إلى 16.2 ألف جنيه فى 2024 وذلك ارتفاعًا من نحو 5 آلاف جنيه فى 2014، بحسب إحصائية شاركها أمير شريف، رئيس الشركة على حسابه بموقع التواصل الإجتماعى “فيس بوك”.
ويصل صافى الدخل الأساسى لشخص لديه 10 سنوات خبرة أو فى عمر الثلاثين نحو 360 ألف جنيه فى السنة، ما يعنى أن مرتب شخص مجتهد لديه لغة قوية بالحوافز والعمولات قد يصل إلى 500 ألف جنيه، وهو “صعب” لكن يحدث، بحسب شريف.
وأشار إلى أن هناك حالة تباين كبيرة فى القطاعات وتفاوت تجعل 16 ألف جنيه متوسطًا عامًا لكن الكثير من القطاعات لا تصل لها.
بيانات “الإحصاء”: تفاوت كبير فى متوسط الأجور بين القطاعات
وبحسب بيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، فبصفة عامة كان متوسط الأجور يتراوح بين 3336 جنيهًا، و6876 جنيهًا، وتصدرت قطاعات المنظمات والهيئات الدولية، والتعدين والمحاجر، والوساطة المالية والتأمين أكثر القطاعات دفعًا للرواتب.
فيما كانت الخدمات المالية للأسر، والصحة، وأنشطة الفنون أقل 3 قطاعات من حيث متوسط الأجور.
وقال أبوالمجد فى منشور منفصل إن الوظائف الحرة، ومشروعات التصنيع لدى الغير، والوظائف فى البنوك جميعها طرق لتحقيق 500 ألف جنيه سنوياً.
ويمكن النظر إلى العمل الحر كمحرك أساسى نحو هدف الـ500 ألف جنيه سنوياً، بسبب انخفاض الحد الأدنى للرواتب فى مصر وصعوبة تحقيق ذلك الهدف.
العمل الحر
وبحسب دراسة سوق العمل من المركز المصرى للدراسات الاقتصادية، فإن 1531 دولارا هى متوسط الراتب الشهرى الذى يكفله العمل الحر “الفرى لانس” فى عدد من القطاعات بدول الخليج للمقيمين فى مصر.
ويتصدر قطاع الدعاية والتسويق قائمة القطاعات التى توفر دخلا أعلى بمتوسط شهرى 3013 دولارا، يليه هندسة الاتصالات بنحو 2667 دولارا، ثم الصحة بنحو 2488 دولارا، وتكنولوجيا المعلومات بنحو 2252 دولارا.
وطبقاً للورقة البحثية الصادرة عن المركز المصرى للدراسات الاقتصادية، فإنه بالرغم من نمو العمل الحر حول العالم، فان مصر مازالت “غير مستكشفة”، وتنقصها التحليلات التفصيلية والفهم العميق للسوق، وتعتبر قلة النظرة الشاملة حاجزا يمنع تطور السياسات الفعالة وهياكل دعم مجتمع العمل الحر.
وأضافت الورقة أنه لفهم الفجوة الحادثة فى سوق العمل الحر المصرى يمكن مقارنة مصر بدولة ذات اقتصاد يعتمد على العمل الحر بشكل أكثر رسوخاً كالهند.
وتابعت أن السوق المصرى يعانى من معدلات بطالة عالية باستمرار خصوصاً بين النساء والشباب وحديثى التخرج، فكانت نسبة البطالة بشكل عام فى 2023 عند 7%، وبمقارنة الفئات، كانت 17.3% فى النساء، مقابل 4.8% فى الرجال، وتظهر النسبة الأكثر فى النساء ذوات الشهادة الجامعية بنسبة 28%.
الأجور تسيطر على مخصصات التعليم والصحة فى مشروع موازنة العام الجديد
وأضافت أن هذه الإحصائيات تشير إلى أن الاقتصاد المصرى يحتاج وظائف مستدامة ذات جودة عالية، وفى الغالب، خلق الوظائف يكون مرتبطا بالقطاعات قليلة الإنتاجية كالبناء، والتى تعرض وظائف قصيرة الأجل وغير مناسبة لفئة النساء، وفى هذا السياق، يظهر العمل الحر كخيار مناسب لتلك الفئات، عن طريق عرض وظائف مرنة تعتمد على المهارات والتعليم، وتوفر المساواة بين الجنسين.
وأوضحت الورقة أن العمل الحر يوفر العديد من المزايا الأخرى، مثل منع هجرة العقول والمحافظة على الكفاءات الوظيفية عن طريق توفير دخل ثابت وبديل مناسب للشباب بدلاً من السفر، وتوفير نفس المزايا مع الإبقاء عليهم فى مصر.
وأشارت إلى أن العمل الحر مولد أساسى للعملة الأجنبية، إذ تحصل الهند على إيرادات من العمل الحر بنحو 37 مليار دولار، وبالنسبة لمصر لا توجد بيانات كثيرة تحصى إيرادات العمل الحر، لكن يمكن الاستنتاج أنها “متواضعة” من حقيقة أن إيرادات مصر التكنولوجية لا تتجاوز 13% من الإيرادات الكلية.
وبحسب بيانات وزارة التخطيط فإن صادرات التعهيد تمثل 5% من الإيرادات الدولارية.
وذكرت الدراسة أن من مميزات العمل الحر رفع الضغط عن محافظة القاهرة والتى تتطلب وظائفها التواجد الفعلى للشخص مما يسبب الضغط والازدحام، وهذا يساعد على توزيع الفرص الاقتصادية بالتساوى على باقى المحافظات.
وأوضحت أن صناعة تطوير الويب من أكثر الصناعات التى تحظى بشعبية بين الخريجين المصريين سواء كانوا متخصصين فى هذا المجال أو لا بسبب وفرة الموارد المتاحة لتعليمه مجانا على الإنترنت، مقدرة أن 45 ألف متخرج أو 6% من إجمالى الخريجين يتم تزويدهم بالمهارات العلمية من المنح الدراسية وبرامج التدريب.
وأضافت أن طرق المسح التقليدية تعتبر غير مناسبة للتعرف على الطبيعة الديناميكية لسوق العمل الحر المتطور. إذ يتم نشر إعلانات الوظائف بشكل متكرر وغالبًا ما يتم إغلاقها خلال دقائق، ما يجعل الاستطلاعات التقليدية قديمة وغير فعالة. ولمواجهة هذا التحدى، تم استخدام لغة البرمجة بايثون لتطوير نظام تجميع الويب قادر على جمع آلاف منشورات الوظائف بكفاءة وعلى الفور فى الوقت الفعلى.
استطلاع: 59.6% من الشركات تفضل زيادة أسعار الكهرباء بدلا من الانقطاع المتكرر
وأشارت الورقة إلى أنه خلال الربع الأول من عام 2023، تم جمع بيانات عن 40 ألف وظيفة، وتضمنت البيانات معلومات حول متطلبات الوظيفة، والمهارات اللازمة، ومستويات الخبرة، والتركيبة السكانية للعملاء الذين نشروا هذه الوظائف. بالإضافة إلى جمع بيانات شاملة عن 19 ألف عامل حر من الهند و1800 عامل حر فى مصر، وجميعهم متخصصون فى تطوير الويب على موقع “أبوورك”. شملت هذه البيانات جوانب مختلفة مثل مستوى الأقدمية، والمهارات، والتقييمات، ومعدلات الساعة، وعدد الوظائف المكتملة، وعدد العملاء السابقين، من بين أمور أخرى.
وتابعت أنه خلال الربع الأول من 2023، كان هناك 1790 عاملا حرا مصريا يعمل على “أبوورك” بعدد 13.7 وظيفة منجزة، وعملوا عدد ساعات أكثر من 492 ألف ساعة منذ بدايتهم على المنصة، بمتوسط 475 ساعة للعامل الحر الواحد.
وأوضحت أن البيانات المجمعة عن العمل الحر فى مصر “فرى لانس”، حقق العمل الحر المصرى 10.64 مليون دولار، بمتوسط 6 آلاف دولار للعامل الحر الواحد، بالإضافة إلى تحقيق نسبة نجاح مرتفعة فى إكمال المهام وهى 95.4%.
وذكرت أن عدد “الفريلانسرز” كان الأكثر فى القاهرة، إذ تحتوى على 41.6% من إجمالى الفريلانسرز المصريين، وتتبعها الإسكندرية بنسبة 15.5%، والجيزة بنسبة 11.7%، والدقهلية بنسبة 3.7% وتتوزع النسبة الباقية على محافظات مصر.
وأضافت أن بورسعيد كانت أكثر المحافظات من حيث متوسط دخل الفريلانسر الواحد، بقيمة 16.43 ألف دولار، وتتبعها الغربية بقيمة 14.09 ألف دولار، والإسكندرية بقيمة 13.83 ألف دولار، ودمياط وبنى سويف وسوهاج بحوالى 12 ألف دولار، وتعتبر محافظة الأقصر هى الأقل فى متوسط دخل الفريلانسرز بقيمة 166 دولار فقط.
وتابعت أن سوهاج وبنى سويف كانت أكثر المحافظات فى معدل نجاح إكمال البيانات بقيم تتخطى الـ 99%.
“الفريلانسر” الهندى يتفوق على المصرى فى ساعات العمل ومتوسط الدخل
وأوضحت أنه فى مجال تطوير الويب، يحقق الفريلانسر الهندى 44 مرة أكثر من الفريلانسر المصرى، إذ حقق المصريين ما قيمته 11 مليون دولار فى “أب-وورك” مقارنة بالهند والتى حققت 466 مليون دولار.
وفسرت أن الأسباب من الممكن أن ترجع إلى بدء الهند فى العمل الحر قبل مصر، والتعداد السكانى الهندى الكبير، والمهارات الأكثر كفاءة والتى تحولهم لطلب نقود أكثر للوظيفة الواحدة، والتخصصات التى تناسب بيئة العمل ومتطلباته.
وتابعت أنه بالرغم من تفوق الهند فى أعداد الفريلانسرز والتعداد السكانى، إلا أن مصر تتفوق فى نسبة الفريلانسرز إلى إجمالى عدد السكان، وفى مجال تطوير الويب، يوجد فى مصر 17 فريلانسر لكل مليون شخص، مقابل 13 فريلانسر لكل مليون شخص فى الهند.
وأضافت أنه بمقارنة متوسط ساعات العمل والدخل بين الفريلانسرز الهنود والمصريين. يعمل الفريلانسر الهندى المتوسط لساعات أكثر بنسبة 210% أى 2,259 ساعة، مقارنة بساعات عمل نظيره المصرى والذى يعمل 729 ساعة سنويًا.
وذكر أن دخل الفريلانسر الهندى العادى أعلى بنسبة 254% تقريبًا أى 33,395 دولار أمريكى، مقارنة بـ 9,447 دولار أمريكي للفريلانسر المصرى فى السنة.
وأشارت النتائج إلى وجود فروق فردية كبيرة بين الفريلانسرز الهنود والمصريين. ولا يرجع ذلك فقط إلى وجود مجموعة أكبر من العاملين لحسابهم الخاص فى الهند، بل توجد فروق ملحوظة فى الدخل حتى بعد النظر فى حجم السكان.