تحول البنك المركزى المصرى لتحقيق خسائر خلال شهرى مارس وأبريل الماضيين فى وقت يوصى فيه صندوق النقد الدولى بتقوية رسملة البنك المركزى.
ولم يفصح البنك عن مزيد من التفاصيل حول قائمة دخله لكن خسائره وصلت إلى 83 مليار جنيه فى أبريل ونحو 75 مليار جنيه فى مارس، إلا أنه حقق خلال أول 10 أشهر من العام المالى أرباح بنحو 251 مليار جنيه.
وقال ماجد فهمى، رئيس مجلس إدارة بنك التنمية الصناعية سابقًا، إن سحب البنك المركزى المصرى للسيولة من البنوك التجارية سيؤثر على أرباحه، ولكنه ينجح فى تحقيق هدفه الأساسى وهو كبح التضخم.
وقلل فهمى من أهمية تحقيق المركزى لخسائر، مشيرًا إلى أنه جهة تنظيمية للقطاع المصرفى وهدفه ليس الربح، وإن ساعدته الأوضاع النقدية ونشاطه فى إقراض البنوك والحكومة على تحقيق ذلك.
وكثف البنك المركزى المصرى سحب السيولة مؤخرًا من خلال مزادات الودائع لإدارة السيولة الفائضة لدى البنوك التجارية العاملة فى السوق المحلي، وهو أحد الإجراءات المتفق عليها مع صندوق النقد لكبح التضخم الذى وصل لمستويات قياسية وصلت إلى 41% فى سبتمبر على أساس سنوى و13% على أساس شهرى فى فبراير 2024.
ووضع تحويل الوديعة الإماراتية من الدولار للجنيه ضغوطًا إضافية على السيولة الفائضة إذ يتعين على “المركزى” طبع مقابلها بالجنيه.
ولمزادات الودائع نوعان، عملية رئيسية أسبوعية ثابتة السعر، تتم من خلال تقديم البنوك التى تخضع لإشراف البنك المركزى واشتراكها فى عطاءات عمليات السوق المفتوح، وعمليات ذات آجال أطول بعائد متغير مرتبط بمعدل عائد الكوريدور.
ومؤخرًا عدل البنك آلية سحب السيولة عبر العملية الرئيسية ليقبل كل العروض المقدمة له ما أسفر عن توظيف سيولة لديه بمتوسط 740 مليار جنيه فى آخر 5 عطاءات مقابل متوسط 150 مليار جنيه قبل التعديل.
الدماطى: التأثير لن يكون كبيرا على ميزانية “المركزى المصرى”
وترى سهر الدماطى، نائب رئيس بنك مصر سابقًا، أن أرباح البنك المركزى المصرى فى نهاية المطاف لن تتأثر كثيرًا وأن الأمور مدروسة بعناية والهدف الأساسى الذى يجب التركيز عليه هو التضخم وسلامة البنوك.
وقالت إن إجراءات البنك المركزى الأخيرة بسحب فائض السيولة من البنوك التجارية العاملة فى السوق المصري، تُعد أحد الوسائل الفورية لكبح التضخم، وهى معالجة مؤقتة لتحقيق الاتزان المصرفى.
وترى مروة الشافعى، مصرفية فى أحد البنوك الحكومية، أن عملية سحب البنك المركزى المصرى رغم أنه قد تُثقِل البنك المركزى بأعباء إضافية وقت ردها للبنوك مرة أُخرى مُضاف إليها العائد الثابت، إلا أنه قرار مُتزن.
أوضحت أن تبعات سحب السيولة أقل وطأة من من رفع الفائدة مجددًا، الذى يرفع تكاليف الاقتراض حتى على القروض القائمة لمعظم عملاء الشركات ويضر بنشاط الإقراض.
وأوضحت الشافعى، أن تلك العملية تُعتبر نوعًا من الأدوات الاستثنائية التشددية ضمن السياسات النقدية للبنك المركزى، والتى تشمل أيضًا ورفع أو إبقاء سعر الفائدة، وكذلك زيادة الاحتياطى الإلزامى لها.
وتابعت: “البنك المركزى يعمل على ممارسة سياساته النقدية المختلفة، واختياره لسياسة بعينها يعتمد على تحليله الوقتى للسوق، والتنوع فى تلك السياسات يَهدُف إلى تحقيق التوازن وتقليل الأثر السلبى الذى قد ينجم من التعمق فى سياسة وحيدة، مما يُدعم القطاع المصرفى بشكل خاص، والاقتصاد المصرى بشكل عام”.
صندوق النقد: الحكومة تضع خطة لإعادة رسملة البنك لمساعدته على استقرار الأسعار
لكن صندوق النقد يرى أن البنك المركزى والحكومة عليهم النظر فى رسملة البنك لمساعدته على القيام بدوره فى حفظ استقرار السياسة النقدية.
وكشف أن السلطات تعكف على تقييم شامل لاحتياجات البنك المركزى، ووضع خطة لإعادة الرسملة تأخذ فى الاعتبار استراتيجية الحكومة لإدارة الدين وأهمية وجود بنك مركزى مستقل يتمتع برأس مال جيد.
وقال إن ذلك سيحتاج هذا أيضًا إلى النظر فى الآثار المترتبة على امتثال البنك المركزى المصرى الكامل لمعايير المحاسبة المصرية، وهى توصية وقائية متميزة لتعزيز الشفافية ومعالجة الانحرافات الحالية فى البيانات المالية للبنك المركزى المصرى فى الجوانب الرئيسية، بما فى ذلك قياس القيمة العادلة والإفصاحات عن بنود الميزانية العمومية المادية. وكذلك المعاملات مع الأطراف ذات العلاقة.
اقرأ أيضا: هل سحب السيولة وحده كافٍ لإعادة التضخم إلى خانة الآحاد؟
وذكر الصندوق أن أن الإقراض شبه المالى “التنموى” الكبير لهيئات القطاع العام باستثناء وزارة المالية، والذى وصل إلى حوالى 765 مليار جنيه بحلول فبراير 2023، يتعارض مع قانون البنك المركزى المصرى لعام 2020 ويهدد استقلالية البنك المركزى ومركزه المالى.
ونوه إلى أنه فى حين أن التفاصيل الأساسية عن الجهات المستفيدة لم يقدمها البنك المركزى بعد، فقد أبلغت السلطات عن سداد بعض القروض، حيث بلغ رصيد الإقراض 661 مليار جنيه حتى نهاية يناير 2024، وأكدت أن القروض المستحقة قيد الاسترداد، ويتم تقديمها بسعر فائدة الإقراض من البنك المركزى.
وقال الصندوق إن آخر تقييم للبنك المركزى فى أبريل 2023 أظهر أن الإصلاحات التشريعية عززت الإطار القانونى له، وأنه عزز عمليات المراجعة وإدارة المخاطر.
ميزانية البنك تقترب من 6 تريليونات جنيه
وخلال السنوات التى تلت خفض الجنيه فى 2016 حقق البنك المركزى خسائر بسبب عمليات التشديد الكمى وكذلك بسبب تحمله عبء تعويض البنوك عن المبادرات.
ومع تعديل آلية سحب السيولة للودائع طويلة الأجل إلى الربط مع فائدة الكوريدور ووقف المبادرات وخفض عمليات سحب السيولة تحول البنك للربحية، لكن مازالت خسائره المرحلة تبلغ نحو 392.9 مليار جنيه فى أبريل الماضى.
وارتفعت ميزانية البنك المركزى خلال آخر شهرين بشكل ملحوظ إلى أن وصلت إلى قرب 6 تريليونات جنيه فى أبريل مقابل 5.1 تريليون جنيه فى نهاية فبراير الماضى بنمو 18%، فى حين أنها نمت من نهاية يونيو وحتى فبراير بنحو 5%.
وزاد النقد المُصدر إلى 1.232 تريليون جنيه بنهاية أبريل مقابل 1.169 تريليون جنيه، فيما ارتفعت الأرصدة المستحقة للبنوك بالعملة المحلية إلى 2.1 تريليون جنيه مقابل 1.44 تريليون جنيه فى فبراير.