رغم استمرار التضخم المرتفع لكن البنك المركزى قرر تثبيت أسعار الفائدة فى آخر اجتماعات لجنة السياسات النقدية، لكنه يواصل سحب السيولة عبر مزادات السوق المفتوحة.
ويستهدف البنك من ذلك الإجراء أن تظل أسعار الفائدة للّيلة واحدة للتعاملات بين البنوك، عند مستوى قريب من فائدة الكوريدور، والحفاظ على بيئة أسعار الفائدة مرتفعة.
وتوقع البنك فى بيانه أن يشهد التضخم اعتدالًا خلال عام 2024 مع انحسار الضغوط التضخمية خصوصًا خاصة أنه قد بلغ ذروته بالفعل.
ورجح انخفاض التضخم بشكل ملحوظ خلال النصف الأول من 2025، نتيجة تقييد السياسة النقدية، وتوحيد سوق الصرف الأجنبى، والأثر الإيجابى لفترة الأساس.
واستبعد محللون رفع أسعار الفائدة مُجددًا خلال العام الجارى، وتوقعوا أن يتجه البنك المركزى لتخفيضها بنهاية 2024 أو مطلع العام المقبل، مع تباطؤ معدلات التضخم.
وقال محمد أبو باشا، كبير الاقتصاديين في قطاع البحوث في إي إف جي القابضة، إن ارتفاع أسعار الفائدة مُجددًا خلال العام الجارى مستبعد تمامًا فى ظل اتجاه معدلات التضخم السنوية للتراجع وعودة معدلاته الشهرية لمستوياتها الطبيعية.
وتوقع أبو باشا تراوح معدلات التضخم السنوية بين 22 و24% خلال الربع الأخير من العام الجارى، الأمر الذى سيتيح للبنك المركزى تخفيض أسعار الفائدة مع الحفاظ على معدلات الفائدة الحقيقية الموجبة.
ويرى أبوباشا أن سحب البنك المركزي لفائض السيولة من البنوك هدفه الأساسى توفير قناة توظيف بديلة بعد خفض وزارة المالية للأذون والسندات عن المعدل الطبيعي لها، بفعل اكتفاءها من إيرادات صفقة رأس الحكمة، وحجم ما اقترضته فى الربع الأول من العام.
ويتوقع البنك الأمريكي “جولدمان ساكس” انخفاض معدلات التضخم تدريجيًا لتصل إلى 22%، على أساس سنوي، بختام العام الجارى.
وأوضح البنك في مذكرة بحثية، أن هذا التوقع جاء مدعومًا بتراجع الضغوط المتعاقبة على خلفية الارتفاع الفعلي الأخير لسعر الصرف، وفك الاختناقات في سلاسل التوريد، وتثبيت توقعات التضخم في سياق سياسة نقدية أكثر تشددًا.
وقال منصف مرسي، رئيس قطاع البحوث في شركة سي آي كابيتال، إن للبنك المركزي آليات متعددة لتحقيق التوازن النقدى.
ولفت إلى أن سحب البنك المركزي للسيولة فى العطاءات بقيم تجاوزت التريليون جنيه، يُسهم بشكل كبير في كبح التضخم، حتى وإن كانت نتائجه غير ملحوظة على المدى القصير، أو فى معدل التضخم للشهر الجارى.
حمدى: “المركزى” سيركز على سحب السيولة بهدف تشديد السياسات النقدية
وقال هشام حمدي، محلل مالي أول بشركة النعيم القابضة، إن البنك المركزى سيواصل التشديد النقدى عبر سحب السيولة التى ارتفعت بسبب رأس الحكمة وأيضًا لتخفيض وزارة المالية العطاءات المقبولة بالتزامن مع منافسة من الأجانب.
كما لفت حمدى، إلى أن صافى تدفقات استثمارات الأجانب إلى أدوات الدين الحكومية، من خلال السوق الثانوى، تجاوزت 600 مليار جنيه وهذا ساعد في رفع مستوى السيولة.
أضاف أن احتمالية رفع أسعار الفائدة خلال العام الجارى غير واردة، حال استمرت الأوضاع الاقتصادية محليًا والجيوسياسية إقليميًا بوتيرتها الحالية دون تقلبات كبرى.
وحذر المركزى فى بيانه، من وجود مخاطر تحيط بمسار التضخم المتوقع، منها تصاعد التوترات الجيوسياسية الحالية، والظروف المناخية غير المواتية، محليًا وعالميًا، بالإضافة إلى إجراءات ضبط المالية العامة.
اقرأ أيضا: البنوك تنشط فى مبادرات التمويل العقارى لمتوسطى الدخل
ورجح حمدى خفض أسعار الفائدة بنهاية العام الجارى أو مطلع العام المقبل حال تضافرت العوامل المساعدة على ذلك.
أوضح أن تحسن بيئة التمويل الخارجى تدعم ذلك،خاصة أن الفيدرالى الأمريكى من المرجح أن يخفض أسعار الفائدة، فضلًا على أن معدلات التضخم المحلية تتجه نحو التراجع أيضًا ولا يوجد مؤشرات على أى ارتفاع جديد.
وأشار إلى أن من المؤشرات الهامة التى ستساهم فى اتخاذ قرار تخفيض الفائدة، هو تحول صافى الأصول الأجنبية للفائض.
وتراجع عجز صافى الأصول الأجنبية لدى البنك المركزى 44.4% على أساس شهرى خلال أبريل الماضى، ليصل إلى 766.3 مليون دولار مقابل 1.38 مليار دولار خلال مارس، وهى أدنى مستوياته منذ التحول إلى عجز فى مارس 2022، بحسب بيانات البنك المركزى المصرى.
وأضاف حمدي، أن نسبة السيولة المسحوبة خلال الفترة الماضية ليست ضخمة ففى الوقت الذى سحب البنك نحو 872 مليار جنيه فإنه رد نحو تريليون جنيه للبنوك فى آلية السوق المفتوح أى أن حجم السيولة الموظفة لديه تراجع.
ورجح محمد عبد العال لمصرفي، أن معدلات التضخم ستتراجع إلى 22% مع الربع الأخير من العام الجاري 2024، مصحوبة بتثبيت سعر الفائدة، إلا إذ طرأ تغيرات على الوضع العالمي دفعت التضخم لمستويات 40%، ما يجبر المركزي المصري لرفع الفائدة.
واستبعد أن يلجأ المركزى لخفض الفائدة قبل حلول 2025 مع استمرار مؤشر التضخم في التراجع.
وتوقعت منى بدير كبير الاقتصاديين بقطاع البحوث بأحد البنوك الخاصة، استقرار معدلات التضخم بفضل توفر السيولة الدولارية بما يساهم فى توفير احتياجات مصر، والإفراج عن البضائع وحل أزمة نقص المعروض من السلع وخاصة الغذائية.
أوضحت أن ذلك إلى جانب السياسات الحكومية المتعلقة بمبادرات توفير السلع الاساسية ومراقبة الأسعار والسياسات النقدية التشددية التي تدير من خلالها السيولة الفائضة في السوق، تعتبر من أبرز العوامل التي تسهم في إحجام التضخم.
وتوقعت بدير أن يثبت البنك المركزى أسعار الفائدة على مدى العام الجارى، خاصةأنه مازال يواجه تحديات كثيرة، من بينها التحركات المرتقبة في أسعار المحروقات، وبعض السلع مثل الأدوية والأسمدة المدعومة، وكذلك الكهرباء نتيجة لتغيرات سعر الصرف.
وشهدت مصر تدفقاً قوياً لاستثمارات الأجانب فى الدين الحكومى عقب تحرير سعر الصرف واستقرار آفاق الجنيه المصرى بعد تأمين تدفقات نقدية بقيمة 24 مليار دولار من صفقة رأس الحكمة بخلاف تمويلات تزيد على 20 مليار دولار من صندوق النقد والبنك الدوليين والاتحاد الأوروبى.