أكد الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، أن ملف التحول للدعم النقدى، به الكثير من التفاصيل، ولذا يتم طرحه للحوار المجتمعى لتحديد معايير مناسبة للتطبيق، لافتاً إلى أن أساس الدعم النقدى سيكون الفرد، ولكن قد يكون مُحدداً بعدد معين من أفراد الأسرة، أو بنوع الدعم المناسب لكل أسرة.
وأضاف رئيس الوزراء، خلال مؤتمر صحفى، أن هدف الدولة من هذه الخطوة ضمان استدامة وحوكمة المنظومة، حيث ينتظر أن يساهم الدعم النقدى فى ربط استهلاك المواطن من الخبز باحتياجه الفعلي، وعدم الحصول على الخبز لمجرد كونه مدعوماً، وربما استبدال كميات من نصيب الفرد من الخبز بسلع أخرى لها احتياجها أيضاً، حيث سيكون للفرد رقم يستفيد منه طبقاً لاحتياجاته الفعلية وأولوياته، فيكون الاستهلاك حقيقياً، ويقضى على ممارسات خاطئة ارتبطت باستخدامات أخرى للخبز من جانب البعض نظراً لكونه متوافراً ومدعوماً، كما يؤدى ذلك إلى خفض فاتورة استيراد القمح، وبالتالى توافر رقم كبير للدولة يمكن ضخه فى بنود أخرى ذات أهمية أيضاً للمواطن، مثل السلع التموينية، والتى يحتاج المواطن كميات منها كذلك.
كما توافق الدكتور مصطفى مدبولى، مع أحد الأسئلة التى أكد صاحبها أنه ما زالت هناك شرائح غير مستحقة للدعم وتحصل عليه، رغم الخطوات التى تم بذلها فى تنقية بطاقات الدعم، ووضع معايير متعددة يتم التنقية على أساسها، لتحديد المُستحق وغير المُستحق، مثل الراتب، وفاتورة استهلاك الكهرباء، واستهلاك الهاتف المحمول، وعدد السيارات لدى الأسرة وموديلها، وكانت التنقية تتم فى ضوء هذه المحددات.
وأشار إلى أنه قد أثيرت فكرة أنه تم حذف أسر مُستحقة للدعم بالفعل، وتبين من التطبيق العملى لإجراءات التنقية عدم دقة المعايير الموضوعة فى تحديد غير المستحقين، رغم منطقية هذه المعايير، نظراً لظروف خاصة تتباين من أسرة إلى أخرى.
ولفت رئيس الوزراء إلى أن هذه التفاصيل الكثيرة فى هذا الملف، تشير إلى ضرورة وضع معايير بقدر أعلى من الحوكمة، تُحدد المُستحق وغير المستحق للدعم، وهذا ما تتطلع له الدولة، فكل هدفنا ليس تقليل رقم الدعم، وإنما حوكمته، ووصول الدعم لمستحقيه بالفعل، وهو ما يخدم صالح المواطن المصري، ويحقق له استفادة فعلية من الدعم المقدم، وإنهاء تجاوزات حدثت وتحدث منذ عقود.
وشدد رئيس الوزراء فى هذا الصدد على أن حوكمة منظومة الدعم تتطلبُ جهداً مجتمعياً، وتكاتف دور الحوار المجتمعى مع الحكومة لتنفيذ الأصلح للمواطن المصري.
وأكد رئيس الوزراء، خلال تعقيبه على ما تم طرحه من أسئلة خلال المؤتمر الصحفي، أن ما سيتم إتاحته من وفر فى المخصصات الموجهة للخبز، سيعاد استخدامه لصالح المواطن فى عددٍ من القطاعات الأخرى، التى يحتاج إليها بشكل أساسي.
وتطرق مدبولى إلى ملف الوقود والمحروقات، مشيراً إلى أن الدولة كانت قد وصلت فى عام 2021 لنقطة التوازن السعري، ولم يكن هناك وجود لدعم محروقات، والذى يسجل فى موازنة العام المقبل نحو 155 مليار جنيه، قائلاً: “الدعم الكائن فى عام 2021 كان 19 مليار جنيه تمثل دعم أنبوبة البوتاجاز والمازوت، وهو ما مكن الدولة فى هذا الوقت من الدخول فى تنفيذ مشروعات المبادرة الرئاسية “حياة كريمة” وغيرها، ومنها مشروعات الصرف الصحى للقرى المحرومة من هذه الخدمة الأساسية منذ عقود من الزمان، هذا إلى جانب البدء فى دعم قطاعى الصحة والتعليم بشكل أكبر.
ونوه رئيس الوزراء إلى أنه مع الزيادة السكانية المطردة، نحتاج سنوياً لبناء من 40 إلى 50 ألف فصل جديد، بتكلفة مليون جنيه للفصل الواحد، وذلك لاستيعاب حجم الزيادة فى عدد الأطفال، وهو ما يستوجب من الدولة العمل على توفير نحو 50 مليار جنيه سنويا لإنشاء مدارس تستوعب حجم الزيادة السكانية السنوية، وذلك بخلاف التكلفة الخاصة بباقى عناصر العملية التعليمية من مدرسين، وخلافه.
وأوضح أن ما سيتم تحقيقه من وفر من الدعم الموجه لرغيف الخبز، سيسهم فى التركيز والتكثيف فى بناء المزيد من المدارس، وكذا المنشآت الصحية، إلى جانب المساهمة فى الإسراع من اتمام العديد من المشروعات الخدمية والتنموية، من بينها مشروعات الصرف الصحي، وغير ذلك من مشروعات، مجدداً الإشارة إلى أن الهدف من الترشيد هو ليس إتاحة المزيد من الوفر للدولة، بل تحقيق استغلال أمثل للموارد.
وأشار إلى أنه على مدار الفترات السابقة، والتى شهدت العديد من الأزمات والتحديات المتعاقبة، قامت الدولة بتطبيق العديد من حزم الحماية الاجتماعية، مؤكداً المتابعة الدورية والمستمرة من جانب الدولة، وتقديرها لمختلف الأزمات وتداعياتها، وهل هناك احتياج لإقرار المزيد من حزم الحماية الاجتماعية بشكل فورى للتعامل مع هذه الأزمات والتحديات.
وأكد رئيس الوزراء أهمية العمل على ترسيخ مفهوم الترشيد الصحيح، قائلاً: “الترشيد لا يعنى التخفيض أو التقليل، بل الترشيد هو تعظيم استخدامات موارد الدولة المتاحة”، موضحاً أنه يتم إعادة استخدام ما تم تحقيقه من وفر فى بنود أخرى، ومن الممكن إتاحة المزيد من المخصصات بالإضافة للوفر المتحقق لتحسين مستوى خدمات مقدمة للمواطنين فى قطاعات أخرى.
ولفت رئيس الوزراء إلى أن الدعم النقدى سيتيح المزيد من الحرية للمواطنين فى الحصول على ما يلبى احتياجاتهم اليومية وفقا لظروفهم الحياتية، مؤكداً أهمية الوصول إلى مختلف التفاصيل الدقيقة لهذا الملف، من خلال ما سيتم اجراؤه من حوار مجتمعى موسع، عبر الحوار الوطني، للخروج بمختلف الآليات التى من شأنها أن تضمن الوصول إلى الرقم المناسب للبدء فى اتاحته للمواطنين المستحقين، تلبية لاحتياجاتهم، وتعظيماً للمحقق من تطبيق مثل هذه المنظومة، منوهاً فى هذا الصدد إلى أن عدد المستفيدين من تطبيق منظومة الخبز يصل إلى 71 مليون مواطن، بينما يصل عدد المستفيدين من منظومة التموين إلى 63 مليون مواطن، قائلا: “نعى كدولة أن هذه الاعداد فى احتياج للدعم، وستظل الدولة تدعم هؤلاء المواطنين”، مضيفا: من الأفضل للدولة المصرية كحل مستدام خلال الفترة القادمة حصول هؤلاء المواطنين على دعم نقدي.
كما جدد رئيس مجلس الوزراء، التأكيد على أن الزيادة السكانية تظل المشكلة الأساسية بمصر، وحلها يساعد الدولة فى معالجة الأعباء المتراكمة، مفترضاً أن ثبات معدل النمو السكانى لمدة 10 سنوات مثلاً، يتيح للدولة معالجة الفجوة فى القطاع الطبي، والتعليمي، والخدمي، فى ظل حجم التنمية التى تشهدها مصر بشكل غير مسبوق، بما يسمح بتقديم الخدمات بشكل مثالي، وتحقيق أعلى خدمة للمواطن.
وتطرق رئيس الوزراء إلى مسألة نصيب الفرد من المياه، معتبراً أن هذا الملف مهم جداً، وبرغم كل المشروعات التى يتم تشييدها من محطات معالجة مياه الصرف الزراعي، ومحطات معالجة الصرف الصحي، إلا أنه بالنظر إلى أرقام الزيادة السكانية المتوقعة إذا استمر معدل النمو السكانى بهذه الصورة حتى 2050، فإن الوضع سيكون مرعباً.
وأشار إلى أننا ربما نصل إلى أنه لن توجد نقطة مياه تصل إلى البحر، فكل نقطة سيتم معالجتها ونعيد استخدامها، وذلك بالنظر إلى كون الموارد من المياه ثابتة، وعدد السكان يتزايد، وسيكون البديل الوحيد هو تحلية مياه البحر، والذى يتطلب مئات المليارات من الدولارات، لإنشاء محطات تحلية مياه البحر، واستمرار أعمال الصيانة والتشغيل الخاصة بتلك المحطات، مؤكداً أنه يتم العمل على تنفيذ العديد من المشروعات التى من شأنها أن تعظم من استخدامات المياه، تغلباً على ما نعانيه من ندرة فى هذا الملف.
وتطرق رئيس الوزراء إلى التجارب والإجراءات المتخذة من جانب بعض الدول للتعامل مع تحدى الزيادة السكانية، مشيراً إلى قيام بعض الدول بتطبيق العديد من الإجراءات شديدة الحزم للتعامل مع هذا الملف، فيما قامت دول أخرى بربط الدعم بعدد أفراد الأسرة، منوهاً إلى أن هناك العديد من الأفكار والتجارب المطبقة فى هذا الشأن، قائلاً: “من الوارد خلال مناقشة قضية الدعم، التطرق لكيفية توجيه ملف الدعم للمساهمة فى ضبط الزيادة السكانية، من خلال تشجيع المواطن وتعريفه بحجم الاستفادة من الدعم فى حالة ضبط الزيادة السكانية”.