تراجع معيار كفاية رأس المال فى 10 بنوك خلال الربع الأول مقارنة بنهاية 2023، ما عزاه مصرفيون إلى الأثر المباشر للتعويم، خاصة للبنوك التى تكون نسبة القروض بالعملة الأجنبية مرتفعة.
ويؤدى فروق تقييم العملة للمحافظ الائتمانية للبنوك إلى ارتفاع نسبتها إلى القاعدة الرأسمالية.
وبلغ معيار الكفاية فى بنك قناة السويس أقل مستوى وفقًا للمسح على 13 بنكًا، عند 13.85% فى مارس مقابل 16.11% فى ديسمبر الماضى.
وارتفع معيار الكفاية فى 3 بنوك، هو بنك الشركة المصرفية العربية الدولية، والأهلى الكويتى وكريدى أجريكول.
وأشار المصرفيون إلى أن السيناريوهات المحتملة خلال الفترة المقبلة حتى تعود البنوك لمعدلاتها السابقة، هى زيادة رأس المال أو إبطاء معدلات الإقراض، والتركيز على إقراض الأنشطة ذات المخاطر الأقل.
فهمى: بعض البنوك لديها سياسات داخلية متشددة أكثر من سياسات “المركزى”
قال ماجد فهمى الخبير المصرفى، إن من أسباب تراجع معدل رأس الكفاية وجود قروض بالدولار والتى تعاظمت قيمتها بعد التعويم، تأثرًا بتراجع قيمة العملة المحلية ما أحدث خلًا فى النسبة بين محفظة الائتمان والقاعدة الرأسمالية.
وأظهر مسح لـ”بنوك وتمويل” نمو القروض بالدولار الأمريكى خلال الربع الأول من العام الجارى فى 10 بنوك، بينما تراجعت فى بنك التعمير والإسكان فقط.
وارتفع سعر الدولار أمام الجنيه 53.38% بنهاية مارس الماضى مُسجلًا نحو 47.28 جنيه مقابل 30.82 جنيه فى ديسمبر الماضى.
وتراوح نمو القروض بالدولار الأمريكي بين 30 و40% فى 5 بنوك، وتجاوز 50% فى 4 بنوك، وسجل نحو 43% فى البنك الأهلى الكويتى.
اقرأ أيضا: كيف تستعد البنوك لمرحلة خفض الفائدة؟
وأوضح أن السياسات الداخلية لبعض البنوك أحيانًا تكون متشددة أكثر من سياسات البنك المركزى خاصة البنوك الأجنبية والخليجية، لذلك ستعمل خلال الفترة المقبلة على العودة لمعدلاتها السابقة، حتى لو اضطرت لإبطاء وتيرة نمو محفظة الائتمان.
وأشار إلى أن البنوك التى لا تمتلك سياسات أو معايير مُشددة، لن تستعجل خطوات العودة لمعدلاتها السابقة وستعمل على تحسين معيار الكفاية وتيرة أهدأ من غيرها.
وتطرق إلى أنه البنوك التى شهدت تراجعا كبيرا فى معيار كفاية رأس المال، ستلجأ إلى زيادة رأسمالها من المساهمين لزيادة رأس المال أو ستعمل على إيقاف نمو محفظة الائتمان أو تخفيفها إذ لزم الأمر.
ونمت الأصول المرجحة بأوزان المخاطر بمعدل يتراوح بين 34 و38% فى مصرف أبو ظبى الإسلامى والشركة المصرفية العربية الدولية والبنك المصرى الخليجى.
وتراوحت بين 20 و28% فى 6 بنوك، هى البركة، قطر الوطنى، قناة السويس، الأهلى الكويتى مصر، الإسكندرية والمصرى لتنمية الصادرات، بينما تراوح نموها بين 13 و18% فى بنوك التعمير والإسكان، كريدى أجريكول وأبو ظبى التجارى.
عبد العال: التعويم والمخاطر الجيوسياسية أثرت سلبًا على المحفظة الائتمانية
وقال محمد عبد العال، عضو مجلس إدارة البنك المصرى الخليجى وخبير مصرفى، إن معيار كفاية رأس من أول المؤشرات التى تتأثر سلبًا بالتعويم، لأن تراجع قيمة العملة المحلية يعتبر تغيرا جذريا يؤثر مباشرة على سياسات المخاطر.
وأشار إلى أن حال تراجع المعيار لمستوى أقل من 12.5%، فإنه يجب على البنك التوقف عن الإقراض حتى تعود النسبة للمعدلات التى يُقرها البنك المركزى، من خلال زيادة رأس المال أو زيادة المخصصات من الأرباح.
وأوضح أن البنوك التى تستهدف زيادة محفظة الائتمان تلتزم دوريًا بزيادة رؤوس أموالها بما يتسق مع ضوابط البنك المركزى أو السياسات الداخلية الخاصة بالبنك بالنسبة معيار الكفاية.
وتطرق عبد العال، إلى أن البنوك ستتجه لتقليل إقراض الأنشطة الاقتصادية المتأثر سلبًا بالمخاطر الجيوسياسية لأن مخاطرها ارتفعت بفعل التوترات الإقليمية والعالمية خلال السنوات الأخيرة وزادت معها احتمالات تعثر عملاء تلك الأنشطة، إلى التوسع فى إقراض الأنشطة الاقتصادية الأكثر استقرارًا وأقل تأثرًا بالتحديات المحلية والعالمية.
اقرأ أيضا: كيف يختار الأفراد الوعاء الادخارى الأنسب لهم؟
وقلل محلل قطاع البنوك فى أحد بنوك الاستثمار من التراجع فى معيار كفاية رأسمال البنوك ما دامت أعلى من 15%، مشيرًا إلى أن البنوك بالفعل تعانى من تباطؤ الاقراض فى ظل الفائدة المرتفعة، وأن معدلات كفاية رأس المال متضخمة فى ضوء استثمارها الكثيف فى الأذون والسندات.
واستبعد تعافى القروض الرأسمالية قبل النصف الثانى من العام المقبل بالتزامن مع استقرار التضخم ومرور دورة ثانية من ارتفاع الأجور بما يجعل القوى الشرائية تتعافى وتخلق حاجة للشركات للتخطيط لزيادة إنتاجها.
وأشار إلى أن استثمارات البنوك فى الأذون والسندات وكذلك فى الودائع لدى البنك المركزى تشكل نحو ثلثى أصول البنوك.
وقالت وكالة التصنيف الائتمانى “فيتش ريتينج” إن القواعد الرأسمالية للبنوك تبقى حساسة تجاه خفض الجنيه، خاصة الشريحة الأولى من رأس المال، والتى تراجعت نحو 1.4% حينما تم تخفيض الجنيه 40% فى 2022.
وقدرت أن كل 10% خفضا فى الجنيه يؤدى لتراجع كفاية رأس المال نحو 0.3% فى البنوك التى تقيمها.
وقالت إنه بناء على ذلك فإن كفاية رأس المال للبنوك الخاصة تراجعت بعد التعويم لكنها مازالت تحتفظ بمستويات أعلى بشكل مقبول من الحدود الرقابية الدُنيا.
وأشارت إلى أن بنكى مصر والأهلى حققا تحسنا ملحوظا فى مستوى ربحيتهما خلال أول 9 أشهر من 2023 ما يمكنهما من تدعيم قواعدهما الرأسمالية، التى تضررت عقب خفض الجنيه، لكن ستظل أعلى من الحدود الرقابية.
وبنهاية 2023، بلغ معدل كفاية رأس المال 18.6% مقابل 18.1% فى سبتمبر الماضى، و19% فى 2022.
وذكرت “فيتش” أن قدرة البنوك على تحقيق مكاسب من الفائدة وتوليد أرباح ستجعلها قادرة على تعزيز قواعدها الرأسمالية بما يتجاوز الزيادة فى المخاطر ويجعلها ترتفع من جديد.