خالفت البنوك المصرية الاتجاه العالمى فى التحول الرقمى وخفض التواجد الجغرافى لحساب أذرعها الرقمية، رغم كلفتها المرتفعة.
ورغم تباطؤ وتيرة فتح البنوك لفروع لكن فى آخر 18 شهراً زادت من نحو 4598 فرعًا فى يونيو 2022 إلى 4680 فرعًا فى ديسمبر 2023.
فى حين أن الاتجاه العالمى يشير إلى إغلاق أعداد كبيرة من أفرع أكبر البنوك المصرفية، اعتمادًا على رقمنة البنوك، حيث بلغ إجمالى صافى الإغلاقات فى الولايات المتحدة الأمريكية وحدها منذ 2020 وحتى 2023، نحو 8350 فرعًا، وفقًا لما ذكرته شركة “ستاندرد آند بورز” جلوبال إنتيليجنس.
وخلال أول 5 أشهر من العام أغلقت البنوك 400 فرع منذ بداية العام حتى مايو 2024، بحسب صحيفة “وول ستريت جورنال”.
أرجع ماجد فهمى، رئيس مجلس إدارة بنك التنمية الصناعية سابقًا، سبب إقبال البنوك العاملة فى السوق المحلي على افتتاح فروع جديدة إلى عاملين، أولهما انخفاض الوعى للعملاء المصرفيين فى السوق.
أوضح أن فئة كبار السن وأصحاب المعاشات، والذين يَصعُب عليهم استخدام الأساليب والآليات الرقمية المستحدثة على القطاع المصرفى، مازالوا يُمثلون شريحة كبيرة من إجمالى عملاء البنوك.
وطالب بضرورة توطيد فكرة الرقمنة للأجيال القادمة من خلال تدريس الوسائل الرقمية، وإطلاق دورات تدريبية فى ذلك الصدد، بجانب نشر الوعى الإعلامي.
وتابع: “الدول الأخرى، مثل أمريكا، والتى تعمل على إغلاق فروع البنوك المصرفية، يعتمد اقتصادها بشكلٍ قوى على المؤسسات المالية غير المصرفية، أكثر من البنوك، مما يجعلها فى غنى عن الفروع الإدارية المُكلفة والتى أصبحت غير ضرورية لتنفيذ المعاملات المصرفية”
وتوقع أن يؤدى إصدار البنك المركزى المصرى لقواعد ترخيص البنوك الرقمية، بجانب تعزيز الذكاء الاصطناعى بالتدريج، إلى توقف البنوك عن افتتاح فروعٍ جديدة، بل وتقلص أعدادها على المدى الطويل.
كيف تعاملت البنوك المصرية مع الذكاء الاصطناعى؟
وأصدر البنك المركزى فى يوليو 2023، قواعد ترخيص البنوك الرقمية والرقابة والإشراف عليها، والتى تتضمن شرط ألا يقل رأس المال المصدر والمدفوع عن 2 مليار جنيه فى حالة ممارسة كافة أعمال البنوك، باستثناء تمويل الشركات الكبرى، مع إمكانية تمويل تلك الشركات شريطة زيادة رأس المال إلى 4 مليار جنيه.
ويرى فهمى، أن الرقمنة ما هى إلا آليات لتنفيذ العمليات المصرفية والخدمات البنكية، ليس لها أى انعكاسات على النمو الاقتصادى أو النشاط المصرفى، وإنما العامل الذى يُسهم فى تحقيق ذلك هو النشاط الحقيقى للقطاعات الاقتصادية المختلفة وقرارات الحكومة والسياسات النقدية.
وقال إن المركزى عليه تسهيل تصاريح التطبيقات الهاتفية مثلما فعل مع “إنستاباى”، الذى اجتذب شرائح كبيرة من عملاء القطاع المصرفى، بجانب التطرق إلى توفير تنفيذ العمليات البنكية، التى تُلزم العميل للذهاب للفرع الإدارى مثل القروض، من خلال التطبيقات والآليات الرقمية.
وقدمت جائحة كورونا طفرة فى المعاملات الرقمية محليًا وعالميًا ووصل إجمالى عدد البنوك الرقمية حول العالم إلى 306 بنهاية يناير 2024، بينها 110 بنكا فى أوروبا، وتصل قاعدة عملاء بعضها لأكثر من 100 ألف عميل، بحسب بيانات “ستاتسيتا” ماركتس كما ارتفعت فى مصر نسبة تحويلات الأموال عبر الموبايل للناتج المحلى من 1.4% قبل كورونا إلى 7.8% فى 2022.
الدماطي: التزايد السُكانى والتوسع العمرانى يدفعان البنوك المصرية لافتتاح فروع تقليدية جديدة
وقالت سهر الدماطى، نائب رئيس بنك مصر سابًقا، إن تزايد أعداد فروع البنوك المصرية مدفوع بارتفاع التعداد السكانى في البلاد، ومساعى خفض المركزية والتوجه بالخدمات نحو المحافظات وتدشين مدن جديدة.
وأشارت إلى أن الدولة بنت نحو 40 مدينة جديدة بخلاف العاصمة الإدارية، فضلًا عن مساهمة مبادرة حياة كريمة فى النهوض بالقرى والمحافظات وسد فجواتها التنموية، فكل تلك العوامل تُلزم البنوك بالتوسع الجغرافي.
واستكملت: “إصدار البنك المركزى لشروط ترخيص البنوك الرقمية العام الماضى، سيحرك تحركات البنوك نحو الرقمنة بشكل نلحظه العام المقبل، مما يؤدى إلى تسريع وإنجاز العمليات المصرفية، وتعزيز الدورات الإنتاجية للشركات وكذلك الأفراد، وهذا ما يؤتى بثماره على الناتج القومى والنمو الاقتصادي”.
عبد العال: الكثافة المصرفية المرتفعة على الوحدات خاصة فى المحافظات
وقال محمد عبد العال، عضو مجلس إدارة البنك المصرى الخليجى، إن المحافظات المختلفة تُسجل زيادة سكانية للدرجة التى تعجز فروع البنوك المصرية الموجودة عن تلبية حاجة عملائها وتنفيذ معاملاتهم المصرفية.
أوضح أن هناك حاجة لتخفيف التكدس والازدحام ما يجعل البنوك المصرية، مضطرة لفتح مزيد من الأفرع حتى وإن كان ذلك الأمر مُكلفًا.
283 مليار جنيه أرباح البنوك المصرية بنهاية ديسمبر 2023
وبنهاية عام 2022 كان هناك 6.26 فرع بنك لكل 100 ألف مواطن فى مصر مقابل 27.2 فرع فى أمريكا، بحسب بيانات صندوق النقد الدولى. ووفقًا لمؤشر الكثافة المصرفية الصادر عن البنك المركزى فإن هناك وحدة مصرفية تخدم كل 23.5 ألف مواطن.
ولفت عبد العال، إلى أن القطاع المصرفى يعجز عن التحول الرقمى بسبب نقص التقدم التكنولوجى الذى يلزم تنفيذه قيم استثمارية ضخمة، فضلًا عن ضرورة تضافر ذلك بالأمن السيبرانى، وهذا ما يجعل البنوك توجه جهودها نحو بناء فروع تقليدية لتلبية حاجة العملاء بدلًا من الإسراع نحو التحول الرقمي.
وقال عبد العال، إن سبب إغلاق البنوك العاملة فى الأسواق الأجنبية الأخرى، بخلاف التحول الرقمى، هو تعثر بعض البنوك ماديًا، مما ينجم عنه غلق بعض الفروع أو مراكز رئيسية أو دمج بنوك معًا، ما يُسهم فى زيادة عدد الإغلاقات كما تبين فى الإحصائيات.