تحسنت توقعات مؤسسة “فيتش سوليوشنز” البحثية للقطاع المصرفى بشكل كبير بعد توحيد أسعار الصرف فى 6 مارس 2024، وحصول البلاد على تمويل بقيمة 57 مليار دولار.
وتلقت مصر 24 مليار دولار من الإمارات عبر صفقة رأس الحكمة، و820 مليون دولار، من صندوق النقد من إجمالى التعهدات البالغة 57 مليار دولار.
أضافت المؤسسة أنه وفى الوقت نفسه، أدى انحسار مخاطر صرف العملات الأجنبية فى البلاد إلى جانب العائدات الجذابة على أدوات الدين المصرية إلى استئناف استثمارات المحافظ وتدفقات التحويلات من خلال السوق الرسمية.
وذكرت أن التدفقات الكبيرة من العملات الأجنبية أدت إلى انخفاض كبير فى صافى مراكز الالتزامات الأجنبية للبنك المركزى المصرى من 11.4 مليار دولار فى يناير 2024 إلى 1.4 مليار دولار أمريكى فى مارس 2024، وكذلك انخفض عجز صافى الأصول الأجنبية للبنوك من 17.6 مليار دولار إلى 2.8 مليار دولار.
وذكر أنه بالنظر إلى أن البنوك سيكون لها نصيب من صفقة رأس الحكمة فإن صافى الأصول الأجنبية تحول للفائض كما هو الحال لدى البنك المركزى الذى سجل فائضًا قدره 9 مليارات دولار فى مايو.
وقالت إن التدفقات ستساعد البنوك على تلبية الطلب على الواردات من السلع غير الأساسية، والمساعدة فى تسوية المتأخرات المستحقة لشركات النفط العالمية والتى تقدر بنحو 4.5 مليار دولار، ومنع تراكم تراكم الواردات، فضلاً عن زيادة الإقراض بالعملة الأجنبية للشركات.
وتوقعت أن انخفاض قيمة العملة سيكون له تأثير محدود على الميزانية العمومية للبنوك ووضع رأس المال، حيث تمثل القروض بالعملة الأجنبية ما يقرب من 30% من إجمالى القروض فى نهاية عام 2023، ومعظمها موجه للقطاع العام.
وزادت القروض بالعملة الأجنبية بنحو 11 مليار دولار فى عام 2023، وكانت الزيادة بأكملها تقريبًا مدفوعة بالإقراض بالعملة الأجنبية للقطاع الحكومى والعام.
البنوك قادرة على التغلب على تأثير خفض العملة على ميزانيتها وكفاية رأس المال
ونوهت “فيتش سوليوشنز” إلى أنه فى حين أن هذا يزيد من تعرض البنوك للقطاع الحكومى، فإنه يقلل من مخاطر التأخر فى السداد، كما أن البنوك قامت بإقراض الكيانات التى تدر دخلاً بالدولار.
وأشارت إلى أنه على صعيد كفاية رأس المال، سيكون القطاع المصرفى سيكون قادرًا على استيعاب تأثير ارتفاع الدولار مقابل الجنيه المصرى بنحو 35%.
وفى الوقت الذى توقعت فيه “فيتش سوليوشنز” أن يؤدى التعويم لتضخيم الأصول المرجحة بالمخاطر وتقليل نسب رأس المال، فإن حقيقة أن النسب أعلى بشكل مريح من المتطلبات التنظيمية ستسمح للبنوك بالتغلب على هذه الصدمة.
وقالت إنه لوضع الأمور فى سياقها، بين سبتمبر 2022 ومارس 2023، ارتفع الدولار مقابل الجنيه ما يقرب من 37% ما أدى إلى انخفاض 3.5% من كفاية رأس المال للقطاع و1.7% من كفاية الشريحة الأولى لرأس مال.
وتراجعت نسبة كفاية رأس المال فى القطاع المصرفى بشكل طفيف من19% فى نهاية عام 2022 إلى 18.6% فى نهاية عام 2023، فى حين ظلت نسبة الشريحة الأولى لرأس المال مستقرة على نطاق واسع عند 15.5% خلال نفس الإطار الزمني
وقالت إنه إذا افترضنا نفس التأثير، فإن هذا من شأنه أن يخفض نسبة كفاية رأس المال إلى 16.5% ونسبة كفاية الشريحة الأولى من رأس المال إلى 13.8%، وكلاهما سيستمر فى تجاوز الحد الأدنى للمعايير الدولية بشكل كبير وهو 10.5% و6.0% على التوالي.
3.6 مليار دولار عجز الأصول الأجنبية للقطاع المصرفى بنهاية أبريل
وأشارت إلى أنه مع استمرار البنوك فى استثمار ما يقرب من 40% من أصولها فى أدوات الدين الحكومية ذات العائد المرتفع، فإن ذلك يسمح لها بتحقيق ربحية عالية بمخاطر قليلة من شأنها أن تساعدها على إعادة بناء احتياطيات رأس المال الخاصة بها.
وقالت إن ذلك يساعدها على استيعاب البنك المركزى لفائض السيولة بالجنيه المصرى من البنوك من خلال مزاداته الأسبوعية ذات السعر الثابت، بما يعزز ربحية البنوك.
وتوقعت أن يظل نشاط الإقراض ضعيفًا بسبب ارتفاع تكلفة الاقتراض ومزاحمة القطاع الخاص.
ورفع البنك المركزى المصرى أسعار الفائدة 800 نقطة أساس فى الربع الأول من عام 2024.
ورغم أن “فيتش سوليوشنز” تعتقد أن دورة التشديد قد انتهت، فإنها توقعت أن يبقى البنك المركزى المصرى على أسعار الفائدة عند مستوياتها القياسية الحالية المرتفعة حتى نهاية عام 2024.
وقالت إن الفائدة المرتفعة ستسمر خلال الأشهر المقبلة، والتى، إلى جانب تقليص برامج الإقراض المدعومة وضعف الطلب المحلى، ستؤدى إلى تقليل الطلب على الاقتراض، وقدرت أن محافظ القروض نمت 10% تلقائيًا بعد التعويم بسبب تغير قيمة القروض بالعملة الأجنبية.
وقالت إن ضعف العملة، إلى جانب إعادة تسعير القروض بأسعار فائدة أعلى، ومعدل التضخم المتوقع الذى يزيد عن 25% حتى نهاية عام 2024، سيؤدى لنمو محافظ القروض بنحو 28%، خلال العام الحالى، ولكنه على ارتفاعه يظل أدنى من 31.7% فى 2023، وأيضًا تخفيضًا للتوقعات السابقة بنمو 37.8%.
وعزت “فيتش سوليوشنز” خفض توقعاتها للإقراض فى ظل تعديل توقعاتها للتضخم، وانخفاض الإقراض الحكومى.
كيف يُغير الذكاء الاصطناعى مستقبل القطاع المصرفى؟
وقالت المؤسسة إنه حتى نهاية العام الماضى فإن 20% من الودائع كانت من الحكومة والقطاع العام، ونحو 81% من الودائع مقومة بالعملة المحلية وتساهم الأسر بنحو 60% منها.
وتوقعت زيادة قاعدة المدخرات مع إحراز مصر تقدمًا فى مجال الشمول المالى، لا سيما مع إدخال التكنولوجيا المالية، فإن قاعدة التمويل المحلية لديها إمكانات قوية للتوسع.
وارتفع الدولار مقابل الجنيه بأكثر من 26.1% فى 2023، ونحو 35% حتى الآن هذا العام. وفى حين أن هذا سيؤثر على قدرة بعض الشركات على سداد القروض، إلا أنه سيتم تخفيف ذلك من خلال حقيقة أن المقترضين بالعملة الأجنبية لديهم دخل من العملات الأجنبية يسمح لهم بالوفاء بالتزاماتهم، وسيحد هذا من التأثير على ربحية البنوك وجودة القروض.
وفى نهاية عام 2022، بلغت نسبة القروض المتعثرة 3.4%، لكنها انخفضت منذ ذلك الحين إلى 3% فى نهاية عام 2023، وقالت “فيتش سوليوشنز” إنه من المرجح أن يؤدى انخفاض قيمة الجنيه إلى الضغط على الجدارة الائتمانية للمقترضين.
وتوقعت أن تتدهور جودة الائتمان قليلاً على مدار العام، لكن بشكل إجمالى، لا تزال نسبة القروض المتعثرة قريبة من أدنى معدل لها فى السنوات الأخيرة.
وتوقعت أن تسهيلات السداد التى تقدمها البنوك للعملاء المتعثرين والتحوط فى الاقراض للبنوك ستساعد على منع حدوث تدهور كبير فى جودة الأصول وسط الظروف الاقتصادية الصعبة فى البلاد.