توقع عدد من الخبراء والعاملين بالمجال النقل البحرى، أن يشهد أداء معدلات الموانئ المصرية نمواً ملحوظاً، خلال العام الجارى، مقارنة بالعام الماضى، بالرغم من استمرار أزمة تهديدات الملاحة بالبحر الأحمر، وأرجعوا توقعاتهم بالنمو إلى خطة تطوير الموانئ التى تبنتها الدولة خلال السنوات الماضية والتى قللت بدورها من حدة التأثر من تداعيات السلبية للأزمة.
قال حازم أبوالنيل، مدير التسويق وعلاقات المستثمرين بشركة الإسكندرية لتداول الحاويات، إنَّ مشروعات تطوير الموانئ أسهمت فى نمو عمليات الشحن والتفريغ بالموانئ المصرية، خلال النصف الأول من العام الجارى، فضلاً عن تجارة الترانزيت التى سجلت أعلى معدل لها.
وأضاف، أن الموانئ المصرية سجلت فى الـ6 أشهر الماضية زيادة فى عمليات الشحن والتفريغ لتجارة الترانزيت، بالإضافة إلى أنها استقبلت سفناً ذات أحجام كبيرة، مرجعاً سبب الزيادة إلى عمليات تطوير البنية التحتية للموانئ المصرية سواء المطلة على البحر المتوسط والبحر الأحمر، بالإضافة إلى دخول محطة جديدة للخدمة، أبرزها محطة «TMT» متعددة الأغراض بميناء الإسكندرية.
وأوضح أن عمليات تحديث وتطوير الموانئ المصرية سواء بناء محطات أو موانئ جديدة ظهرت نتائجها على حجم التبادل التجارى سواء سفن الحاويات أو سفن البضائع العامة، متوقعاً أن تشهد عمليات تجارة الترانزيت مزيداً من النمو، خلال الفترات المقبلة، خاصة بعد تطوير 3 أرصفة جديدة فى ميناء العين السخنة والتى من المخطط دخولها الخدمة، خلال العام الجارى، الأمر الذى يُزيد من عمليات تجارة الترانزيت الواردة من جنوب شرق آسيا مروراً بمصر ثم دول أوروبا.
واستكمل حديثه، أن عمليات تطوير الموانئ لم تقتصر فقط على ميناء العين السخنة، بل شملت أيضاً ميناء بورسعيد شرق، إذ تم تطوير أرصفته وتزويده بمعدات حديثة، بالإضافة إلى تعميق الغاطس لاستقبال سفن ذات حمولات ضخمة، فضلاً عن محطة «تحيا مصر» بميناء دمياط، والتى من المتوقع دخولها الخدمة الشهر المقبل، مؤكداً أن كل هذه الإجراءات تُساعد على زيادة حجم عمليات الترانزيت بمصر.
وأكد «أبوالنيل»، أن ميناء العين السخنة الأكثر تضرراً من اضطرابات منطقة البحر الأحمر على عكس الموانئ المصرية الأخرى.
وزير النقل: خطة شاملة لتطوير كافة الموانئ المصرية
وأوضح أنه لا يوجد خط ملاحى انسحب من إحدى الموانئ المصرية، ولكن قام بتغيير مسار العملية لميناء بورسعيد شرق أو غرب بدلاً من ميناء عين السخنة لتفادى هجوم الحوثيين على السفن.
وأضاف، أن الخطوط الملاحية الكبيرة الأكثر تأثراً من الأزمة بخلاف الخطوط الملاحية الصغيرة، والتى استطاعت تنفيذ عملياتها فى منطقة البحر الأحمر، موضحاً أن الخطوط الكبيرة لم توقف رحلاتها ولكن غيرت مسار رحلاتها، إذ اختارت مساراً أكثر تكلفة؛ لتجنب تعرض سفنها لهجوم الحوثيين، إذ تمر السفن من جنوب أفريقيا، ثم كيب تاون، ثم مضيق جبل طارق.
وبالحديث عن ميناء الإسكندرية، أكد مدير التسويق وعلاقات المستثمرين بشركة الإسكندرية لتداول الحاويات، أن ميناء الإسكندرية سجل نمواً فى معدلات الأداء بنسبة تصل إلى 12%، خلال النصف الأول من العام الحالى، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضى؛ نتيجة دخول محطة «تحيا مصر» متعددة الأغراض الخدمة، بالإضافة إلى النمو الكبير فى تجارة الترانزيت بالميناء، وارتفاع معدلات تداول البضائع، متوقعاً أن يشهد ميناء الإسكندرية نمواً فى معدلات التداول بنسبة تتراوح بين 17% و20%، خلال العام الجارى، مقارنة بالعام الماضى.
وذكر «أبوالنيل»، أن التوترات الحالية بمنطقة باب المندب أثرت على حجم التجارة العالمية وليست حجم التجارة المصرية فقط، إذ تسببت فى تراجع عمليات التبادل التجارى، كما أثرت على الربط بين جنوب شرق آسيا والموانئ الأوروبية عن طريق البحر الأحمر، مروراً بقناة السويس.
وقال إنَّ حجم التجارة المصرية شهد طفرة، خلال النصف الأول من العام الجارى، سواء فى عمليات الصادر والوارد، وتجارة الترانزيت، لافتاً إلى أن حجم الصادرات المصرية شهد نمواً كبيراً، خلال النصف الأول من عام 2024، بنسبة تجاوزت 10%، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضى، الأمر الذى انعكس إيجابياً على حجم التبادل التجارى بين مصر والدول المحيطة.
توقع أنه بعد الانتهاء من أزمة باب المندب أن تشهد عمليات التجارة الخارجية وتجارة الترانزيت طفرة كبيرة؛ حيث استطاعت مصر تحقيق نمو ملحوظ فى ظل الأوضاع الحالية والتوترات التى تشهدها منطقة البحر الأحمر، مقدراً أن تتجاوز نسبة النمو فى حجم التجارة على الموانئ المصرية من 15% لـ20%، خلال العام الأول بعد الانتهاء الأزمة.
«كامل»: توقعات برواج التشغيل بعد الإجراءات الإصلاحية فى منظومة التصدير
من جانبه، قال الدكتور محمد كامل، الباحث فى شئون النقل الدولى واللوجستيات، المستشار الاقتصادى لشركة ماهونى للملاحة، إنه يتطلع لتحسن أداء الموانئ المصرية، خلال النصف الثانى من العام الجارى، مرجعاً ذلك إلى الإجراءات التى اتخذتها الدولة لتنمية حجم الصادرات المصرية وتنوعها، وأهمها فى مجال المحاصيل الزراعية والصناعات الغذائية والصناعات الهندسية وبعض صناعات البتروكيماويات.
وأضاف، أن الموانئ المصرية شهدت نهضة غير مسبوقة فى مجال محطات متعددة الأغراض، إذ دخلت الخدمة محطة «تحيا مصر» ميناء الإسكندرية، ومن المتوقع دخول محطات أخرى الخدمة والتى سوف تُشكل فارقاً كبيراً فى معدلات الأداء، مؤكداً ضرورة توقيع اتفاقيات مع شركات أجنبية قادرة على جذب عملاء جدد غير موجودين فى السوق المصرى، وذلك لتنمية حركة التجارة.
وطالب «كامل»، بضرورة انسحاب الدولة متمثلة فى وزارة النقل من الاستثمار فى مجالات النقل، وتترك هذا الدور للقطاع الخاص، وأن تكون الدولة المنظم لعملية الاستثمار دون المشاركة.
وحول توقعاته بنسب النمو المتوقع من خطة تطوير الموانئ المصرية، قال الباحث فى شئون النقل الدولى واللوجستيات والمستشار الاقتصادى لشركة ماهونى للملاحة، إن عوائد الاستثمار فى مجال النقل البحرى طويلة الأجل، إذ من المتوقع ظهور عوائد الاستثمار فى البنية التحتية للموانئ المصرية بعد مرور عشرين عاماً، آملاً أن تكون نسبة النمو بمعدل سنوى 10%، ولكن قد تتأثر تلك النسبة بالتغيرات العالمية فى الاقتصاد العالمى.
ويرى أنه من الطبيعى أن تؤثر التوترات الموجودة بمنطقة البحر الأحمر على معدلات أداء الموانئ المصرية، موضحاً أن الخطوط الملاحية تقوم بممارسات احتكارية ببضائع منطقة شرق المتوسط، إذ قامت بتركها فى ميناء طنجة، وهو ما سبب تأخر وصول البضائع ولا تأتى بتدفقات جيدة، موضحاً أن الأزمة سببت اختلال سلاسل التوريد العالمية وجداول الإبحار.
وأوضح أن ليس موانئ البحر الأحمر فقط التى شهدت تذبذباً، ولكن الموانئ المطلة على البحر المتوسط أيضاً؛ بسبب الحرب الأوكرانية التى ما زالت تؤثر على سلاسل الإمداد.
وبالحديث عن أبرز الإجراءات التى يجب اتباعها لتحسين أداء الموانئ المصرية، أكد «كامل»، أهمية وجود معدات تداول بتكنولوجيا متقدمة تتناسب مع المعدلات العالمية، موضحاً أن المعدل العالمى لتداول فى الموانئ العالمية تجاوز 40 حاوية فى الساعة، فى حين أن معدل التداول فى الموانئ المصرية من 20 إلى 25 حاوية فقط فى الساعة.
وأشار إلى ضرورة تدريب العنصر البشرى ورفع مهاراته ليستطيع التعامل مع المعدات الحديثة، بالإضافة إلى ضرورة وجود خطط للصيانة الوقائية والعلاجية للأرصفة بالموانئ المصرية؛ حتى لا تؤثر سلباً على أداء الموانئ.
وطالب الباحث فى شئون النقل الدولى واللوجستيات، بتخفيض معدلات الفائدة والإقراض تدريجياً، والذى تسبب فى عزوف المستثمر من الاستثمار وإيداع أمواله فى البنوك، وهو ما يخلق حالة كساد، مؤكداً أهمية تحويل الاقتصاد المصرى من خدمى إلى إنتاجى.
«على»: التجارة الخارجية حافظت على معدلات أداء الموانئ
وقال الدكتور محمد على، خبير اللوجستيات، مستشار وزير النقل السابق، مؤسس كلية النقل الدولى واللوجستيات بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحرى، إن معدلات أداء الموانئ المصرية لم تتأثر بشكل كبير كما حدث فى قناة السويس، إذ انخفضت إيرادات القناة، وفقاً لتصريحات الهيئة بنسبة تُقدر بـ60%، مرجعاً سبب عدم الانخفاض فى معدلات تداول الموانئ إلى نشاط حركة التجارة الخارجية.
وأضاف، أن تجارة الترانزيت شهدت تذبذباً فى بعض الموانئ المطلة على البحر الأحمر، خاصة ميناء السخنة، كما أنه لم يستطع تحقيق معدلات التداول المستهدفة فى ظل خطة الدولة لتحويل مصر لمركز عالمى تجارة الترانزيت؛ نتيجة التوترات الحالية التى تشهدها منطقة البحرالأحمر.
الوزير: موانئ البحرين الأحمر والمتوسط تستطيع استقبال مليون راكب سنويًا
وطالب «على»، المجتمع الدولى بضرورة وقف الحرب على غزة لإعادة التوازن فى المنطقة والحفاظ على حجم التجارة العالمية؛ لأنه لا يمكن تحقيق ذلك فى ظل وجود حروب فى المنطقة.
ويرى، أن عمليات التطوير التى تقوم بها الدولة فى الموانئ المصرية، تُسهم فى تقليل حدة التأثير من التداعيات السلبية لأزمة البحر الأحمر، لكن ما زال لا يوجد محطات لم تدخل الخدمة بشكل كامل، موضحاً أن عمليات تطوير البنية التحتية الموانئ المصرية تعد خطوة جيدة، لكنها بحاجة إلى ترتيب البنية الفوقية الموانئ وتحويل الموانئ المصرية إلى موانئ ذكية لمواكبة حركة التطور فى منظومة النقل البحرى.
«الشامى»: ميناء سفاجا الأقل تأثراً بالأحداث الحالية
وأكد الدكتور أحمد الشامى، خبير اقتصاديات النقل البحرى ودراسات الجدوى، أن التوترات الحالية فى منطقة البحر الأحمر أثرت على نشاط أداء جميع الموانئ المصرية حتى الموانئ المطلة على البحر المتوسط، مرجعاً سبب تأثير موانئ البحر المتوسط من الأزمة الحالية إلى توقف عمليات الخطوط الملاحية المارة من اتجاه البحر الأحمر عبوراً بقناة السويس ثم تتجه إلى البحر المتوسط.
وأضاف، أنه بالرغم من توقف عدد من عمليات لبعض الخطوط الملاحية المترددة على ميناء الإسكندرية والتى تمر من خلال قناة السويس، فإن يوجد خطوط ملاحية منتظمة التردد على الميناء، وهو ما خلق حالة توازن بالموانئ المطلة على البحر المتوسط.
وذكر أن ميناء سفاجا أقل تأثراً بالأحداث الحالية؛ نظراً إلى ارتباطه بمسارات مختلفة عن الموانئ المطلة على البحر الأحمر مثل ميناءى العين السخنة والسويس، موضحاً أن الأزمة الحالية تعد حدثاً استثنائياً، ومن الصعب توقع معدلات أداء الموانئ المصرية فى الفترة المقبلة، وفقاً لحدث استثنائى.
وتابع، أن تأثير أزمة البحر الأحمر على معدلات أداء الموانئ المصرية غير ملحوظ فى الوقت الحالى، كما أن مقارنة إيرادات الموانئ المصرية خلال العام الحالى بالعام الماضى غير عادلة، بعد ارتفاع سعر الدولار 47 جنيهاً خلال العام الحالى مقارنة بـ30 جنيهاً الفترة نفسها من العام الماضى.
نموا قويا فى تداول الحاويات بميناء الإسكندرية
وكشف التقرير الإحصائى المالى الصادر عن ميناء الإسكندرية (المتحكم فى دخول وخروج نحو 60% من البضائع المصرية) عن شهور يناير وفبراير ومارس وإبريل، أن إجمالى حركة تداول الحاويات سجل نمواً، مقارنة بالفترة المثيلة لها من العام الماضى.
وأوضح التقرير، أن ميناء الإسكندرية سجل فى يناير 2024 ارتفاعاً فى أعداد السفن بعدد 62 سفينة بنسبة نمو تُقدر بـ%19 عن العام السابق فيما عدا السفن ذات الطبيعة الخاصة؛ حيث انخفضت بنسبة %30.
وأرجع سبب الارتفاع إلى انخفاض متوسط زمن بقاء السفن على الرصيف، ما أسهم فى سرعة التداول بالميناء، بالإضافة إلى استغلال الأرصفة ذات الغاطس العميق فى تدوير السفن ذات الحمولات الكبيرة، واعتماد بعض العملاء مع الميناء على السفن ذات الحمولات الكبيرة، الأمر الذى أدى إلى زيادة أعداد السفن وزيادة أوزان البضائع.
وأضاف التقرير الإحصائى لميناء الإسكندرية، أن شهر فبراير شهد نمواً فى أعداد السفن بنسبة تصل 55% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضى، بعدد 156، بينما انخفضت سفن السياحة بنسبة %100.
وشهد إجمالى حجم الحاويات ارتفاعاً خلال شهر فبراير 2024، مقارنة بالفترة المثيلة لها من العام الماضى بنسبة 60%، كما سجل الميناء زيادة فى إجمالى أوزان الحاويات بنسبة %9، على الرغم من انخفاض الوارد لها بنسبة %6.
وذكر التقرير، أن شهر مارس من العام الحالى شهد ارتفاعاً فى أعداد السفن بنسبة 13% بعدد 51 سفينة، فيما عدا سفن الصب الجاف التى شهدت انخفاضاً بنسبة 4%، كما سجل إجمالى حجم الحاويات بالميناء نمواً بنسبة تصل 43% مقارنة بالفترة المثيلة لها من العام الماضى، 19% زيادة فى إجمالى أوزان الحاويات.
وارتفع إجمالى متداول البضائع العامة فى شهر مارس 2024 بنسبة 6%، والصب الجاف 30% نتيجة ارتفاع واردات الحبوب، وارتفع إجمالى متداول الصب السائل بنسبة 56%؛ نتيجة الارتفاع فى وارد المنتجات البترولية بنسبة %36.
وأشار التقرير إلى أن شهر أبريل شهد ارتفاعاً فى السفن المترددة على الميناء بنسبة تُقدر بـ23% بعدد 78 سفينة، بينما انخفضت حركة سياحة بالميناء بنسبة 83%، ومن ثم انخفاض عدد الركاب أيضا بنسبة %84.
وبلغ إجمالى حجم الحاويات الترانزيت نمواً بنسبة 35% خلال تلك الفترة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضى، ومن ثم زيادة أوزان الحاويات بنسبة 26%.
وسجل ميناء الإسكندرية خلال شهر أبريل ارتفاعاً فى تداول البضائع العامة بنسبة 2%، نتيجة ارتفاع وارد البضاعة العامة التقليدية بنسبة 15%، كما سجل الميناء ارتفاعاً فى تداول الصب الجاف بنسبة 14%، و56% فى واردات الحبوب.