تشهد الساحة الاقتصادية مؤخرًا اتجاهًا ملحوظًا من قبل العديد من الشركات لإعادة هيكلة الديون الخاصة بها، وذلك فى ظل التطورات السياسات النقدية والمالية الأخيرة.
تأتى الخطوة مدفوعة بارتفاع أسعار الفائدة بشكل ملحوظ خلال الفترة الماضية، مما أدى إلى زيادة تكاليف الاقتراض على الشركات.
ومن خلال إعادة هيكلة الديون يمكن تخفيف عبء الدين من خلال خفض الأقساط الشهرية أو تمديد فترات السداد، مما يُتيح للشركات تحسين قدرتها على الإدارة المالية وتحقيق أرباح أفضل، وتحسين السيولة وتعزيز القدرة على المنافسة، فتخفيف عبء الدين يُمكن الشركات من التركيز على أعمالها الأساسية وتحسين كفاءتها الإنتاجية، مما يُعزز قدرتها على المنافسة فى السوق.
ويرى المحللون أن تحويل القروض من الدولار إلى الجنيه، وهيكلة آجال القروض مع سداد مصروفات الفائدة، الحلول المثلى للحفاظ على رافعة مالية جيدة للشركات.
ومن بين أبرز الشركات التى لجأت لعملية هيكلة ديونها مؤخرًا فى سوق المال شركة القلعة القابضة للاستثمارات المالية والتى انتهجت عدة أساليب من بينها بيع مديونياتها أو تسوية المديونيات مقابل الأصول.
ووفقاً لـ أشرف نسيم، المدير المالى لمجموعة أوراسكوم للتنمية مصر، فالشركة تدرس تبنيى خططا للسداد المعجل للديون لـ”مكادى هايتس” فيما ستقوم بتسديد 100 مليون جنيه من المديونيات خلال العام الجارى، ولكن لن تكون هناك خطة للسداد المعجل لصالح “أوراسكوم القابضة” فى الوقت الحالى.
ووفقًا للقوائم المالية المجمعة تبلغ قيمة محفظة القروض لدى الشركة نحو 10.5 مليار جنيه من القروض طويلة الأجل منها 1.4 مليار جنيه للشركة الأم و9.1 مليار جنيه قروضا للغير، تعد غالبيتها بالدولار وخاصة تسهيل بنكى لإعادة تمويل القروض المستحقة حصلت عليه الشركة فى 2020 على شريحتين، الأولى بما يعادل 265 مليون دولار مكون من عملات مختلفة وبأسعار فائدة 4.25% للدولار فوق سعر السوفر “SOFR”، و4.75% لليورو فوق سعر اليوروبور، و1.25% للجنيه فوق الكوريدور، بينما الشريحة الثانية بالجنيه بفائدة 8%.
الألفى: الاقتراض بفائدة متغيرة يعطى ميزة للاستفادة من خفض أسعار الفائدة فى المستقبل
ويقترح عمرو الألفى، رئيس استراتيجيات الأسهم بشركة ثاندر لتداول الأوراق المالية، عدة خيارات لإعادة هيكلة ديون الشركات مثل الاقتراض بفائدة متغيرة حيث يمكن للشركات الاقتراض بفائدة متغيرة للاستفادة من انخفاض أسعار الفائدة فى المستقبل، أو تحويل جزء من الديون بالعملة المحلية إلى الدولار بشرط توافر موارد دولارية لدى الشركة لتسديد القروض، أو زيادة رأس المال لخفض نسبة الدين إلى حقوق الملكية وتحسين المركز المالى للشركة .
وحذر الألفى من اللجوء إلى السداد المُعجل إلا فى حالات خاصة، فقد يكون مكلفًا على الشركة ولا يُحقق بالضرورة فائدة كبيرة.
وقالت إيمان مرعى، رئيس القطاع الصناعى بشركة برايم لتداول الأوراق المالية، إن الشركات تلجأ لإعادة هيكلة ديونها عن طريق إعادة جدولة ديونها قصيرة الأجل وتحويلها إلى طويلة الأجل لتخفيف أعباء المصاريف التمويلية كما هو الحال فى الأسلوب الذى اتخذته شركة المصرية للاتصالات فى جدولة قروضها.
وأضافت مرعى، أن بعض أساليب إعادة هيكلة الديون المتبعة من الشركات والمؤسسات المالية الكبرى تتمثل فى الحصول على قروض ميسرة أو بتكلفة تمويلية صغيرة.
وخلال العام الحالى، رفع البنك المركزى المصرى أسعار الفائدة بنحو 8%، منها 2% فى فبراير الماضى و 6% خلال مارس ليصل سعر الفائدة إلى مستوى قياسى 27.25% للإيداع و28.25% للإقراض بهدف الحد من وتيرة ارتفاع معدلات التضخم الناجم من تحرير سعر الصرف.
عبدالنبى: تحويل القروض الدولارية للعملة المحلية أو هيكلة آجال القروض أنسب الحلول
وقال أحمد عبد النبى رئيس قسم البحوث بشركة مباشر لتداول الأوراق المالية، إن من أنسب الطرق التى يمكن أن تتبعها الشركات لإعادة هيكلة قروضها هى تحويل القروض الدولارية إلى العملة المحلية إن أمكن، معللاً ذلك بأنه عند حدوث أى خفض لقيمة لجنيه فالشركات التى تمتلك حجم كبير من القروض الدولارية هى الأكثر تضرراً.
وأضاف أن الشركات يمكن أن تتجه لإعادة هيكلة الديون من حيث الآجال عبر تحويل القرض طويل الأجل ذو الفائدة المرتفعة إلى قرض قصير الأجل ذو فائدة منخفضة، وهو ما يقوم به الكثير من الشركات فهو معتاد بالنسبة للإدارات المالية لتجنب المخاطر.
وأشار عبد النبى إلى تأثير رفع سعر الفائدة السلبى على أرباح الشركات، فرفع سعر الفائدة يؤدى إلى ارتفاع حجم المدفوعات على الفوائد بميزانية الشركة مما يؤدى إلى خفض قيمة الأرباح، وبالتالى التاثير على الرافعة المالية.