تحظى الأسواق الناشئة بكثير من التوقعات .. لكنها تميل بشكل رهيب إلى الشعور بخيبة أمل، إذ سجلت العوائد الصافية في العام الماضي نسبة 12.4%، وهي نصف تلك التي سجلها السوق الأوسع كما يقيسها مؤشر “إم إس سي آي” التابع لجميع دول العالم.
وبالعودة إلى عقد، تشكل العوائد السنوية البالغة 2.7% ثلث عوائد مؤشر “إم إس سي آي” التابع لجميع دول العالم.
عادةً ما تميل الأعوام السيئة على مستوى العالم إلى أن تكون أكثر سوءًا في العالم النامي، فيما تكون الأعوام الجيدة، المسجلة في العقد الماضي تقريبًا، أقل جودة.
وهذه الأسواق، التي هي بطبيعتها أكثر تقلبًا، تقع تحت رحمة عملية صنع السياسات العالمية وتدفقات رأس المال، وفقًا لما ذكرته صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية.
وبالتالي فإن قوة الدولار الأمريكي تعني أن المستثمرين الأمريكيين والأوروبيين لا يحتاجون إلى البحث بعيداً عن العائدات، كما تضاءلت التدفقات الوافدة وارتفعت تكلفة السلع والخدمات المستوردة.
ويقدر صندوق النقد الدولي أن ارتفاع قيمة الدولار بنسبة 10% يؤدي إلى انخفاض الناتج الاقتصادي في الأسواق الناشئة بنسبة 1.9% بعد عام واحد، ويستمر في إحداث تأثير لبضعة أعوام.
وتشهد الأسواق اضطرابات أخرى بسبب تفكيك العولمة، وانهيار سلاسل التوريد الممتدة عبر آسيا وأمريكا اللاتينية، وخفض التبادل التجاري.
وتشير الحالة المزاجية في واشنطن، بما في ذلك فرض حظر على بعض صادرات التكنولوجيا إلى الصين، والرسوم الجمركية التي فُرضت مؤخراً على سياراتها الكهربائية، إلى حدوث تغيير طفيف في هذا الصدد.
انخفضت التجارة العام الماضي بنسبة 3% إلى 31 تريليون دولار، أو 5% في حالة السلع، وفقًا للأمم المتحدة.
وتحاول المكسيك استبدال الصين لتصبح أكبر مصدر للسلع في عدة أماكن من بينها الولايات المتحدة، فيما تحاول الولايات المتحدة فعل ذلك لكن في ألمانيا.
يمكن لتفاصيل الدولة أن تفسد المجموعة، خاصة عندما تكون الدولة المعنية هي الصين التي تمثل ما يقرب من ربع مؤشر “إم إس سي آي” للأسواق الناشئة.
وتراجعت قصة النمو الملحمية للصين، والتي كانت تعتمد دائمًا بشكل كبير على الاستثمار والعقارات، مع تباطؤ سوق العقارات في عام 2021.
فر المستثمرون، الذين كانوا بالفعل يشعرون بالذعر من تدخل بكين الواضح في قطاع التكنولوجيا.
وجدير بالذكر أن مؤشر “إم إس سي آي” للصين يظل تقريبًا عند نصف ذروته المسجلة في عام 2021.
لكن الصين أطلقت الشهر الماضي حزمة إنقاذ ضئيلة لسوق العقارات، خاصة مع حملة خفض أسعار الفائدة التي تلوح في الأفق لدى كل من الولايات المتحدة وأوروبا، كما تتجه أرباح الأسواق الناشئة نحو الارتفاع حيث يُتوقع أن تسجل 18% خلال العام الجاري و 15% خلال العام المقبل.
يمكن أن يتجاهل أصحاب التوجهات الفلسفية التحولات الأكثر جوهرية، مثل إعادة توصيل سلاسل التوريد، علمًا بأن عملية إعادة الإنتاج لا تقتصر على المصانع في الولايات المتحدة فقط.
وثمة مستفيدون آسيويون مثل فيتنام وماليزيا والهند من خلال خطط الحوافز المرتبطة بالإنتاج.
وبالنسبة للصين نفسها، فإن الوجه الآخر لعملية نبذها هو زيادة الاكتفاء الذاتي.
الأمر الأكثر إيجابية هو تأثير الذكاء الاصطناعي على شركات صناعة الرقائق، فشركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات، وهي الشركة الأكبر في العالم، تقع في تايوان، بجانب أن شركتي “سامسونج” و “إس كيه هاينكس” تقعان في كوريا الجنوبية، وسيشكل الثلاثي 14% من مؤشر “إم إس سي آي” للأسواق الناشئة.
كما تشهد أسهم شركة “تينسنت”، ثاني أكبر مكون بعد شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات، ارتفاعًا، خاصة بعد أن كشف عملاق وسائل التواصل الاجتماعي الصيني عن نموذجه اللغوي الكبير في سبتمبر الماضي.
شهد العالم كثيرًا من الانتخابات، بما في ذلك انتخابات الهند والتي تعد الأكبر من نوعها، وهذا يزيل مجموعة واحدة من حالات عدم اليقين، على الرغم من أن اختيار الأمريكيين في صناديق الاقتراع سيكون له تأثير كبير على هذه البلدان أيضا.
وبطبيعة الحال، كانت الأسواق الناشئة بطبيعتها تدور دائماً حول الإمكانات.
وفي الواقع، عندما تحقق الأسواق نتائج جيدة- كما فعلت الهند في العام الماضي- يميل المستثمرون إلى الشكوى من التقييمات المرتفعة.
ومع ذلك، لا يزال هناك ما يكفي من البريق لتقديم نظرة جديدة لأولئك الذين يتمتعون بقدرة قوية على تحمل المخاطرة.