تعرضت أكبر سوق للسندات في العالم لضربة قوية، حيث قام المتداولون بتقييم التداعيات الاقتصادية المحتملة للانتخابات الأمريكية في نوفمبر، بعد المناظرة الرئاسية التي جرت الأسبوع الماضي بين جو بايدن ودونالد ترمب.
في حين يقول العديد من المتداولين إنه ربما يكون من السابق لأوانه البدء في تحديد مراكز أو قراءة الكثير من عناوين الانتخابات، إلا أن وول ستريت تراقب الأخبار المتعلقة بالسباق الرئاسي.
وكما حدث يوم الجمعة، انخفضت السندات الأمريكية، إذ كان أداء آجال الاستحقاق الأطول أقل بكثير من أداء آجال الاستحقاق الأقصر. ارتفعت الأسهم بشكل طفيف، وسط صعود في أسهم شركات التكنولوجيا العملاقة، كما ارتفع الدولار مقابل معظم العملات الرئيسية.
وذكرت “بلومبرج نيوز” أن اللجنة الوطنية الديمقراطية تدرس ترشيح بايدن رسمياً في وقت مبكر من منتصف يوليو، لضمان تواجد الرئيس في المعركة الانتخابية في نوفمبر. وقضت المحكمة العليا المنقسمة، بأن ترمب يتمتع ببعض الحصانة من التهم الجنائية لمحاولته عكس نتائج انتخابات 2020، وكل ذلك يضمن عدم إجراء المحاكمة قبل انتخابات نوفمبر.
حدث كبير في السوق
مع استمرار استقرار تداعيات المناظرة الرئاسية، يتطلع المستثمرون إلى الانتخابات الأمريكية باعتبارها حدثاً كبيراً محتملاً في السوق، نظراً لأن فرص ترمب في استعادة البيت الأبيض تحسنت بشكل كبير، وفق إيان لينغن وفيل هارتمان من “بي إم أو كابيتال ماركيتس” (BMO Capital Markets).
وقال خوسيه توريس من شركة “إنتر أكتيف بروكيرز” (Interactive Brokers) إنه “خلال المناظرة الرئاسية التي جرت الأسبوع الماضي، لم يقترح أي من المرشحين سياسات من شأنها تقليل العجز المالي في البلاد، والذي أصبح غير مستدام”. وفي الوقت نفسه، فإن المشهد السياسي غير مؤكد إلى حد كبير، إذ يدعو أعضاء ووسائل الإعلام ومختلف الديمقراطيين بايدن إلى التنحي عن السباق إلى البيت الأبيض، بعد الأداء الضعيف في المناظرة.
ارتفعت عوائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات بمقدار ثماني نقاط أساس إلى 4.48%. ويحوم مؤشر “إس آند بي 500” قرب 5470 نقطة.
قفز سهم شركة “تسلا” حوالي 7%، في حين صعدت أسهم “شوي إنك” (Chewy Inc) بعدما كشف كيث غيل، أو “رورينغ كيتي” كما يعرف على شبكة الإنترنت، امتلاكه حصة خاملة في شركة بيع منتجات الحيوانات الأليفة عبر الإنترنت. تمت مقاضاة غيل بتهمة تنظيم مخطط “الضخ والتفريغ” الذي يتضمن أسهم شركة “غايم ستوب” (GameStop Corp).
ارتفع اليورو بعد أن أشارت نتائج الانتخابات الفرنسية إلى وجود احتمال أقل لسياسات متطرفة قادمة من أقصى اليمين.
إعادة تقييم الافتراضات
“بغض النظر عمن سيفوز في نوفمبر، فإننا نعلم أن الوضع المالي في الولايات المتحدة سوف يزداد سوءاً، خاصة إذا ظل الإنفاق الفيدرالي الحالي كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 23% إلى 24%، وهو أعلى بكثير من الاتجاه التاريخي البالغ حوالي 20%”، وفق بيتر بوكفار من “بوك ريبورت” (Boock Report).
بعد المناظرة الرئاسية التي جرت الأسبوع الماضي والتي غيرت احتمالات فوز ترمب على بايدن، يعيد ماثيو هورنباخ وجونيت دينغرا، الاستراتيجيان في “مورغان ستانلي”، تقييم افتراضاتهما قبل الانتخابات.
وكتبا في مذكرة أن “القضية الرئيسية تتمثل في أن السوق بحاجة لأن تتعامل مع الاحتمالات المتزايدة للتغيرات في سياسات الهجرة والرسوم الجمركية، في ظل اقتصاد يتباطأ فيه النمو بالفعل، مما يجعل السوق أكثر عرضة لتسعير المزيد من التخفيضات في أسعار الفائدة”. وأضافا أنه “من ناحية أخرى، فإن ارتفاع احتمالات اكتساح الجمهوريين، وسط التركيز المتزايد على العجز، يمكن أن يضع ضغوطاً تصاعدية على العلاوات طويلة الأجل”.
من جهته، اعتبر جورج كول من “جولدمان ساكس” أنه “في حين أن سوق أسعار الفائدة لا تزال تتداول المخاطر المتزايدة المتمثلة في فوز الجمهوريين، مع تحيز حاد في الوقت الحالي، فإننا نرى مجالاً لتحول التركيز نحو المخاطر الناشئة عن السياسة التجارية (حيث من المرجح أن يكون التمايز بين النتائج أكبر) مع اقتراب الانتخابات”.
صمود الدولار في النصف الثاني
كتب استراتيجيون في بنك “جيه بي مورجان تشيس” بقيادة ميرا تشاندان، أن الدولار يجب أن يظل مرتفعاً في النصف الثاني من العام، نتيجة تحسن عائد سندات الخزانة، وقوة النمو الأمريكي، ومخاطر انتخابات نوفمبر.
وأشاروا إلى أن السياسات المالية الداعمة للنمو يجب أن تكون إيجابية أيضاً للدولار على المدى القريب، على الرغم من آثار العجز على المدى المتوسط.
في هذه الأثناء، يقول استراتيجيو الأسهم في بنك “مورجان ستانلي” بقيادة مايكل ويلسون، إن المستثمرين “يجب أن يظلوا انتقائيين”، وأن يحافظوا على انحيازهم نحو الأسهم الأمريكية عالية الجودة، مع اقتراب موسم الانتخابات، خصوصاً أن هذه الشركات تتمتع بأرباح أكثر استقراراً، وميزانيات عمومية أقوى، وهوامش أعلى.
وكتبوا أن “المخاطر تميل نحو الجانب السلبي بالنسبة للنمو في ظل سيناريوهات فوز الجمهوريين، ويرجع ذلك جزئياً إلى إصلاحات الهجرة والرسوم الجمركية”.
ومع التركيز أيضاً على التضخم والاستدامة المالية، فإن مثل هذه الديناميكيات “من المرجح أن تكون رياحاً معاكسة للجودة المنخفضة، والمكانة الدورية للسوق والشركات الصغيرة في هذا السيناريو”.
تواجه الشركات الأمريكية أعلى عتبة للأرباح منذ ما يقرب من ثلاث سنوات، بينما تستعد للإبلاغ عن نتائج الربع الثاني، وفقاً لاستراتيجيي مجموعة “جولدمان ساكس” بقيادة ديفيد كوستين.
وقال كوستين: “من المرجح أن يتضاءل حجم التفوق في ربحية السهم، حيث حددت التوقعات المتفق عليها مستوى أعلى مما كانت عليه في الأرباع السابقة”. وأضاف: “نتوقع أن تكون مكافأة الأداء المتفوق للأسهم التي تفوق التقديرات، أقل من المتوسط مرة أخرى في هذا الربع”.