انخفضت نسبة القروض المقدمة للقطاع الخاص إلى إجمالى القروض الممنوحة للعملاء نهاية الربع الأول للعام الحالى بشكل ملحوظ حيث بلغت 46.2%، وفقا لمؤشرات السلامة المالية للبنوك بخلاف البنك المركزى، والتى نشرها البنك المركزى، وهى المرة الأولى التى تقل فيها عن النسبة 50% منذ فترة طويلة.
قال أشرف القاضى، رئيس بنك المصرف المتحد، إن أحد الأسباب الرئيسية يتمثل فى الارتفاع الكبير لسعر الفائدة، حيث تحجم الشركات عن القروض فى ظل هذه الأسعار المرتفعة، وفى حالة وجود السيولة لدى الشركات فإنها تفضل عدم الاقتراض، وتميل الى سداد القروض القديمة فقط، حتى لا تتأثر الربحية.
وأضاف أن ارتفاع سعر الفائدة يؤدى الى تباطؤ الاقتصاد وهو الوضع الحالى، وأن الاحتياجات الأساسية للسوق المصرى الضخم تدفع حركة الاقتصاد وتمنع من الوقوع فى مرحلة الانكماش والركود.
وقال رئيس قطاع القروض المشتركة فى أحد البنوك الخليجية فى مصر، إن معظم المقترضين بالعملة المحلية سعوا لسداد قروضهم فى نهاية 2023 مع تطور السوق الموازية لتجنب خسائر العملة التى قد يتعرضوا لها، وأحجموا بشكل كبير عن الاقتراض فى ظل عدم الحاجة لها مع تعطل الخطط التوسعية فى سوق متباطئ.
وتوقع نمو القروض خلال الفترة المقبلة خاصة فى القطاع العقارى وقطاع الطاقة الجديدة والمتجددة مع دخول لاعبين جدد فى السوق المصرى.
متولى: زيادة مخاطر القطاع الخاص وارتفاع اقتراض الحكومة السبب
ويرى على متولى، محلل مخاطر اقتصادية وتجارية مقيم فى لندن، أن هذا الانخفاض يشير إلى تحول فى سلوك الإقراض للبنوك المصرية، وأرجعه إلى عدة عوامل، منها الظروف الاقتصادية، ففى حالة تباطؤ النمو والركود، يؤدى الى تقليص الطلب على الاقتراض من جانب القطاع الخاص.
أضاف أن السياسة النقدية المتشددة وارتفاع أسعار الفائدة يؤدى الى زيادة تكلفة الاقتراض ما يزيد من تثبيط المستثمرين والقطاع الخاص عن الاقتراض إلا فى الظروف الطارئة.
75.25 مليار جنيه محفظة قروض البنك الزراعى بنهاية يونيو الماضى
ونوه إلى أن ارتفاع مخاطر الإقراض من جانب البنوك للقطاع الخاص فى الوقت الحالى يدفع البنوك للتوجه الى الاستثمارات الأكثر أمانًا مثل القروض الحكومية وقروض القطاع العام، وكذلك التغييرات التنظيمية تحفز البنوك على إقراض القطاع العام بدلاً من الخاص، خصوصًا فى الأوقات التى ترتفع فيها مخاطر إقراض القطاع الخاص.
أشار إلى أن ذلك بالتزامن مع ارتفاع مزاحمة وزارة المالية للاقتراض من البنك المركزى أو البنوك.
زهير: خفض الفائدة تدريجيًا يحفز استئناف خطط الشركات التوسعية
واتفقت آية زهير، رئيس قسم البحوث بشركة زيلا كابيتال، أن السبب الرئيسى لتراجع نسبة القروض للقطاع الخاص هو ارتفاع أسعار الفائدة والتى بدورها تؤدى إلى ارتفاع تكلفة التمويل لدى الشركات مما ينعكس بالسلب على معدلات الملاءة المالية لبعض الشركات،.
وقالت إن بعض الشركات تتجه إلى تأجيل الخطط التوسعية فى ظل وجود معدلات فائدة مرتفعة كما هو الحال فى الفترة الحالية ف حاليا نشهد أعلى معدلات للفائدة فى تاريخ الاقتصاد المصرى منذ عام 1992 الذى شهد معدل فائدة على الإقراض 20% تقريبا.
ورفع البنك المركزى سعر الفائدة 8% خلال العام الجارى فى فبراير 2% ومارس 6%، ووصلت إلى 27.25% للإيداع و28.25% للإقراض، بهدف كبح جماح التضخم الناتج عن التعويم.
وأشار البنك المركزى فى بيانه لزيادة سعر الفائدة فى مارس الماضى إلى “أنه يدرك أن التقييد النقدى يمكن أن يؤدى إلى تراجع الائتمان الحقيقى الممنوح للقطاع الخاص على المدى القصير، إلا أن ارتفاع الضغوط التضخمية يشكل خطراً أكبر على استقرار وتنافسية القطاع الخاص”.
وحتى تعود القروض المقدمة للقطاع الخاص الى معدلاتها الطبيعية، أو تخطيها نسبة 50% من إجمالى القروض، يرى “القاضي” أنها مرتبطة بانخفاض أسعار الفائدة، وتتأثر بالتدفقات الدولارية من حيث انخفاض الطلب على الدولار وزيادة الاستثمارات الأجنبية، بالاضافة الى تحسن الاقتصاد ومعالجة مشاكله الهيكلية.
فى حين يرى “متولي” أن تحقيق ذلك يكون من خلال تحفيز اقتصادى تقدمه الحكومة مثل مشاريع البنية التحتية والحوافز الضريبية وتعزيز نشاط القطاع الخاص، بالاضافة إلى التيسير النقدى وانخفاض أسعار الفائدة يجعل الاقتراض فى متناول القطاع الخاص.
وقال إن الاستمرار فى إصلاحات القطاع المالى وتحسين أنظمة المعلومات الائتمانية والأطر القانونية لاسترداد القروض يخلق بيئة أكثر ملاءمة لإقراض القطاع الخاص، مع وجود برامج الإقراض المستهدفة مثل التسهيلات الخاصة للشركات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة.
وعن الفترة القادمة توقعت “زهير” اتجاه السياسات النقدية إلى خفض معدلات الفائدة تدريجيًا مع انخفاض معدلات التضخم ما قد يشجع المستثمرين على استئناف خططهم التوسعية و ارتفاع نسب الاقتراض نتيجة لتمويل الخطط التوسعية.
سليم: نبحث تمويل مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة التى تلقت استثمارات ضخمة
وقالت كارلا سليم، الخبيرة الاقتصادية فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى “ستاندرد تشارترد”، إن البنك الذى بدأ عملياته فى مصر مؤخرًا، ينظر بعين الاعتبار لفرص التمويل فى قطاع الطاقة الجديدة والمتجددة مع وجود مشروعات تتجاوز قيمتها 45 مليارات دولار.
وأشارت على هامش مؤتمر عقده البنك فى مصر، إلى أنهم سيركزون على تمويل الشركات وتقديم الخدمات الاستشارية لهم ومساعدتهم على التوسع.