أوصت منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية مصر بتخفيف آثار التغير المناخى عبر العمل تدريجياً نحو تحديد أهداف أكثر طموحاً لخفض الانبعاثات فى مختلف القطاعات.
وذكرت فى تقرير مراجعة الاقتصاد الأخضر أن تعميم المناخ فى مختلف القطاعات يتطلب مزيج من السياسات مثل تخطيط الميزانية، ووضع آليات تعتمد على ضبط السوق.
ونوهت إلى أن تحسين القدرة على رصد غازات الدفيئة والإبلاغ عنها وتطوير مراقبة بيئية ومناخية موحدة على المستوى الوطنى عبر توسيع قدرات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، وجهاز شئون البيئة، والمؤسسات الأخرى ذات الصلة؛ وتطوير أدوات الرصد القطاعي؛ والنظر في إنشاء هيئة علمية مستقلة من خبراء المناخ.
وقالت إنه على صعيد التكيف مع المناخ، يجب تطوير تقييمات محلية لمخاطر المناخ والنظر فى أولويات التكيف فى أنظمة التخطيط المحلية وخطط التنمية عبر تعميم التكيف فى الاستراتيجيات وخطط العمل القطاعية، بما فى ذلك الميزانيات المخصصة لأولويات التكيف.
وأشارت إلى أنه يجب بناء القدرة الإدارية التى تمكن من الاستفادة بشكل أفضل من التمويل الدولى للمناخ والتنمية، بما فى ذلك على المستوى دون الوطني، وقالت إنه يجب صياغة استراتيجية متكاملة للحد من تلوث الهواء على المستوى الوطني، بما فى ذلك الأهداف المحددة زمنياً.
ولفتت إلى أنه يجب مواصلة تطوير إطار تنظيمى قوى وآليات تمويل مع حوافز واضحة لتحفيز القطاع الخاص، بجانب الاستثمار فى نشر مصادر الطاقة المتجددة؛ وإيقاف تشغيل المحطات الحرارية غير الفعالة والسعى إلى إزالة الكربون منها وفق جدول زمنى مخطط له.
البنك الدولى: 1.8 مليار دولار سنويًا تكلفة التغير المناخى على مصر حتى 2030
وأوصى تقرير المنظمة عن مصر بجعل عمليات رصد الانبعاثات من الطاقة إلزامية لكبار مستهلكى الكهرباء والغاز والمنتجات البترولية وتطويرها على مستوى القطاع، مع وضع إطار موحد للرصد والإبلاغ؛ وتحديد حد أدنى من معايير أداء الطاقة للمعدات الصناعية.
وقالت إن مصر عليها صياغة استراتيجية وطنية متكاملة للتنقل، وتقييم التقدم المحرز بانتظام من خلال تقرير سنوى للتنقل المستدام، يغطى زيادة استخدام وسائل النقل العام وسائل النقل النشطة، والاستثمارات ذات الصلة، وأشارت إلى ضرورة وجود متطلبات إلزامية لجودة الوقود ومعايير انبعاثات المركبات.
وقالت إنه يجب توسيع نطاق تغطية المناطق المحمية البرية والبحرية لتعكس الأهداف الأكثر طموحا المتفق عليها فى بموجب اتفاقية الأمم المتحدة بشأن التنوع البيولوجي، لمتابعة خطط حماية الشعاب المرجانية فى البحر الأحمر والنظام البيئى الساحلى المحيط بها، ورصد وتقييم تأثير تدابير الحماية.
وقالت إنه يجب تعزيز مساهمة السياحة فى إدارة التنوع البيولوجى وتدابير الحفظ ذات الصلة مثل ضريبة السياحة، وزيادة رسوم الدخول للمناطق المحمية للأجانب، وإنفاذ القوانين واللوائح الحالية للحد من الآثار السلبية للسياحة على التنوع البيولوجي؛ ورصد تأثير الأنشطة الترفيهية على النظم البيئية الهشة، وخاصة فى المناطق الساحلية.
وأشارت إلى أن مصر لديها فرصة هائلة للتحول نحو نظام نقل منخفض الكربون.
وذكر أنه ويمكن تطوير جميع المدن الحضرية الجديدة بطريقة أكثر إحكامًا، ما يضمن سهولة الوصول إلى خطوط النقل، بما فى ذلك شبكة من الطرق الآمنة للمشى وركوب الدراجات لمنع الاعتماد على السيارات.
وأشارت إلى تزايد الانبعاثات المرتبطة بالنقل بسرعة على مدى العقد الماضي، ويعكس هذا النمو تزايد عدد السكان والزحف العمرانى الذى أدى إلى زيادة سريعة فى الطلب على التنقل.
وأكدت أن الحكومة يجب أن تفكر فى تشديد هدفها المتمثل فى خفض الانبعاثات فى قطاع النقل، مع مواصلة الجهود الرامية إلى توسيع نطاق خيارات النقل العام الشاملة والآمنة وبأسعار معقولة.
وقالت إنه يجب على الحكومة النظر فى اتخاذ تدابير لفرض معايير وقود الديزل فى القاهرة الكبرى وغيرها من المدن ذات الكثافة السكانية العالية، وأشارت إلى أنه ومن شأن إنشاء مناطق منخفضة الانبعاثات فى المناطق الحضرية المكتظة بالسكان أن يساعد فى الحد من تلوث الهواء.
ولفتت إلى أن ذلك سيتطلب اتخاذ المزيد من التدابير لزيادة عدد المركبات منخفضة الانبعاثات فى أسطول المركبات، وقالت إنه فى غياب إلغاء تسجيل المركبات، من المحتمل أن يكون عمر ربع جميع المركبات المتداولة أكثر من 30 عامًا.
وأشارت إلى أن صناعة السيارات الكهربائية العديد من التحديات المتعلقة بأزمة العملات الأجنبية فى البلاد، حيث يتم تقديم السيارات الكهربائية الجديدة بالدولار الأمريكى.
ولفتت إلى أن القدرة على تحمل التكاليف وغياب البنية التحتية الكافية للشحن تمثل عوائق رئيسية أخرى أمام تعزيز السيارات الكهربائية.
وأطلقت مصر أول سيارة كهربائية منتجة محليا فى فبراير 2023، وتخطط لحظر المبيعات الجديدة للمركبات ذات محركات الاحتراق الداخلى بحلول عام 2040.
وكما هو الحال فى الاقتصادات الناشئة الأخرى، فإن استخدام المركبات الكهربائية ذات العجلتين أو الثلاث عجلات وشبكة متماسكة من الحافلات الحضرية سيكون أكثر فعالية من حيث التكلفة.
معالجة النفايات
وقالت إنه يجب مواصلة الجهود لإنشاء نظام وطنى لجمع النفايات، بما فى ذلك فرز النفايات من المصدر، وإغلاق مقالب القمامة غير الرسمية.
وأشارت إلى الحاجة إلى رفع البنية التحتية لإدارة النفايات من خلال استخدام أقوى للأدوات الاقتصادية مثل الدفع عند الرمى وخطط المكافآت اللاحقة، وتطوير نظام وطنى لإدارة المعلومات والبيانات مزود بإحصائيات دقيقة عن مختلف مسارات النفايات وطرق المعالجة لرصد التقدم.
“فؤاد”: مواجهة تغير المناخ وتعزيز الاستثمارات على رأس أولويات وزارة البيئة
وتعتزم الحكومة تحويل 20% من النفايات المجمعة إلى طاقة بحلول عام 2026، ولتحقيق هذه الأهداف الطموحة، ستحتاج إلى زيادة الموارد المالية العامة بشكل كبير وتحفيز الاستثمار الخاص.
وبعيدًا عن تحديد الأهداف، ستحتاج الحكومة إلى زيادة تعزيز إطارها التنظيمي وتحسين قدرتها على التنفيذ، عبر جمع معلومات وبيانات أفضل عن النفايات لرصد التقدم المحرز نحو تحقيق الأهداف.
وقالت إن ملفات النفايات الموحدة على مستوى المحافظات قد تكون مفيدة، وفي الوقت نفسه، يمكن للمنصة الرقمية أن توفر الوصول إلى المعلومات الأساسية وتعزز التعلم المتبادل بين البلديات.
زراعة أكثر استدامة
أوصى التقرير بتقديم دعم أفضل للمزارعين، بما فى ذلك الحوافز الاقتصادية للاستثمار فى الحلول الذكية مناخيا والقائمة على الطبيعة.
وقال إن الزراعة يجب أن تصبح أكثر استدامة، خاصة مع الاتجاه العالمى لتقليل استخدام الأسمدة النيتروجينية في العالم فى حين وصل متوسط الاستخدام فى مصر 310 كيلو لكل هكتار، بما يؤثر سلبًا على نوعية التربة والمياه.
وأشارت إلى أنه بدلًا من دعم استخدام الأسمدة، من الأفضل أن تركز الحكومة على تحسين المعرفة والمهارات التي يمكن أن تساعد المزارعين على خفض استخدامها، بما في ذلك من خلال خدمات الإرشاد.
وأشارت إلى أنه مع امتلاك 85% من المزارعين ما لا يزيد متوسط عن 0.6 هكتار لكل وحدة، فإن تفتت الحيازات لايزال يشكل عائقًا أمام تعميم التقنيات الذكية مناخيًا.
وقالت إنه يمكن للجمعيات المستقلة لصغار المزارعين تقديم المشورة، وتبادل تكاليف الاستثمار، وخلق فرص اقتصادية جديدة على طول سلاسل التوريد، بجانب تحسين وتعزيز الوعي بالبذور الجيدة والأصناف الجديدة، فضلاً عن الوصول إلى الأصناف المقاومة للمناخ، وذلك، على سبيل المثال، من خلال تطبيقات الهاتف المحمول.
ندرة المياه
وقالت إن الاستخدام الأقوى للأدوات الاقتصادية يمكن أن يساعد فى معالجة مشكلة ندرة المياه في مصر.
وأشارت إلى أن عددًا من الهيئات الحكومية المختلفة تعالج قضايا المياه، ولا تزال الكثير من البيانات والمعلومات المتعلقة متناثرة عبر الهيئات الحكومية، ما يجعل من الصعب على الجمهور الوصول إليها.
وقالت إنه يمكن تحسين جودة المياه بشكل أكبر من خلال تطبيق مبدأ “الملوث يدفع”، لكن ذلك يتطلب تعزيز مراقبة الامتثال والإنفاذ، ولفتت إلى أنه على مدى العقد الماضي، انخفض التلوث في نهر النيل، بفضل زيادة السيطرة على مياه الصرف الصناعي وزيادة القدرة على إدارة مياه الصرف الصحى.
وارتفعت حصة مياه الصرف الصحي المعالجة من 50% إلى 74% بين عامي 2015 و2022، وهذا أفضل من العديد من البلدان الأخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
واستثمرت مصر في سلسلة من المشروعات الضخمة لتعزيز قدرتها على معالجة المياه وإعادة استخدامها مثل محطة معالجة بحر البقر، ومحطة غرب الدلتا الضبعة، ومحطة المحسمة. وفي الوقت نفسه، ستحتاج إلى تسريع استكمال حلول معالجة مياه الصرف الصحي في القرى.
الحوافز الضريبية لتشجيع الاستثمار الأخضر سلاح ذو حدين
وقالت منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية إنه يمكن إعطاء الأولوية للاستثمار الأخضر بشكل أفضل عند تقديم حوافز ضريبة الدخل للشركات لخفض تكاليف اعتماد التكنولوجيا الخضراء.
لكنها حذرت من أن ذلك قد يؤدى إلى ضياع عائدات ضريبية كبيرة وتشوهات اقتصادية، وقد يولد استثمارات محدودة ويكون زائدًا عن الحاجة إلى حد كبير خاصة إذا كان يمكن تنفيذ الاستثمارات التى تم دعمها بدون دعم.
وأشارت إلى أن اتقديم الحوافز لكل من القطاعات الخضراء وغير الخضراء في نفس السوق قد يضعف تفضيل الاستثمارات الخضراء.
وقالت إنه يمكن لمصر أن تعزز كفاءة استخدام الطاقة في القطاع الصناعي بطريقتين، الأولى، تطوير نظام موحد للرصد والإبلاغ، والثانى، أن تجعل اعتبارات كفاءة استخدام الطاقة إلزامية في مرحلة التصميم المبكر للمنشآت الصناعية الجديدة ومشاريع إعادة التأهيل الكبرى.
وكما هو موضح في استراتيجية قطاع النفط، فإن الحوافز الاقتصادية القوية، إلى جانب المكافآت، يمكن أن تجعل تدابير كفاءة استخدام الطاقة أكثر ربحية.
وحتى الشركات العامة ــ التي تهدف إلى تعظيم الإنتاج، وليس فعالية التكلفة ــ سوف تستفيد ماليًا.
التمويل الدولى
وقالت إن مصر تظل من الدول الرئيسية المتلقية للمساعدات الإنمائية الرسمية وإنه بين عامى 2020 و2023، تلقت في المتوسط 7.1 مليار دولار من المساعدة الإنمائية الرسمية لتنمية القطاع العام، لكن تم تخصيص 110 ملايين دولار سنويًا فقط حصريًا لحماية البيئة، وساهمت قطاعات أخرى، مثل الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة أو النقل العام، في تعزيز التحول الأخضر مع منافع بيئية مشتركة.