مع تجاوز خسائر البنك المركزى خلال الأشهر من مارس إلى مايو 171 مليار جنيه فى ظل سحبه لفائض السيولة بقيم كبيرة بعد تعديل آلية العملية الرئيسية، هل يلجأ البنك لسلاح الاحتياطى الإلزامى؟.
أوصى محمود أبو العيون محافظ البنك المركزى المصرى الأسبق، برفع نسبة الاحتياطى الإلزامى لامتصاص السيولة الفائضة لدى البنوك، وكذلك إعادة حساب مكوناته وفترة حساب نسبته.
وقال: “السيولة الفائضة لدى البنوك حائرة بين الاستثمار فى أذون وسندات ترفضها المالية ويقبلها المركزى أسبوعيًا فى ودائع السوق المفتوح، ما يكلف البنك المركزى خسائر سنوية كبيرة”.
والاحتياطى الإلزامى، هى نسبة محددة من إجمالى ودائع العملاء بالجهاز المصرفي يتم إيداعها لديه دون حصول البنوك على عائد مقابل الإيداع خلال 14 يومًا وهى فترة الاحتياطي الحالية.
وتلتزم البنوك بمتوسط نسبة الاحتياطى وتعمل على تعديلها كل 14 يومًا للتأكد من امتثالها للحد المنصوص عليه من البنك المركزى.
ورفع البنك المركزى المصرى، نسبة الاحتياطى الإلزامى فى سبتمبر 2022، إلى 18% بدلًا من 14%، فى خطوة قدًر رامى أبوالنجا، نائب المحافظ، حينها أنها ستمتص 600 مليار جنيه سيولة فائضة.
بعد تثبيت الفائدة.. هل تعيد البنوك تسعير العائد على الودائع؟
وقال آنذاك إن البنك المركزى لا يلجأ لها بشكل مستمر لأن أثرها النقدى فورى وعنيف على عكس الفائدة التى يستغرق انتقال أثرها من 6 إلى 9 أشهر.
وأيد طارق متولى، نائب رئيس مجلس إدارة بنك “بلوم” سابقًا، لجوء البنك المركزى لرفع الاحتياطى الإلزامى لكبح الضغوط التضخمية بدون ضغوط إضافية على ميزانيته، مشيرا إلى أن “المركزى” يملك العديد من السياسات التي يمكن اتخاذها في إطار كبح التضخم.
وقال إن البنوك ستحاول حماية ربحيتها عبر إعادة تسعير منتجاتها طبقًا للتكلفة، مشيرا إلى أن نتائج مثل هذا القرار، يتحملها المودع من خلال خفض البنك للفائدة على الإيداع، بما يحقق أرباحًا.
واستبعدت شيماء وجيه، مصرفية بأحد البنوك الخاصة، رفع البنك المركزى لنسب الاحتياطى الإلزامى لدى البنوك خلال الفترة المقبلة، حتى لا تتقلص التسهيلات الممنوحة من البنوك للعملاء ما يؤثر سلبًا على الاستثمار.
وبنهاية مارس الماضى انخفضت حصة قروض القطاع الخاص للقروض المصرفية لأقل من 50% للمرة الأولى منذ سنوات.
أوضحت أن استخدام أداة “الاحتياطى الإلزامى” الحل الأخير فى حال لم تؤثر أسعار الفائدة فى معدلات التضخم.
وقالت وجيه، إن قرار المركزى بتثبيت معدلات الفائدة على أسعار الكوريدور لم تظهر انعكاساته على السوق بعد ولا سيما معدل التضخم، ومن المستبعد توجه البنك لسياسة مختلفة في الوقت الحالى.
لماذا قرر البنك المركزي تثبيت سعر الفائدة؟
وقال نادر أشرف، المحلل المالى فى شركة النعيم القابضة، إن رفع الاحتياطى الالزامى ليس قرارًا سهلًأ، لأنه قد يكون من الصعب على “المركزى” الرجوع عنه حتى لو وصل التضخم إلى المعدل المستهدف عند مستوى من 5% إلى 9%، بينما قد يلجأ لرفع أسعار الفائدة إذا لزم الأمر.
وأضاف أشرف أنه حال رفع الاحتياطى الإلزامى، ستُخفض البنوك الفائدة على الشهادات لمحاولة الحد من ارتفاع تكلفة الأموال، وستركز على الودائع ذات التكلفة الأقل مثل الودائع تحت الطلب، قائلا إن البنوك ستحاول رفع الفائدة على الإقراض لكنها بالفعل مرتفعة والطلب متباطئ.
وتوقع على متولى محلل الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بإحدى شركات الاستشارات فى لندن، عدم اللجوء لأداء رفع الاحتياطى الإلزامى حاليًا، لأنه تم رفعه من مدة قريبة، كما أنه قرار له تبعات قوية على القطاع المصرفية.
وقال متولى، إن قرار زيادة الاحتياطى الإلزامى يُتخذ للضرورة القصوى فقط، وهو ما لا نحتاجه فى الوقت الحالى خاصة أنه إجراء صعب، لأنه يعنى أن البنوك ستضطر لتغيير أسعار الفائدة وحساب المخاطر الخاصة بها، موضحا أن قرار زيادة الاحتياطى الإلزامى، لا يُتخذ بشكل مفاجئ بل يتواصل البنك المركزى مُسبقًا مع البنوك.
ويرى بنك الاستثمار الأمريكى جولدمان ساكس أن سحب البنك المركزى للسيولة عبر العطاءات والتشديد المالى عبر التوقف عن منح القروض للهيئات العامة، ووضع سقف للسحب على المكشوف سيجعل التضخم على مسار التباطؤ، وتوقع انخفاضه دون 10% فى نهاية 2025 على أن يكون فبراير المقبل علامة فارقة بسبب أثر سنة الأساس.