لا يختلف أحد على أن أداء البنك المركزى فى إدارة السياسة النقدية والتعامل مع متغيرات سوق الصرف فى العامين الماضيين.. يختلف كثيرًا عما قبل هذه السنوات.. فالبنك المركزى بإدارته الحالية يتعامل باحترافية.. وكفاءة ملحوظة فى إدارة ملف سعر الصرف ومكافحة التضخم وإدارة الاحتياطى ولعل الأرقام الأخيرة الصادرة عن ارتفاع قيمة الاحتياطى من النقد الأجنبى إلى 46 مليار دولار وخفض الدين الخارجى لـ14 مليار دولار والسيطرة على سعر الصرف كل ذلك يؤكد أن هناك من يدير باحتراف السياسة النقدية فى البنك المركزى.
نعم غالبية ما حدث كان نتيجة لصفقة رأس الحكمة وما حققته من عوائد دولارية كان لها أكبر الأثر فى استقرار سعر الصرف وسداد جزء لا يستهان به من التزاماتنا الخارجية بل وأعطتنا قبلة الحياة للخروج مما كنا فيه من موقف اقتصادى غاية فى الصعوبة، ولكن يحسب للمركزى أنه استطاع استغلال أموال هذه الصفقة فى تحقيق استقرار ملحوظ فى سعر الصرف وزيادة الاحتياطى، وهى أمور كانت مطلوبة سواء فى مفاوضات صندوق النقد أو كجزء من حل الأزمة الاقتصادية.
حسين عبدربه يكتب: مطالب بجلاء الإنجليز عن الجنيه الذهب المصرى
وهذا يعنى أن السياسة النقدية تسير فى مسارها الصحيح ليس فقط على سوق الصرف أو الاحتياطى بل فى استهداف التضخم، ولعلنا نلاحظ ما يفعله المركزى من سحب للسيولة من السوق وإدارة سعر الفائدة.. نعم ما زال المشوار طويلا ونحتاج للمزيد من الجهد فى تعظيم مواردنا الدولارية وأهمها عودة تحويلات العاملين بالخارج بالقطاع المصرفى.
فى المقابل لا ننسى أن إدارة البنك المركزى السابقة تسببت بإدارتها فى كارثة سعر الصرف حينما أساءت استغلال الأموال الساخنة التى كانت موجودة بهدف تخفيض سعر الصرف وكان ذلك على حساب الاقتصاد القومى.. ومن هنا يبدو الفارق فى الاحترافية فى الإدارة، وبالطبع السياسة النقدية وحدها لا تكفى بل لابد من إدارة محترفة للسياسة المالية المسئولة عن إدارة وتشغيل قطاعات الاقتصاد من صناعة وزراعة وخدمات وجميعها فى حاجة لإصلاحات محفزة لإقامة المشروعات وأساليب تمويلها.
حسين عبدربه يكتب: بيان غرفة الإسكندرية.. وصفقات الانفراجة
والحكومة الجديدة يجب أن تدرك أن نجاح السياسة المالية أهم أولويات عملها بالعمل على تحسين بنية الاستثمار وحل مشاكل المصانع المتعثرة وإعداد خطة لزيادة الصادرات تقوم على توطين ما يمكن إنتاجه محليًا زراعة وصناعة بدلًا من استيراده.. ووقف تصدير الخامات.
والأهم أن يكون هناك تنسيق بين السياستين المالية والنقدية فهذا التنسيق من شأنه أن يدفع الاقتصاد للتحرك للأمام.. ولدينا أمل كبير فى أن ينجح وزير المالية الجديد وهو رجل أمضى سنوات فى هذه الوزارات ويعلم كل ملفاتها وهو صاحب رؤية اقتصادية فى أن يدير السياسة المالية بكفاءة هو ورجاله، كما يفعل البنك المركزى.. إننا نسعد كثيرًا كلما وجدنا كفاءات تستطيع أن تحقق إنجازات فى مثل هذه الظروف الصعبة ولذلك يجب أن نستفيد بأدائها ونحفزها على الاستمرار والإنجاز.. أملًا فى أن تنشر عدوى الإنجاز لتصل لكل أعضاء الحكومة.