في عالم يسعى جاهدًا لمكافحة تغير المناخ، يضع الاتحاد الأوروبي آلية جديدة قد تؤثر على صادرات الدول النامية ومنها مصر. تحمل هذه الآلية اسم “الآلية الأوروبية لضبط حدود الكربون CBAM”، وتهدف إلى ضمان المنافسة العادلة للمنتجات الأوروبية الصديقة للبيئة في السوق العالمية.
آلية CBAM: تحدي للصناعات المصرية المصدرة
كان من المقرر بدء تطبيق هذه الآلية بشكل تدريجي اعتبارًا من عام 2023، لتكتمل المرحلة الأولى في عام 2026 حينها، ستخضع الواردات إلى الاتحاد الأوروبي من منتجات محددة، مثل الأسمنت والحديد والصلب والألومنيوم والأسمدة والكهرباء والهيدروجين، لمتطلبات صارمة تتعلق بإبلاغ انبعاثات الكربون.
تمثل هذه الآلية تحديًا كبيرًا للصناعات المصرية التي تعتبر الاتحاد الأوروبي وجهة رئيسية للعديد من السلع. على سبيل المثال، يذهب حوالي 75% من صادرات الألومنيوم المصرية، وأكثر من 60% من صادرات الحديد والصلب، ونصف صادرات الأسمدة المصرية إلى دول الاتحاد الأوروبي.
آثار CBAM المحتملة على الصادرات المصرية
تكمن التحديات في ارتفاع انبعاثات الكربون في بعض المنتجات المصرية، وهو ما قد يؤدي إلى فرض رسوم إضافية عليها عند وصولها إلى الحدود الأوروبية، بعبارة أخرى، قد تصبح الصادرات المصرية أقل تنافسية مقارنة بالمنتجات الأوروبية التي تلبي معايير الانبعاثات الصارمة.
استراتيجيات لمواجهة تحدي CBAM
هناك عدة خطوات يمكن للصناعات المصرية اتخاذها للتصدي لآلية CBAM:
الاستثمار في التقنيات الصديقة للبيئة: يعتبر خفض بصمة الكربون للمنتجات المصرية أولوية قصوى. يمكن للشركات الاستثمار في تقنيات الإنتاج الأكثر كفاءة في استخدام الطاقة والاعتماد على مصادر الوقود الأحفوري الأقل تلويثًا للبيئة. على سبيل المثال، يمكن لشركات الأسمنت التحول إلى تقنيات الإنتاج المشترك، والتي تساعد بشكل كبير في تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
تحسين كفاءة الطاقة: من خلال إجراء عمليات تدقيق للطاقة في المنشآت الصناعية، يمكن تحديد مجالات تحسين كفاءة استخدام الطاقة. تتوفر العديد من التقنيات التي يمكن تنفيذها، مثل عزل أفضل للمعدات والمباني، واستخدام إضاءة LED الموفرة للطاقة، وتركيب أنظمة تحكم أكثر ذكاءً بالآلات. كل ذلك يساهم في خفض استهلاك الطاقة وبالتالي تقليل انبعاثات الكربون.
الحصول على شهادات الكربون: توفر آلية CBAM خيارًا للشركات المصرية للحصول على شهادات الكربون التي تثبت انخفاض انبعاثاتها. توفر هذه الشهادات للمنتجين ميزة تنافسية عند التصدير إلى الاتحاد الأوروبي وقد تساعدهم على تجنب فرض رسوم إضافية على الحدود.
التعاون مع الحكومة: تلعب الحكومة المصرية دورًا محوريًا في مساعدة الشركات على الاستعداد لآلية CBAM. يمكن للحكومة تقديم حوافز للشركات التي تستثمر في التقنيات النظيفة، وتوفير برامج تدريبية حول متطلبات CBAM، ودعم البحوث والتطوير في مجال تقنيات الحد من الانبعاثات.
تحويل التحديات إلى فرص
يمكن أن يمثل التكيف مع آلية CBAM فرصة للصناعة المصرية للارتقاء إلى مستوى المعايير الدولية الصديقة للبيئة. من خلال الاستثمار في التقنيات النظيفة وتحسين كفاءة الطاقة، يمكن للشركات المصرية تعزيز قدرتها التنافسية في السوق العالمية والمساهمة في جهود مكافحة تغير المناخ على الصعيد العالمي.
مستقبل الصادرات المصرية إلى أوروبا
في حين أن آلية CBAM قد تشكل عقبة في البداية، إلا أنها يمكن أن تكون أيضًا حافزًا للابتكار والتحول البيئي في الصناعة المصرية، من خلال المبادرة والاستعداد المبكر، يمكن للشركات المصرية مواجهة هذا التحدي وتحويله إلى فرصة للنمو المستدام.