مثلت البورصة المصرية أداة قوية فى جذب الاستثمارات الأجنبية ضمن خطط البلاد لزيادة تدفقات السيولة الدولارية، حيث لعبت دورا محوريا فى توفير النقد الأجنبي عبر الصفقات التى تمت على الأسهم لمدرجة بالبورصة المصرية.
وقال متعاملون في السوق، إن عدة عوامل تعزز تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة للبورصة المصرية منها طرح شركات كبرى واستقرار سعر الصرف والسياسات الضريبية المتعلقة بسوق المال.
المصري: يجب توفير أدوات جديدة وتفعيل بعض الإجراءات مثل عقود الخيارات
وقال ياسر المصري العضو المنتدب لشركة العربي الأفريقي لتداول الأوراق المالية، إن استقرار سعر صرف الجنيه أمام الدولار يجذب المستثمرين الأجانب لأسواق المال عامة، والأسهم بصفة خاصة.
وأشار إلى أن الاستقرار ووضوح الرؤية على صعيد التعديلات الضريبية ومعدلات سيولة الورقة المالية تعد أمورا بالغة الأهمية وتؤثر بشكل كبير في جذب الاستثمارات للأسهم المصرية والتي يعد أدائها أقل من الاستثمار في الصناديق والأوعية الادخارية حالياً.
وتابع أن ضعف الترويج لفكرة الاستثمار في البورصة ليست المشكلة الرئيسية ولكن ما ينقص السوق الاستقرار وتوفير الأدوات اللازمة والشروع في الإجراءات المعلن عنها والمؤجلة مثل عقود الخيارات المستقبلية.
وأشار المصري إلي أن الظروف الجيوسياسية بالمنطقة والأزمات فى الدول المجاورة تؤثر بلاشك على جاذبية السوق المصري في الوقت الراهن.
وجذبت البورصة المصرية خلال العام الجاري استثمارات أجنبية في صفقات تمت على أسهم شركة السويدى إليكتريك، حيث قامت شركة “إليكترا إنفستمنت هولدينغ” بالاستحواذ على 19.98% من أسهم شركة “السويدى اليكتريك” الشهر الماضي في صفقة ناهزت قيمتها 449 مليون دولار.
وتعمل حاليًا شركة تابعة لصندوق الاستثمارات العامة السعودى “سوشيال إمباكت” على إتمام صفقة الاستحواذ على أسهم “سيرا للتعليم” عبر عرض شراء إجباري على نحو 51.21% من سيرا للتعليم للاستحواذ على ما لا يقل عن 75% وبحد أقصى 100% من أسهم سيرا بسعر 14 جنيها للسهم.
قال مصطفى الشنيطى المدير التنفيذي لبنك الاستثمار زيلا كابيتال، إن البورصة المصرية قادرة بشكل كبير على جذب الاستثمارات لأسباب مختلفة لعل أبرزها صفقات الاستحواذ التى تمت على عدد من الشركات المدرجة بالبورصة المصرية.
وأوضح الشنيطي أن البورصة المصرية ستظل قادرة على جذب الاستثمارات الأجنبية، وكلما زاد حجم المعروض من الطروحات وحجم التداول كلما زادت الاستثمارات، وتزامن معه زيادة ضخ أموال أجنبية تدريجياً خاصة مع هبوط سعر الفائدة المتوقع نهاية العام الجاري وبداية العام المقبل.
وأشار إلى دور الدولة لتشجيع الاستثمارات في البورصة، وضرورة وضوح واستقرار النظام الضريبي للسنوات القادمة، واستقرار سعر الصرف، والترويج الجيد للفرص الاستثمارية، وتشجيع الاستثمار من خلال القوانين وموافقات الهيئات الرقابية والجهات الأمنية، بالإضافة إلى توفير فرص عادلة للاستثمار وعدم مزاحمة الحكومة للقطاع الخاص خاصة في القطاعات غير الاستراتيجية.
ونصح بإلغاء ضريبة الأرباح الرأسمالية وبالتبعية إلغاء رسوم الدمغة لأن الأولوية حالياً هو تحفيز الاستثمار في سوق المال وليس زيادة الحصيلة الضريبية منه.
وقامت شركة جلوبال للاستثمار القابضة بالاستحواذ على نسبة 30% من شركة الشرقية للدخان في نوفمبر الماضي، واستحوذ مصرف أبوظبي الإسلامي، على 2.4% إضافية من أسهم وحدته المصرفية في مصر.
وفى مايو من العام السابق، استحوذت شركة الأصباغ الوطنية القابضة الإماراتية على نسبة 81% من شركة “باكين” المدرجة بالبورصة المصرية في صفقة بلغت قيمتها نحو 770.45 مليون جنيه (25 مليون دولار) بعد ماراثون طويل من المنافسة مع عدة شركات على أسهم الشركة الحكومية.
نافع: وضوح السياسات الاقتصادية يجذب رؤوس الأموال
وقال مدحت نافع، أستاذ الاقتصاد في جامعة القاهرة، إن البورصة المصرية مازال أمامها الكثير لجذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية على حد سواء.
وأضاف نافع أن الطروحات العامة المرتبطة بتدفقات جديدة للسيولة تشهد تباطؤ مما يؤثر على تنوع المنتجات الاستثمارية المتاحة في السوق.
وتابع أن البورصة المصرية قادرة على جذب استثمارات أجنبية ولكن ذلك لايعني يقين التحقق خاصة أنها تنافس بورصات العالم في سوق مفتوح، فيجب أن تتمتع بالمزايا التي يتمتعوا بها للقدرة على المنافسة.
أشار إلي أن البورصات الناشئة منذ عام 2007 تعاني من المنافسة غير العادلة مع الأسواق العالمية علي مستوي تكلفة القيد والتداول، والتي تصل إلي الصفر في بعض البورصات الأوروبية، وكذلك سهولة عمليات الدمج والاستحواذ في تلك الأسواق.
وقال نافع إن من المهم تقديم امتيازات أكبر للمستثمرين من خلال ضمان الاستقرار التشريعي، وتخفيض تكلفة القيد والتداول، وتنوع وزيادة المنتجات والأدوات الاستثمارية، وتسهيل عمليات الدمج والاستحواذ التي انخرطت بها أغلب بورصات العالم وتساهم بشكل كبير في جذب الاستثمار الأجنبي للبورصة المصرية.
وفى أغسطس من عام 2022، استحوذت الشركة السعودية المصرية للاستثمار، المملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة السعودي على حصص أقلية مملوكة للحكومة المصرية في 4 شركات مدرجة بالبورصة بقيمة 1.3 مليار دولار، وهى شركات: أبو قير للأسمدة والصناعات الكيماوية، ومصر لإنتاج الأسمدة، والإسكندرية لتداول الحاويات والبضائع، وإي فاينانس للاستثمارات المالية والرقمية.
يعقوب: السوق تحتاج إلى طرح كيانات كبرى
وأشارت رانيا يعقوب، رئيس مجلس إدارة ثري واي لتداول الأوراق المالية إن وجود بورصة قوية ونشطة يساعد على جذب الاستثمار الأجنبي، ولكن أغلب الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة تتركز بشكل أكبر على أذون الخزانة بسبب ارتفاع معدلات الفائدة.
وأضافت أن البورصة المصرية تحتاج لكيانات ضخمة سواء من القطاع الخاص أو الشركات الحكومية ذات رأسمال سوقي قوي يتم طرحها و تكون قادرة على تعويض الشركات التى تم شطبها في الآونة الأخيرة.
شددت على ضرورة الإسراع في تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية لأهميته الشديدة فى جذب الاستثمارات الأجنبية، وهو ما اتضح من الصفقات التى تم تنفيذها، وأوضحت أن للإعلام والدولة دور في الترويج وتشجيع المستثمرين لضخ أموالهم في البورصة.
وقالت يعقوب إنه يجب إلغاء ضريبة الأرباح الرأسمالية من أجل تشجيع المستثمرين على الدخول بسوق المال، بالإضافة إلى خلق حافز ضريبي للشركات التي يتم طرح حصة منها في البورصة لمدة 5 سنوات كما كان الحال من قبل.
وفي أبريل من عام 2022 قامت شركة ألفا أوركس ليمتد التابعة لشركة أبوظبي القابضة بالاستحواذ على حصص ب 5 شركات مدرجة البورصة المصرية فى صفقة قدرت قيمتها بنحو 1.8 مليار دولار.
واستحوذت على حصة تصل إلى 18.6% من البنك التجارى الدولى، ونحو 21.25% من شركة أبوقير للأسمدة والصناعات الكيماوية، إضافة إلى 20% من مصر لإنتاج الأسمدة “موبكو” شركة الإسكندرية لتداول الحاويات والبضائع بحصة وصلت إلى 32% وشركة فوري لتكنولوجيا البنوك والمدفوعات الإلكترونية بنسبة 12.6%.