50 ألف جنيه أقصى حد للغرامة فى مصر.. و100 ألف درهم فى الإمارات.. و100 ألف دينار بالكويت
تشهد البورصة المصرية مخالفات تخص قواعد الإفصاح عن الأحداث الجوهرية، وتهرب العديد من الشركات من الإفصاح عن أحداث هامة تصل أحيانًا إلى نفيها ثم تتأكد بعد فترة من الزمن، إلى جانب الأحداث الجوهرية التى لا تبادر الشركات بالإفصاح عنها بل تنتظر لحين استفسار البورصة المصرية لتوافيها بالرد عن الحدث الجوهرى.
وتوجد ظاهرة منتشرة تخص التلاعب بألفاظ الإفصاح للتهرب من الإعلان عن الحدث الجوهرى، خاصة وأن عملية الإفصاح تتضمن ﺍﻟﻜﺸﻑ ﻋﻥ المعلومات الجوهرية “ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ وغير ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ” التى تهم ﺍﻟﻤستثمرين ﻭأصحاﺏ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﻭﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ، مما يعنى أحقية أصحاب المصلحة من صغار وكبار المساهمين بالشركة فى معرفة ما يدور دون التلاعب بألفاظ الإفصاحات أو الأحداث الجوهرية.
وبمقارنة سريعة بأسواق المنطقة والأسواق العالمية نجد على سبيل المثال “سنتامين” تعلن عن تعطل إحدى جراراتها فى منطقة لا تشكل نسبة كبيرة من حجم إيراداتها التزامًا بالمعايير.
وتنص قواعد البورصة المصرية على أن تعاقب الشركة بغرامة قدرها ألفى جنيه عن كل يوم من أيام التأخير فى تسليم القوائم المالية، كما يجوز لرئيس مجلس إدارة هيئة الرقابة المالية أو من يفوضه عرض التصالح عن مخالفة قواعد القيد مقابل أداء نصف الغرامة المستحقة.
ويعاقب بغرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيه ولا تزيد على 10 آلاف جنيه كل من يتصرف فى أوراق مالية على خلاف القواعد المقررة فى هذا القانون والتى تنص على كل من يرغب فى عقد عملية يترتب عليها تجاوز ما يملكه 10% من الأسهم الاسمية فى رأس مال إحدى الشركات، ويعاقب عليها مدير الشركة الذى يخالف الفقرة الثانية من المادة “8” من القانون، حيث يجب إبلاغ كل مساهم يملك 1% على الأقل من رأس مال الشركة.
ويدين القانون كل من أفشى سرًا اتصل به بحكم عمله حقق منه نفعًا هو أو زوجته أو أولاده أو أُثبت فى تقاريره وقائع غير صحيحة، بأن يعاقب بالحبس لمدة عامين، أو غرامة تتراوح بين 20 ألف جنيه و50 ألف جنيه أو كلاهما.
كما ينص القانون أن يعاقب بالحبس وغرامة تتراوح بين 20 ألف جنيه و50 ألف جنيه أو إحداهما من خالف كل من عدم إرسال التقارير ونتائج الأعمال، ولم يواف الهيئة بكل ما تطلبه من قبل الشركة ومراقبين الحسابات، أو تداول بأوراق مالية مقيدة خارج البورصة، بالإضافة إلى عدم جواز وقف نشاط الشركة أو تصفيتها دون موافقة الهيئة، وإخطارها بأية تغيرات تطرأ على مجالس إدارة الشركات.
تراجعات الأسواق العالمية تزيد الضغط على مؤشرات البورصة المصرية
وكانت أكبر العقوبات التى تقرها هيئة الرقابة المالية، بالحبس لمدة لا تزيد عن خمس سنوات، وبغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تزيد على 100 ألف جنيه، أو بإحدى العقوبتين كل من زور فى سجلات الشركة أو أثبت فيها عمدا وقائع غير صحيحة أو عرض تقارير على الجمعية العامة للشركة تتضمن بيانات كاذبة، أو كل من عمل على قيد سعر غير حقيقى أو عملية صورية أو حاول بطريقة التدليس التأثير على أسعار السوق.
ومع تحرير سعر صرف الجنيه أمام الدولار فى الأعوام الماضية ليشهد قفزة من متوسط سعر يناهز 6 جنيهات فى عام 2012 العام الذى شهد تعديلات على قواعد الإفصاح مقارنة بسعر صرف حالى نحو 50 جنيها للدولار، يثار تساؤل هل مازالت غرامات الإفصاح رادعة للشركات للالتزام بالإفصاح عن الأحداث الجوهرية؟.
وتُغرم بورصة دبى الشركة بقيمة غرامة تتراوح من 10 آلاف درهم إلى 50 ألف درهم حال عدم إخطار السوق بأى تغيير جوهرى يؤثر عليها أو على المساهمين وترتفع المخالفة حال تكرارها لتصل إلى 50 ألف درهم إلى 100 ألف درهم.
كما ترسل البورصة إشعار تحذير فى كل المخالفات ومن ثم تبدأ بتغريم الشركات، بالإضافة إلى توقيع غرامة كالتى تفرضها البورصة على الشركات حال عدم إخطار السوق بأية تغييرات جوهرية فى البيانات والمعلومات والوثائق المقدمة تتراوح بين 5 آلاف إلى 20 ألف درهم.
سامى: يجب أن تصبح الغرامات نسبة من أى مخالفات بسوق المال بدلًا من القيمة المطلقة
ويرى شريف سامى، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية السابق، إنه يجب أن تصبح الغرامات نسبة من أى مخالفات بسوق المال، بدلًا من أن تكون قيمة مطلقة، حيث تتضاءل قيمة العملة بمرور الزمن، بالإضافة إلى وجود نطاق حد أدنى للغرامة مع مرونة فى تحديدها فى ضوء جسامة المخالفة واختلافها من حيث شكلها وجوهرها.
وأضاف أنه بناءً على جسامة المخالفة والنتائج، لابد من وجود نوع من السلطة التقديرية للغرامة، مستدلًا بتطبيق مجلس إدارة البنك المركزى السلطة التقديرية على البنوك أثناء تفتيشه عليها بحسب حجم المشكلة، وأنه من الممكن إضافة نص للقانون بتطبيق نسبة تضاف سنويًا على أصل الغرامة كالمنصوص عليها فى قانون التمويل متناهى الصغر، والذى ينص على أن يكون الحد الأقصى للتمويل يزيد فى حدود نسبة ما سنويًا.
وذكر أن الأهم من غرامة الإفصاح، أن تكون لدى الشركات احترام للمستثمرين وحماية سمعة الشركة، لزيادة إقبال المستثمرين على سهمها ومنح الثقة لهم.
وأوضح أن إيقاف السهم عقاب للمساهمين والمستثمرين، وأن “أبغض الحلال” فى العقوبات هو إيقاف السهم لأنه بذلك يعاقب حملة الأسهم قبل كل شئ.
وقال إن نفى الأخبار ومن ثم حدوث ما تم نفيه، يأتى نتيجة تلاعب بالألفاظ فى الإفصاح، مشيرًا إلى أنه يوجد قوانين تلزم الشركات بالإبلاغ عن الأحداث الجوهرية، لكن هناك بعض الأنباء تحدث فجأة ولا تستطيع الشركة إبلاغ البورصة قبلها بـ 5 أيام بحسب نص القانون.
الشريف: الغرامات كافية بالنسبة للشركات المدرجة ببورصة النيل.. ويجب وضع قيمة تتناسب مع المخالفة
وقال عاطف الشريف، رئيس البورصة المصرية الأسبق والشريك المؤسس لمكتب الشريف للمحاماة، إن الغرامات بالنسبة للشركات المدرجة ببورصة النيل كافية، حيث مازالت لا تملك الوعى الكافى فى بداية المشوار على طريق الحوكمة.
واوضح أنه لابد من وجود حد أدنى وحد أقصى يتناسب مع قيمة المخالفة، حيث أن الغرض من العقوبة هو أن تكون رادعة للشركات، ويجب عمل دراسة لتحديث قانون الغرامات بالمقارنة مع الأسواق الأخرى، وعمل أرشيف لكل شركة لمعرفة تاريخ الغرامات وتختلف العقوبة بحسب حجم مخالفاتها، مستدلاً بعرف الجريمة فى القانون الجنائى.
وأوضح أن إحدى الطرق التى يجب دراستها منع الشركات مرتكبة المخالفات قبل الانتخابات بفترة ما من عضوية البورصة، كما يحدث بشركة مصر للمقاصة وبعض المؤسسات الأخرى.
وتعاقب بورصة الكويت مطلع انتفع أو استغل معلومات داخلية عن طريق شراء أو بيع الأوراق المالية أو الكشف عن المعلومات الداخلية أو إعطاء مشورة على أساس المعلومات الداخلية لشخص آخر غير مطلع، بالحبس مدة لا تتجاوز خمس سنوات أو بالغرامة مبلغ عشرة آلاف دينار كويتى أيهما أعلى ولا تتجاوز ثلاث أضعاف قيمة المنفعة المحققة أو الخسائر التى تم تجنبها أو مبلغ مائة ألف دينار أيهما أعلى أو بإحدى هاتين العقوبتين.
كما يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنة وبغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف دينار ولا تتجاوز عشرة آلاف دينار كويتى أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من يخضع لأحكام القانون الكويتى وأفشى سرا اتصل بعلمه بحكم طبيعة عمله أو وظيفته أو منصبه.
وتكون العقوبة الحبس مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات وبالغرامة التى لا تقل عن عشرة آلاف دينار ولا تتجاوز مائة ألف دينار كويتى أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا ثبت أنه حصل بأى شكل من الأشكال على منفعة أو مصلحة أو مقابل لنفسه أو لغيره مقابل إفشاء السر أو المعلومة أو الخبر.
ويعاقب بغرامة لا تقل عن عشرة آلاف دينار ولا تجاوز مائة ألف دينار كل من أغفل أو حجب أو منع معلومة جوهرية أوجب القانون أو اللائحة الإدلاء بها أو الإفصاح عنها للهيئة والبورصة، كما لا تقل عن ألف دينار ولا تجاوز مائة ألف دينار كل من خالف أى من أحكام الفصل العاشر فى شأن الإفصاح عن المصالح.
استطلاع رأى أجرته “البورصة” على الشركات المدرجة بالبورصة حول الغرامة
أجرت “البورصة” استطلاعًا حول غرامة الإفصاح والتزام الشركات بقواعد ومعايير الإفصاح وفقًا لقانون سوق رأس المال، وانقسمت الآراء بين أن العقوبات ليست رادعة، فى حين مالت الكفة الأكبر نحو كفاية القيمة الحالية للغرامات.
ويرى أحمد السيد رئيس قطاع علاقات المستثمرين بشركة إى فاينانس للاستثمارات المالية، أن عقوبات الإفصاح ليست رادعة وتحتاج إلى إعادة النظر، وأن الشركات الملتزمة لن يتم توقيع عقوبات عليها فى كل الأحوال.
وأكد السيد، ضرورة الالتزام بمعايير الإفصاح والشفافية لرفع كفاءة السوق ككل.
وقال شريف طاحون، مدير قطاع المستثمرين بشركة الإسكندرية للأدوية والصناعات الكيماوية، إنه يوجد شركات تستغل أن الغرامة ليست كبيرة وتقوم عن قصد بتأخير الإفصاح عن بعض الأحداث الجوهرية بالشركة، موضحًا أنه لابد من توافر عقوبات غير مالية بجانب العقوبة المالية.
وأشار إلى أنه من الممكن أن يكون هناك تدرج بالعقوبات، فعلى سبيل المثال تقتصر العقوبة للمرة الأولى أن تكون مادية فقط، والمرة الثانية غرامة مالية مع وقف التداول على السهم لبرهة، يليها وقف السهم لفترة أطول.
الشيخ: نسعى لاستعادة تصنيف البورصة المصرية ضمن الأكبر عالميا
وأوضح أن تلك الإجراءات ستتيح نوعا من الشفافية للمساهمين، نظراً لأنها توضح تاريخ الشركات والغرامات الموقعة عليها وبالتالى تظهر حقيقة جدية ونشاط الشركة.
وأوضح حازم أبو النيل، مدير قطاع المستثمرين بشركة الإسكندرية لتداول الحاويات، أنه يجب أن يكون هناك طلب استفسار من البورصة للشركات قبل توقيع غرامة تأخير الإفصاحات، نظراً لأنه يوجد بعض الظروف التى تكون خارجة عن إرادة الشركة، وحين تتقدم الشركة للبورصة بالأدلة المستوفاة بشأن تأخير الغرامة حينها تقرر البورصة وجوب توقيع العقوبة أم لا.
وأشار إلى أنه يجب أن يكون هناك تدرج فى العقوبات، فمن الممكن أن تكتفى البورصة بإرسال لفت نظر للشركات فى أول مخالفتين، ومن ثم توقيع العقوبة من المرة الثالثة بعقوبة مادية أكبر من العقوبة الحالية، مشيرًا إلى ضرورة رقمنة إجراءات تعامل البورصة مع الشركات.
ولم يتفق معهم كل من جمال حواش، رئيس قطاع المستثمرين بشركة كيما، وآلاء سعيد، مسئول علاقات المستثمرين بشركة السعودية المصرية للاستثمار، وأشرف محمد، رئيس علاقات المستثمرين بشركة قناة السويس لتوطين التكنولوجيا، الذين أكدوا أن العقوبة المالية لا تحتاج لأن تكون أكبر أو أكثر تشديداً بالعكس يجب أن تكون أقل.
كتبت: منة هانى