تنتعش سوق سندات الباندا العالمية منذ بداية العام الحالي 2024 مستفيدة من رغبة المستثمرين في تكلفة تمويل أقل، بعيداً عن الفائدة المرتفعة في أمريكا، في حين يُتوقع أن تزدهر سوق السندات الخضراء هذا العام مع بدء خفض الفائدة الأمريكية.
وفقا لسي إن إن، من المتوقع أن يكون عام 2024 هو الأفضل لإصدار سندات الباندا عالمياً منذ افتتاح السوق في عام 2005، بحسب تقرير لستاندرد آند بورز غلوبال ماركت إنتليجنس.
وسندات الباندا هي سندات مقومة باليوان الصيني يصدرها مقترضون أجانب من خارج الصين وتُطرح وتُباع بالعملة الصينية.
وتشير البيانات إلى ارتفاع إصدارات سندات الباندا بنسبة 82% عام 2023 على أساس سنوي، ومنذ بداية عام 2024 حتى 12 يوليو الماضي، بلغت إصدارات سندات الباندا 78 في المئة من مبلغ العام بأكمله الصادر في عام 2023.
لماذا ترتفع إصدارات سندات الباندا عالمياً؟
شجع الفارق بين أسعار الفائدة في الصين والولايات المتحدة الأمريكية المستثمرين على الإقبال على سندات الباندا.
وبحسب ستاندرد آند بورز فإن ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية منذ أوائل عام 2023 جعل إصدار سندات الباندا أرخص بالنسبة للكيانات حتى بعد النظر في تكلفة مقايضات العملات، بدلاً من الاستفادة مباشرة من سوق الدولار.
كما أسهمت اللوائح التي أصدرتها الصين في عام 2022 بشأن إعادة العائدات من سندات الباندا إلى الخارج، في أن أصبحت الشركات المتعددة الجنسيات المملوكة لأجانب أكثر نشاطاً في الاستفادة من سوق سندات الباندا لجمع الأموال اللازمة لتوسعاتها في الصين.
وبحسب التقرير فإنه من الممكن أن تصبح سوق سندات الباندا قناة تمويل مفيدة للكيانات غير الصينية؛ في الوقت الحالي تعتبر الأموال التي تُجمع من سوق سندات الباندا صغيرة نسبياً.
وفي العام الماضي، كانت الأموال المجمعة من سندات الباندا تمثل 0.8% فقط من تمويل السندات المحلية في الصين (باستثناء سندات الحكومة المركزية والحكومات المحلية).
يمكن أن تتطور سوق سندات الباندا أكثر من خلال السياسات الحكومية الرامية إلى تعميق سوق السندات وتشجيع استخدام اليوان الصيني كعملة تسوية.
وقالت ستاندرد آند بورز إن تعميق سوق السندات يعتمد على إصدار ديون أطول أجلاً.
وفي عام 2022 ارتفع متوسط مدة إصدار سندات الباندا إلى أكثر من ثلاث سنوات من عامين.
كما أن جودة وتنوع المصدرين الأجانب لهذه السندات -باستثناء الكيانات المملوكة للصين- من شأنهما أن يدفعا عملية تعميق سوق سندات الباندا.
انتعاشة متوقعة لسوق السندات الخضراء
تشير التوقعات إلى انتعاش مبيعات السندات الخضراء العالمية بعد انخفاضها في الربع الثاني، إذ إن تزايد الترجيحات بخفض أسعار الفائدة الأمريكية سيعزز إصدار هذا النوع من السندات.
والسندات الخضراء هي أدوات دين تصدرها الدول، ولكن يذهب العائد الخاص بها لتمويل مشروعات تدعم التحول نحو الاقتصاد الأخضر.
وانخفضت مبيعات السندات الخضراء بنسبة 5.7% على أساس سنوي إلى 150.45 مليار دولار في الربع الثاني من عام 2024 مع تباطؤ الإصدار في الأسواق الرئيسية في أوروبا وآسيا والمحيط الهادئ، وفقاً لبيانات من مبادرة سندات المناخ (CBI) التي تتعقب السندات الخضراء ومقرها المملكة المتحدة.
وتراجعت الإصدارات في الفترة من أبريل نيسان إلى يونيو 2024 بنسبة 16% تقريباً مقارنة بالربع الأول في العام نفسه.
وقادت الشركات غير المالية والجهات السيادية أحجام التداول في هذا الربع، إذ أصدرت ما قيمته 51.37 مليار دولار و32.92 مليار دولار على التوالي.
وقال كبير استراتيجي الاستدامة في شركة ميزوهو للأوراق المالية، ياسونوبو كاتسوكي إنه «من الواضح أن خفض أسعار الفائدة سيصبح بمثابة رياح داعمة لسوق السندات الخضراء».
دول أوروبا.. كبار مصدري السندات الخضراء
بحسب بيانات ستاندرد آند بورز فإن ألمانيا كانت أكبر مُصدِر للسندات الخضراء على مستوى العالم من حيث الدول خلال الربع الثاني من 2024، بحجم إصدارات بلغ 24.41 مليار دولار، تليها فرنسا بـ22.65 مليار دولار وإيطاليا بـ15.54 مليار دولار.
واحتلت الولايات المتحدة، التي أنهت الربع بإصدار ديون خضراء بقيمة 14.39 مليار دولار في المركز الرابع.
وكانت أوروبا أكبر مصدر إقليمي للسندات الخضراء إذ أصدرت ديوناً خضراء بقيمة 91.76 مليار دولار في هذا الربع، متقدمة بفارق كبير على ما أصدرته كيانات في منطقة آسيا والمحيط الهادئ بقيمة 31.24 مليار دولار، بينما بلغت إصدارات كيانات في أميركا الشمالية 20.01 مليار دولار.
ومن المتوقع أن تعمل المعايير الجديدة بشأن إصدارات السندات الخضراء والتي ستُقر بداية من يناير 2025، على تحسين الشفافية وقابلية المقارنة والمصداقية في سوق السندات الخضراء، ما يساعد في تقييم الموقف البيئي والاجتماعي والحوكمة لمصدري السندات.
وتتطلب القواعد الجديدة أن تكون الصفقات متوافقة بنسبة 85% مع التصنيف الأخضر للاتحاد الأوروبي كحد أدنى.
وقد تواجه سوق السندات الخضراء بعض التحديات، إذا فاز دونالد ترامب بالسباق الرئاسي الأمريكي في نوفمبر المقبل.
ويعتقد بعض المحللين أنه قد يسحب أكبر اقتصاد في العالم من اتفاقية باريس بشأن تغير المناخ.
وقال كبير استراتيجيي الحوكمة البيئية والاجتماعية والحوكمة في بنك بي إن بي باريبا اليابان، مانا ناكازورا خلال مؤتمر صحفي عبر الإنترنت منتصف الشهر الماضي، إنه من المرجح أن يؤدي ذلك إلى تقليل الاستثمار البيئي والاجتماعي.
وقال اقتصاديون إن تعهد حملة ترامب يشمل أيضاً تخفيض الضرائب لدعم الطبيعة الهشة للاقتصاد الأمريكي؛ ما يؤدي إلى زيادة المعروض من سندات الخزانة لتأمين الإيرادات المالية وزيادة العائدات التي تتحرك عكساً لأسعار السندات.