بعد تحرير سعر العملة فى 2003 رفع البنك المركزى الحد الأدنى لرؤوس أموال البنوك إلى 500 مليون جنيه، وبعد تحريرها مرة أخرى فى 2016 رفعه إلى 5 مليارات جنيه، وهو ما يقود إلى التساؤل حول ما إذا كانت القطاع المصرفى يحتاج لرفع الحد الأدنى لرؤوس أموال البنوك مجددا بعد تحرير سعر الصرف فى مارس الماضى.
واستبعد مصرفيون أن يلجأ البنك المركزى فى الوقت الحالى لزيادة رؤوس أموال البنوك رغم التغيرات الاقتصادية التى طرأت على الاقتصاد المصرى، لكنهم رجحوا اتجاه البنوك لزيادة رؤوس أموالها طوعًا.
وبحسب بيانات البنك المركزى زادت رؤوس أموال البنوك إلى 449.6 مليار جنيه بنهاية مارس مقابل 410.9 مليار جنيه بنهاية 2023، كما زادت الاحتياطيات إلى 793.8 مليار جنيه مقابل 476.5 مليار جنيه.
مصدر: البنك المركزى سيطبق معايير بازل 4 قريبًا
وقال مصرفى بأحد البنوك العامة، إن البنك المركزى وجه البنوك للاستعداد فى الوقت الحالى لتطبيق معايير بازل 4، لذلك فإن البنوك قد تلجأ إلى زيادة رؤوس أموالها إذا أشارت نماذج التقييم فى المقياس المعيارى أعلى من تصنيفها الداخلى للمخاطر.
وتركز بازل 4 على تقييم حجم المخاطر وخاصة المرتبطة بالائتمان، والسوق، والأطراف المقابلة، والمخاطر التشغيلية فى إطار الركيزة الأولى، وذلك على خلاف بازل 3، التى كانت تهدف بشكل رئيسى إلى تحسين جودة وكمية رأس المال والسيولة.
وتتضمن بازل 4 أيضًا جوانب تتعلق بمعالجة مخاطر أسعار الفائدة فى ميزانيات البنوك، وأيضًا جوانب تتعلق بالإفصاح التنظيمي، وقوانين تتعلق بالتحويلات والأخطار الكبيرة التى تشكل جزءًا من الحزمة التنظيمية لبازل 4.
أضاف المصدر أن البنك المركزى قد يفكر لاحقًا فى زيادة الحد الأدنى لرأس المال، خاصة مع انفتاح مصر الاقتصادى وتأثرها بالأوضاع الاقتصادية والجيوسياسية الإقليمية والعالمية.
وأوضح أن رفع رأس المال ليس بالضرورة لمواجهة مخاطر قائمة حاليًا، ولكنه إجراء لمواجهة المخاطر المحتملة مستقبلًا، حتى يتأهل البنك لاستيعاب تلك المخاطر.
وأعلن عدد من البنوك خلال الفترة الماضية، رفع رؤوس أموالها، منها بنك قناة السويس الذى رفع رأسماله المُرخص به إلى 10 مليارات جنيه بدلًا من 5 مليارات جنيه، وهى خطوة قد تمهد لزيادة مقبلة فى رأس المال المصدر والمدفوع.
وارتفع معيار كفاية رأس المال ببنك قناة السويس إلى 14.59% بنهاية الربع الثانى من العام الجارى مقابل 13.58% خلال الربع الأول، بينما سجل بنهاية العام الماضى 16.11%.
ورفع بنك القاهرة رأسماله المصدر والمدفوع إلى 19 مليار جنيه بدلًا من 10 مليارات جنيه، بالإضافة إلى رفع رأس المال المرخص به إلى 50 مليار جنيه بدلا من 20 مليار جنيه.
وتراجع معيار كفاية رأس المال ببنك القاهرة إلى 15.78% فى مارس الماضى، مقابل 17.27% بنهاية ديسمبر 2023.
تقييمات البنوك وفرص النمو تفتح الباب أمام عمليات الدمج والاستحواذ بالقطاع المصرفى
كما رفع البنك المصرى لتنمية الصادرات رأس رأس المال المصدر والمدفوع إلى 9.89 مليار جنيه بدلًا من 7.44 مليار جنيه، ورأس المال المرخص به إلى 20 مليار جنيه بدلًا من 10 مليارات جنيه.
وتراجع معيار كفاية رأس المال للبنك إلى 15.77% فى يونيو الماضى مقابل 16.83% فى نهاية 2023.
ورفع مصرف أبو ظبى الإسلامى رأس المال المُصدر والمدفوع إلى 6 مليارات جنيه، ورأس المال المرخص به إلى 10 مليارات جنيه بدلًا من 7 مليارات.
وأظهرت القوائم المالية، تراجع معيار كفاية رأس المال للمصرف إلى 15.68% فى يونيو الماضى، و15.83% فى مارس الماضى ومقابل 17.98% فى ديسمبر 2023.
قال نادر أشرف المحلل المالى فى قسم البحوث بشركة النعيم، إن القطاع المصرفى من القطاعات الأكثر تحوطًا عن غيرها، ويمتلك قاعدة رأسمالية قوية.
وأضاف أشرف أن المخاطر محدودة وأغلب البنوك تتخطى النسب التنظيمية لكفاية رأس المال، وزيادتها لرؤوس أموالها إجراء تحوطى.
وبحسب بيانات البنك المركزى يصل معدل كفاية رأس المال إلى 18.1% فى متوسط القطاع المصرفى مقابل 18.6% فى ديسمبر.
وتصل الرافعة المالية والتى تعبر عن قيمة الشريحة الأولى من رأس المال إلى أصول البنك مُضافًا إليها التعرضات داخل وخارج الميزانية إلى 7% بنهاية الربع الأول وذلك مقابل 6.9% فى ديسمبر من العام الماضى.
وقالت وكالة فيتش للتصنيف الائتمانى إن معدلات ربحية البنوك أكثر من كافية لتوليد رؤوس أموال داخلية تعوض بها التضخم فى الأصول المرجحة بأوزان المخاطر، بما يجعلها تقلص الضغوط على القاعدة الرأسمالية.
عبد العال: التوسع فى الإقراض أو التحوط من المخاطر وراء زيادة رأس المال
وقال محمد عبد العال، الخبير المصرفى، إن اتجاه بعض البنوك لزيادة رأسمالها، يرجع لسياسات كل بنك على حدة، فإذا أراد أحد البنوك التوسع فى الإقراض أو زيادة أنشطته يجب عليه رفع رأس المال الخاص به ليُدعم ذلك.
أضاف:”وقد تلجأ بنوك أخرى لذلك للتوافق مع متطلبات الملاءة المالية ومواجهة المخاطر الداخلية والخارجية أو حال تراجع معيار كفاية رأس المال الخاص بالبنك”.
واستبعد عبد العال أن يتجه البنك مُجددًا لزيادة الحد الأدنى لرؤوس أموال البنوك على نطاق عام داخل السوق المصرى، خاصة أنه إجراء صعب ولا توجد ضرورة مُلحة لتطبيقه على نطاق واسع.
المدير المالى لأحد البنوك الخاصة: الحد الأدنى للبنوك الرقمية قد يكون بحاجة لمراجعة
وقال المدير المالى لأحد البنوك الخاصة إن الكثير من البنوك التى حققت أرباحا من تغير قيمة العملة احتفظت بها كمخصصات للمخاطر المحتملة لتقوية قاعدتها الرأسمالية وهو نفس النهج الحذر الذى اتخذته البنوك بعد تعويم 2016.
وأشار إلى أن معظم البنوك لا توزع أرباحا نقدية إلا بصورة هامشية وتميل المجموعات للاحتفاظ بأرباحها وتنظر للبنوك على إنها استثمار طويل الأجل.
وذكر أن النمو فى حجم أعمال البنوك الذى يفوق عادة التضخم والانخفاض فى العملة يشجع المجموعات الأم على إعادة استثمار أموالها لضمان التوسع فى عملياتها، وهو ما يدفع البنوك على زيادة رؤوس أموالها وتدعيم احتياطياتها.
واستبعد أن يلجأ البنك المركزى لرفع الحد الأدنى لرؤوس الأموال فى البنوك التقليدية لكنه أشار إلى أن الحد الأدنى للبنوك الرقمية قد يكون بحاجة لمراجعة، فى ظل اعتماد عملياتها فى التشغيل على العملة الصعبة لتغطية التكاليف سواء برامج التأمين أو برامج التشغيل وبرامج حساب المخاطر وغيرها ومعظمها أجنبية المصدر.
وتتضمن اشتراطات الترخيص للبنوك الرقمية ألا يقل رأس المال المصدر والمدفوع عن مليارى جنيه فى حالة ممارسة كافة أعمال البنوك، باستثناء تمويل الشركات الكبرى، مع إمكانية تمويل تلك الشركات شريطة زيادة رأس المال إلى 4 مليارات جنيه.