قال صالح رويشد شريك الضرائب الرئيسى فى مكتب “حازم حسن KPMG” للمراجعة إن الإعفاءات الضريبية ليست الخيار الأمثل لتحفيز الاستثمار.
وأوضح فى حوار لـ”البورصة”: أن زيادة الإعفاءات الضريبية والتوسع بها من شأنه خلق سياسة ضريبية مشوهة وزيادة الفاقد الضريبى وعدم قدرة الإدارة الضريبية على توفير الموارد اللازمة للدولة، وبالتالى تراجع النمو الاقتصاد ونقص الاستثمارات.
وقال “تفترض الإدارات الضريبية فى الدول النامية أن الاستثمار ينجذب تلقائيا عن طريق خفض العبء الضريبى، ولكنها تتجاهل تكاليف الامتثال الضريبى والتكاليف المرتبطة بالحصول على هذه الحوافز، وقد تؤدى تلك التكاليف إلى موازنة العبء الضريبى المخفض، بل وفى بعض الأحيان قد تزيد، الأمر الذى يجعل الحوافز الضريبية عامل غير جذاب للاستثمار الأجنبى”.
أضاف أنه بناء على ذلك فإن المستثمر يبحث دائما عن بيئة ضريبية مستقرة تتمتع بالشفافية ووضوح الإجراءات وسرعة تنفيذها وأن تتسم تلك السياسة بالعدالة الضريبية والمساواة.
قال صالح رويشد شريك الضرائب الرئيسى بـ”مكتب حازم حسن KPMG”، إن السياسة الضريبية الحالية لمصر تفتقد لعدد من الأسس، على سبيل المثال عدم توافر مبدأ البساطة والسهولة بقوانين الضرائب الحالية وإجراءاتها.
أضاف أن هناك العديد من التعديلات التى أجريت على القوانين المنظمة للضرائب، ما ينتج عن ذلك عدم الوضوح عند المستثمرين لعدم قدرتهم على تحديد الالتزامات الضريبية لاستثماراتهم المستقبلية.
وأشار خلال حوار لـ”البورصة”، إلى أن المعهد الأمريكى للمحاسبين المعتمدين” إيه آى سى بى إيه” حدد 12 مبدأ للسياسة الضريبية الجيدة وهى المساواة والعدالة، واليقين الضريبى، وسهولة سداد الضريبة المستحقة، وفاعلية الإدارة الضريبية، وأمن المعلومات، والبساطة والسهولة، والحياد الضريبى، والنمو الاقتصادى، والشفافية، والحد الأدنى للفجوة الضريبية، والمساءلة أمام دافعى الضرائب، والإيرادات الحكومية.
وقال رويشد إن قانون ضرائب الدخل الحالى عندما صدر فى 2005 كان سابقًا لعصره حيث تم وضع أسس لمعالجة العديد من المواضيع وقت صدوره أصبحت فيما بعد من أهم التحديات التى يتم سن أسس لها فى قوانين الضرائب العالمية.
وأشار إلى أن القانون وضع أسس لتسعير المعاملات بين الأطراف ذات العلاقة والتى أصبحت فيما بعد من أهم المواضيع فى المشهد الضريبى العالمى.
يجب فرض ضرائب على عوائد الاقتصاد الرقمى وانبعاثات الكربون
ولكنه أشار إلى أنه مع التغيرات الاقتصادية والتكنولوجية وحتى المناخية التى طرأت على مدار السنوات الأخيرة، انعكس ذلك على قوانين الضرائب، ومن أهم تلك المتغيرات التى يجب أن تجد طريقها إلى القانون هى الاقتصاد الرقمى وما يتطلبه من وضع سبل لمواجهة التجنب الضريبى وتطبيق الركيزتين الأولى والثانية والضرائب على انبعاثات الكربون.
أشار إلى وجود تحديات على المستوى المحلى ومن ضمنها انخفاض نسب الامتثال وزيادة الفاقد الضريبى وغيرها، كل ذلك يؤدى الى الحاجة لإدراج تعديلات على القانون الحالى لوضع سبل لمواجهة تلك التحديات، على ان يتم الاستعانة بالخبرات اللازمة وأن يؤخذ بتجارب الدول المماثلة فى مثل هذا الشأن.
ويرى رويشد أن سعر الضريبة 22.5% محفز للاستثمار حيث أنه أقل بمقدار 0.9% عن المتوسط العالمى البالغ 23.4%، ما يعطى ميزة تنافسية للدولة بالنسبة لنظرائها، ولكن التحديات الحالية للسياسة الضريبية للدولة تحول دون ذلك.
ضرورة تنسيق المصلحة مع الجهة المسئولة عن الفاتورة الإلكترونية لمعالجة بعض القصور
ونوه شريك الضرائب الرئيسى بـ”مكتب حازم حسن KPMG”، إلى أن الإدارة الضريبية المصرية تسير فى الاتجاه الصحيح بتطبيق المنظومات الإلكترونية ومنها منظومة الفاتورة الإلكترونية والتى أدت إلى رفع كفاءة الإدارة الضريبية، وتقليل نسب التهرب الضريبى، حيث تساهم بشكل مباشر فى ضم الاقتصاد غير الرسمى، وإدراجه ضمن الاقتصاد الرسمى، ما يؤدى إلى زيادة الإيرادات الضريبية للدولة.
ولفت إلى أن القضاء على الفواتير الورقية من ضمن الأهداف الرئيسية لمنظومة الفاتورة الإلكترونية “لكن فوجئ المجتمع الضريبى بصدور خطاب من مصلحة الضرائب المصرية عدم الاعتداد بخصم ضريبية القيمة المضافة على فواتير الكترونية لعدد 125 شركة”.
واعتبر رويشد أن ذلك يدل على وجود قصور فى المنظومة استغلته بعض الشركات لإصدار فواتير غير صحيحة رغم الإجراءات والمستندات التى تتبعها وتطلبها المصلحة لأجل التسجيل فى المنظومة الخاصة بالفاتورة الإلكترونية.
وطالب بضرورة تنسيق المصلحة مع الجهة المسؤولة عن إعداد وتصميم المنظومة الخاصة بالفاتورة الإلكترونية لمعالجة هذا القصور.
وفيما يخص قانون الضريبة على القيمة المضافة قال رويشد إنه بعد تطبيق قانون القيمة المضافة 67 لعام 2016 بعدة سنوات ظهرت العديد من مشاكل التطبيق بسبب الاختلافات الشديدة فى الآراء والتضارب فى المعالجة الضريبية لنفس البنود، وتم تجاهل الرؤية والسياسة والمنظور الخاص بضريبة القيمة المضافة المطبق فى العالم بشكل تام.
“نادى المحاسبة” يستهدف دخول السوق السعودى خلال 2024
وضرب شريك الضرائب الرئيسى بـ”مكتب حازم حسن KPMG”، مثالا بمنح القانون للمُسجل الحق فى خصم الضريبة على كامل مدخلاته المباشرة وغير المباشرة من الضريبة على مبيعات وإيرادات السلع والخدمات الخاضعة للضريبة، وجاء هذا الحق مطلق بدون قيد.
أضاف:”ولكن بسبب التباين فى الآراء قال البعض بعدم أحقية المسجلين فى خصم بعض البنود مثل ضريبة القيمة المضافة والخاصة بفواتير الموبايل، وضريبة إيجار سيارات وجبات العاملين، وتأجير مواقع إلكترونية رغم أن تلك المدخلات متعلقة ببيع سلعة أو أداء خدمة خاضعة للضريبة.
وأضاف أنه فى تطبيق أحكام القانون لا تعتبر عمليات الإقراض التى تتم بين الشركات القابضة أو الأم والشركات التابعة لها أو فيما بين بعضها البعض، من قبيل الخدمات الخاضعة للضريبة، لكن فى التطبيق يتم إخضاع فوائد القروض بين الشركات الشقيقة وبعضها فى حين أن المادة المشار إليها واضح بها جملة “فيما بين بعضها البعض”.
زيادة الوعى ورفع كفاءة الإدارة الضريبية أهم محاور ضم الاقتصاد الموازى
وقال رويشد إن إصدار قانون المشروعات الصغيرة والمتوسطة كان له أهمية قصوى لتحفيز المشروعات الصغيرة على الامتثال وسداد ضريبية أقل من سعر الضريبة العام فى قانون الدخل إذا ما خضعوا له.
ولكنه أشار إلى أنه يجب ألا يكون هو العامل الرئيسى لضم الاقتصاد غير الرسمى حيث إن هناك العديد من العوامل الرئيسية الأخرى، مثل زيادة الوعى الضريبى، ورفع كفاءة الإدارة الضريبية واستخدام أحدث الوسائل التكنولوجية ومنها من مشروع الإيصال الإلكترونى، بالإضافة لنقل تجارب الدول الأخرى.
ولفت إلى أهمية المبادرات فى دعم المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر على كل الأصعدة مثل مبادرة توطين.
ونوه شريك الضرائب الرئيسى بمكتب “حازم حسن كى بى إم جى” إلى أن تطبيق الأنظمة الإلكترونية الخاصة بمصلحة الضرائب مثل نظام ميكنة الإجراءات الضريبية، ونظام الفاتورة الإلكترونية والايصال الإلكترونى، ونظام المرتبات الموحد على كل الممولين يسهم فى القضاء تماماً على التقديرات الجزافية أو على الأقل تقليلها لبعض الحالات الخاصة.
أشار إلى أنه بمجرد أن يتم التطبيق الشامل للأنظمة على كل الممولين، سنشاهد حوكمة أكثر للتقديرات الجزافية، كما سيتم وضع أسس ومعايير محددة لاستخدامها من قبل الإدارة الضريبية.
وقال رويشد إن الأصل فى قوانين الضرائب الحديثة أن الممول دائمًا صادق، وعلى الإدارة الضريبية أن تثبت العكس، ومع تطبيق المنظومات التكنولوجيا الحديثة بمصلحة الضرائب أصبحت المعاملات مراقبة من قبل المصلحة، وتخضع للإجراءات المنصوص عليها طبقاً للقوانين وعليه فإنه من المفترض أن المعاملات سليمة تماماً إلا إذا تم اكتشاف عكس ذلك.
وقال إن الخسائر المرحلة تعد من التكاليف واجبة الخصم فى حالة اعتمادها من مصلحة الضرائب ومدة ترحيل الخسائر هى مسألة تقديرية وتختلف من دولة إلى أخرى وفى بعض دول الأسواق الناشئة مثل البرازيل يجوز ترحيل الخسائر التشغيلية الضريبية المتكبدة فى سنة مالية واحدة إلى أجل غير مسمى، وفى دول أخرى يتم ترحيل الخسائر لمدة خمس سنوات مثل مصر والصين والأرجنتين والتشيك.
وقال إن هناك عدة سبل لخفض تكلفة رأس المال منها الإهلاك الإضافى أو احتساب معدل عائد على رأس المال المدفوع يعادل النسب الموجودة بالبنوك كما كان فى القانون 157 لسنة 1981 وتعديلاته.
ومن أجل الوصول لمنظومة ضريبية أكثر عدالة وكفاءة، طالب رويشد بتعديل القوانين الضريبية لتتسم بالوضوح والشفافية والمرونة، ورفع كفاءة الإدارة الضريبة برفع كفاءة المنظومات الإلكترونية الحالية، واستخدام أحدث الوسائل التكنولوجية مع التدريب اللازم، وتسهيل الامتثال على الممولين باستخدام التكنولوجيا.
أضاف أنه يجب الاستعانة بالمنظمات الدولية المعنية لنقل تجارب الدول الأخرى، ووضع أسس ومعايير محددة للحوار المجتمعى، ووضع سبل واضحة وتحت الرقابة الدائمة يتم اللجوء لها فى حالة وجود أى حالات ضريبية خاصة.
وأوضح رويشد أن التجنب الضريبى هو ظاهرة عالمية تسعى الدول بالتعاون مع المنظمات الدولية لوقفها، ووضع الأسس والقوانين اللازمة لحلها.
ونوه إلى أنه فى هذا الإطار تعمل منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية مع أكثر من 137 دولة لوضع القوانين والإجراءات اللازمة لما يسمى بـ”بى إى بى إس” والمعروف أيضًا باسم الركيزة الأولى والركيزة الثانية، وتلك القوانين والإجراءات من شأنها مواجهة التحديات التى تفرضها رقمنة الاقتصاد من قبل الشركات المتعددة الجنسيات.
ويرى أنه يجب على الإدارة الضريبية المصرية سرعة اتخاذ اللازم بشأن تعديل قوانين الضرائب المصرية ومواءمتها مع أفضل الممارسات الدولية والأسس الموضوعة من قبل منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية.
وذكر أن رفع الوعى الضريبى للمواطنين هى إحدى الركائز الرئيسية لوضع السياسة الضريبية، حيث أن الاستفادة من فهم ما يحفز دافعى الضرائب على المشاركة فى النظام الضريبى والامتثال له ينتج عنه تصميم أنظمة ضريبية أكثر فعالية.