مضاعفة حجم الأعمال فى تعريف المشروعات الصغيرة والمتوسطة المقترح الأكثر ترددًا بين مصرفيين على صلة مباشرة بالملف تحدثت إليهم “البورصة”، فى ظل عدم مخاطبة مبادرة التمويل الميسر للشركات الصغيرة الفئات المستهدفة منها.
ويجرى البنك المركزى مناقشات موسعة مع مجلس النواب والبنوك لإعادة تعريف المشروعات الصغيرة والمتوسطة وفقًا للمتغيرات الاقتصادية التى طالت السوق المحلى خلال الفترة الماضية.
وخلال الفترة الماضية ارتفع الدولار مقابل الجنيه من نحو 15.9 جنيه وقت إقرار قانون المشروعات الصغيرة والمتوسطة إلى ما بين 47 إلى 49 جنيهًا فى الوقت الحالى.
ويصنف القانون المشروعات المتوسطة بأنها تلك التى يتراوح حجم أعمالها بين 50 مليون جنيه إلى 200 مليون جنيه، أو كل مشروع صناعى حديث يتراوح رأسماله المدفوع بين 5 ملايين جنيه إلى 15 مليون جنيه أو غير صناعى يتراوح رأسماله بين 3 ملايين جنيه و5 ملايين جنيه.
بينما الشركات الصغيرة هي التي تدور مبيعاتها السنوية ما بين مليون جنيه وحتى أقل من 50 مليون جنيه.
وقال مدير إدارة تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة فى أحد البنوك، إن لجنة المشروعات الصغيرة والمتخصصة فى اتحاد بنوك مصر أجرت مناقشات واسعة وتلقت مقترحات من مختلف البنوك خلال الفترة الماضية حول إعادة تعريف المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وأضاف أن اتحاد بنوك مصر أولى قضية إعادة تعريف المشروعات الصغيرة والمتوسطة اهتمامًا على مدى الأشهر الماضية نظرًا للتغيرات التى طالت السوق المصرى مؤخرًا، إذ أصبح هناك ضرورة مُلحة لتغيير الحدود القصوى لحجم الأعمال لتصنيف فئات الشركات.
وأوضح أن أحد المقترحات المقدمة فى إطار تلك المناقشات هو رفع الحد الأقصى لحجم الأعمال اللازم لتصنيف الشركات المتوسطة إلى 500 مليون جنيه.
وشمل المقترح رفع الحد الأقصى لحجم الأعمال الشركات الصغيرة إلى 200 مليون جنيه، لأنه لم يُجر عليها تعديلات منذ سنوات، بينما التغيرات الاقتصادية خلال الفترة الماضية كانت سريعة ومؤثرة.
الحكومة تدرس تعديل تعريف المشروعات الصغيرة بسبب تغيير سعر الصرف
وتوقع أن يوافق البنك المركزى على زيادة حدود حجم الأعمال إلى 100 مليون جنيه للمشروعات الصغيرة و350 مليون للمشروعات المتوسطة.
وتكتسب قضية توسيع تعريف الشركات الصغيرة والمتوسطة أهمية خاصة فى ظل ارتفاع الفائدة إلى أعلى معدلاتها التاريخية وضعف قدرة تلك الشركات على الحصول على تمويلات بنكية بفائدة تزيد على 30%، وسيؤدى توسيع نطاق الشركات الصغيرة والمتوسطة إلى إتاحة التمويل البنكى لها بفائدة مدعومة من البنك المركزى لا تزيد على 5%.
“يتعين مضاعفة الحد الأقصى لحجم الأعمال الشركات الصغيرة إلى 100 مليون جنيه على الأقل، وحجم أعمال الشركات المتوسطة إلى 400 مليون، لأنه المعيار الأكثر تأثيرًا للشركات حتى تستفيد من المبادرة أكثر من حدود رؤوس الأموال” بحسب مصرفى فى أحد البنوك الخاصة.
أضاف: “لم يعد هناك استفادة حقيقية فى الوقت الحالى من مبادرات تمويل المشروعات الصغيرة، لأنه حينما تم إقرار الحد الأقصى لحجم الأعمال الخاصة بكل فئة كان من الصعب تجاوزه قبل فترة زمنية لا تقل عن 4 سنوات”.
تابع: “فى الوقت الحالى، الشركات تتخطاه فى أشهر قليلة وتخرج عن التصنيف وتفقد إمكانية الاستفادة من مبادرات التمويل”.
وتُشير المادة الثانية من قانون رقم 152 لسنة 2020، إلى إمكانية رفع تعريف حجم الأعمال أو رأس المال المدفوع أو المُستثمر بما لا يُجاوز 10% سنويًا وفقًا للظروف الاقتصادية.
وقال عضو فى مجلس النواب إن هناك مناقشات جادة مع البنك المركزى لتعديل المادة الثانية من القانون بما يتناسب مع الأوضاع الحالية، وإن هناك مرونة كبيرة فى هذا الشأن، وتوقع أن يكون ذلك خلال أسابيع قليلة.
وقال مصرفى آخر إن البنك المركزى سيمهل البنوك غير الملتزمة بقرار الوصول بحصة المشروعات الصغيرة والمتوسطة فى المحفظة إلى 25% عامًا آخر فى ظل تلك التحديات.
أضاف أن قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة يحظى باهتمام خاص من قبل محافظ البنك المركزى.
وألزم البنك المركزى المصرى، البنوك بتمويل الشركات والمنشآت الصغيرة والمتوسطة بنحو 25% من محفظة التسهيلات الائتمانية الخاصة، وتوجيه 10% كحد أدنى من صافى محفظة القروض والتسهيلات الائتمانية المباشرة وغير المباشرة وفقًا للمركز المالى بنهاية ديسمبر 2020 للشركات والمنشآت الصغيرة.
«مستثمرى المشروعات الصغيرة والمتوسطة» يفتتح 30 مصنعًا فى «الفيوم» بـ8 ملايين جنيه
وفى حالة عدم تحقيق النسبتين، يُلزم “المركزى” البنك المخالف بإيداع الرصيد المُكمل للنسبة الأكبر بدون عائد لديه.
واستبعد المصرفى تغيير سنة الأساس التى يتم احتساب النسب عليها، خاصة مع ارتفاع قيم القروض الدولارية أكثر من مرة خلال السنوات الماضية، وارتفاع قيمة المحافظ الائتمانية بما يُصعب الوفاء بالنسب الإلزامية لتمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة ويُعرضهم للعقوبات.
وقال مصدر فى إدارة جودة الائتمان فى بنك مصر المعاملات الإسلامية، إن شريحة الشركات الصغيرة تأثرت فى الأزمة الاقتصادية بسبب دورة الأعمال خاصة فى قطاعات الأعلاف وبعد عودة الأوضاع الاقتصادية فإن كثيرا منها خرج من المبادرة رغم أن حجم نشاطها تقلص فى ظل تضاعف قيمتها.
أضاف أن أغلب من ينطبق عليهم الشروط الحالية للاستفادة من مبادرة الـ5% هى شركات متناهية الصغر وتميل البنوك للتحفظ فى قرار منح الائتمان لها.
أشار إلى أن الشركات الصغيرة والمتوسطة رغم أنها الأسرع فى التأثر فهى الأسرع أيضًا فى التعافى وتجاوز الأزمات لكن مستوى الفائدة الحالى مرتفع بشكل يعيق انتعاشها.
وتصطدم مسألة توسيع نطاق تعريف الشركات الصغيرة والمتوسطة برغبة البنك المركزى والحكومة فى خفض معدلات التضخم إلى مستوياتها الطبيعية، وهو ما يتطلب الاستمرار فى سياسة التشديد النقدى الحالية، الأمر الذى يصعب التوسع فى استثناء القطاعات المدعومة من أسعار الفائدة السائدة فى السوق للحفاظ على فاعلية السياسة النقدية.
وقال مدير إدارة تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة فى أحد البنوك، إن تعديل تعريف المشروعات الصغيرة والمتوسطة دون الاضطرار للتعديل التشريعى، يتيح للمركزى رفع حدود حجم الأعمال نحو 50% بنهاية العام الجارى، لأن قانون المشروعات الصغيرة والمتوسطة رقم 152 لسنة 2020 نص على زيادة الحدود 10% سنويًا.
وأوضح أنه يمكن الالتزام بنص القانون كمرحلة انتقالية حتى يتم إجراء تعديل تشريعى أكثر مرونة مع التغيرات الاقتصادية القوية، خاصة أنه حين شُرع القانون كان سعر الدولار أمام الجنيه المصرى نحو 15.7 جنيه، بينما يبلغ متوسط سعر حاليًا 48.8 جنيه.
وتوقع أن يتم تعديل التعريف خلال أول اجتماع ينعقد لمجلس إدارة البنك المركزى.
وأشار إلى أن توسيع قاعدة المستفيدين من مبادرة تمويل المشروعات الصغيرة بفائدة 5% لا تتعارض مع السياسة النقدية التشددية لأنها تستهدف دعم القطاعات الإنتاجية بما يحقق نموًا اقتصاديًا على المدى المتوسط، ولا تؤثر السيولة المتاحة من قبل المبادرة على نمو الاستهلاك بانعكاس سريع لأنها لا تستهدف المستهلك النهائى.
قال مصدر مصرفى فى أحد البنوك التجارية، إن التوقيت المناسب لإجراء إعادة تعريف المشروعات الصغيرة والمتوسطة، يرجع لاعتبارات سياسة الدولة وأولوياتها فى الوقت الحالى، كما أن القرار مرتبط بعدة أطراف أخرى بخلاف القطاع المصرفى، ويضم عدة أطراف أخرى من وزارات وهيئات معنية.
“المشاط” تبحث مع “البنك الدولي” التعاون في المشروعات المتوسطة
وأشار إلى أن الدولة حاليًا تعمل على هدفين رئيسيين بالتوازى، الأول هو العمل على تخفيض مستويات التضخم الحالية والثانى هو تعزيز معدلات النمو الاقتصادى، وهناك حاجة لدعم القطاعات الاقتصادية الإنتاجية.
ونمت إجمالى المحافظ التمويلية فى البنوك الموجهة للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة 362% خلال الفترة بين ديسمبر 2015 وديسمبر 2023، بحسب تقرير الشمول المالى الصادر عن البنك المركزى المصرى.
وأشار “المركزى” إلى نمو محفظة تمويلات المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة الموجهة للقطاع الزراعى 39%، وللقطاع الصناعى 50%، وعلى أساس المناطق الجغرافية نمت التمويلات لمحافظات الصعيد 56% ولمحافظات الدلتا 71% خلال الفترة من ديسمبر 2020 وحتى ديسمبر 2023.
وارتفعت التمويلات الموجهة للمشروعات المتوسطة 59%، وللمشروعات الصغيرة 58% وللمشروعات متناهية الصغر 71%، الفترة من ديسمبر 2020 وحتى ديسمبر 2023.
وأوضح “المركزى” أن تلك المؤشرات تعكس أبر التعليمات الصادرة فى فبراير 2021، بشأن زيادة النسبة الإلزامية لتمويل القطاع المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة إلى 25% من صافى محفظة تمويلات كل بنك فى ديسمبر 2020، وتوجيه 10% منها للمشروعات الصغيرة.