يتطور القطاع المالى غير المصرفى، فى مصر باستمرار ويشهد أدوات جديدة، كان منها الأدوات الإسلامية لتغطية احتياجات شريحة كبيرة من المستثمرين الراغبين فى الاستثمار فى أدوات مالية إسلامية، مثل الصكوك، أو التمويل بالمرابحة أو المضاربة وغيرها من صيغ التمويل الإسلامى الأخرى.
تكمن أهمية قطاع التمويل الإسلامى غير المصرفى فى قدرته على تقديم خدمات تمويلية لشريحة واسعة من العملاء، ممن لديهم تخوفات من الخدمات التمويلية التقليدية، وبالتالى تحقيق أهم أهداف الشمول المالى، بالإضافة إلى ما يتمتع به القطاع من ضمانات لا تتواجد فى القطاع المالى التقليدى، الذى يعتمد على نسبة عالية من المخاطر.
وجاء الاهتمام فى صورة قرارات الهيئة العامة للرقابة المالية بخصوص الإصدار الأول للصكوك السيادية، وأول رخصة لمزاولة أنشطة التمويل الإسلامى متناهى الصغر، وتوسيع صلاحيات لجنة الرقابة الشرعية المركزية، وأخيرًا إطلاق مؤشر متخصص للشريعة الإسلامية EGX33.
قال محمد فريد، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، إن الهدف الأساسى للهيئة تحويل مصر إلى مركز عالمى للتمويل المتوافق مع الشريعة الإسلامية.
وأشار فريد إلى أهمية الدور الذى تقوم به اللجنة المركزية فى تعزيز وتطوير قدرة الأنشطة المالية غير المصرفية لإتاحة الأدوات والحلول المالية المبتكرة والمتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية بما يتناسب مع زيادة الطلب العالمى على تلك المنتجات التمويلية والاستثمارية والتأمينية من قبل الأفراد المؤسسات واستهداف وزن نسبى أكبر مع الأنشطة المالية التقليدية المتطورة، وكذا تنمية وتنشيط قيد وتداول تلك المنتجات بسوق رأس المال.
البلتاجى: التمويل الإسلامى فى مصر لا يزال أمامه فرص واعدة
وقال محمد البلتاجى رئيس الجمعية المصرية للتمويل الإسلامى، إن قطاع التمويل الإسلامى غير المصرفى لديه فرص نمو كبيرة، وستشهد المرحلة القادمة توسعات أكثر فى هذا الاتجاه، مؤكدًا على أن الكثير من الشركات تجهز لإصدار صكوك إسلامية، ولكن يلزمها الفهم اللازم لآلياتها وكيفية التجهيز لها.
وأضاف أن الاهتمام بالقطاع بدأ من الناحية التشريعية من خلال قرار الهيئة العامة للرقابة المالية بخصوص عرض المنتجات والمعاملات المالية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية على الهيئة الشرعية المركزية لاعتمادها.
وتابع أن القطاع تتنوع خدماته لتشمل التمويلات متناهية الصغر وتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، والتأمين التكافلى، بالإضافة إلى الصكوك، وغيرها، ليستهدف فئات واسعة من العملاء الحريصين على التعامل وفقًا للشريعة الإسلامية.
” التمويل الإسلامي”: 6 إصدارات صكوك تتم دراستها حاليًا بـ12 مليار جنيه
وأشار إلى أن أهمية القطاع تكمن فى استهدافه شريحة تنموية من العملاء، وهم أصحاب المشاريع وغيرهم ممن يقومون بأعمال إنتاجية ذات قيمة فعالة للمجتمع، فبالتالى فإن القطاع يعمل على جذب شريحة مهمة ومؤثرة من الشعب.
وقال إن أهم التحديات التى تواجه القطاع تكمن فى حداثته وعدم توافر الفهم اللازم لهذه النوعية من الخدمات، لذلك يجب أن تتوفر التدريبات المهنية للكوادر المختصة لتفهم الفرق بين قطاع التمويل الإسلامى، وقطاع التمويل التقليدى، بجانب تطوير وتنويع منتجات القطاع المختلفة.
وقامت هيئة الرقابة المالية فى وقت سابق بإعادة تشكيل لجنة الرقابة الشرعية المركزية بالهيئة، وزيادة صلاحيتها، لتوسيع نطاق عملها ليشمل اعتماد إصدارات جميع المنتجات المالية غير المصرفية المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، ووضع الأطر والأحكام العامة لإصدارات الصكوك والأدوات والعقود والمنتجات المالية غير المصرفية التى تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، لضمان سيرها على معايير الشريعة الإسلامية.
الشربينى: القطاع جاذب للمستثمرين الأجانب والعرب
وقال أحمد الشربينى، الشريك المؤسس لـ«آجل»، المنصة الرقمية المتخصصة فى تقديم خدمات المرابحة التجارية المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، إنه يمكن تحقيق نمو غير مسبوق فى قطاع التمويل الإسلامى فى حال تواجد توعية صحيحة ودعم من المجتمعات الإسلامية، ليس فقط من الجهات الحكومية والإدارية، بل ومن أعضاء المجتمع أيضا.
وأضاف أن المجتمع الإسلامى يمثل أكثر من 50% من التعداد السكانى العالمى لمن هم دون الـ43 سنة وهى الفئة التى تتمتع بقدر عالى من القدرات التكنولوجية والتى تظهر فى عدد مستخدمى الانترنت والهواتف الذكية فى إتمام معاملاتهم اليومية، ولذلك فإن التكنولوجيا المالية الإسلامية سيكون لها دور هام فى جذب وإيصال الخدمات المالية الإسلامية للراغبين فيها وهذا مع الاحتفاظ بدور توعوى لنشر ثقافة الخدمات المالية الإسلامية ومميزاتها.
وأشار إلى أن مبادئ القطاع المالى الإسلامى تحتوى على بعد أخلاقى ومجتمعى أكثر منه دينى، والذى يتضح من خلال توافقه مع الأهداف التنموية والمجتمعية الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة، كما يتضح ذلك باهتمام دولة كالمملكة المتحدة بقطاع التمويل الإسلامى، والتى تمثل مساهمة القطاع فيها مستويات مرتفعة عن الدول الإسلامية.
وتابع أنه يجب على الجهات التشريعية أن تصدر عددًا من التعديلات التشريعية لضمان تمكين المؤسسات المالية، الراغبة فى تقديم خدمات مالية تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، من إتاحة خدمات مستحدثة تواكب تطورات السوق، وتتمثل أبرزها فى الهيئة العامة للرقابة المالية بصفتها الجهة الادارية المنوط بها تنظيم القطاع، وقد أدركت الهيئة أهمية هذا القطاع من خلال بعض التشريعات الخاصة، والتى يعد أهمها التنظيم الخاص بإصدار الصكوك.
وأكد أن القطاع يعانى من مجموعة من التحديات؛ أهمها غياب التوعية الكافية، بالإضافة إلى عدم تطوير التشريعات الاقتصادية فى أكثر من سياق، فهناك تعديلات لازمة لتوفير مناخ ملائم للخدمات المالية الاسلامية وأخرى خاصة بدمج التكنولوجيا المالية لتحسين مستوى الخدمات المالية المقدمة بشكل عام، بجانب النقص فى الكوادر، ولكنه منطقى بالنسبة لمحدودية السوق.
وأكد أن إطلاق مؤشر الشريعة الإسلامية خطوة قوية للغاية فى جذب المستثمرين للسوق المصرية خاصة من المستثمرين الأجانب والعرب الراغبين فى هذا النوع من الاستثمار.
وتابع أن مصر لديها فرصة واعدة أن تصبح مركزًا عالميا، خاصة وأن أصحاب الوزن النسبى الأكبر من قطاع التمويل المالى غير المصرفى هى دول ليست إسلامية وغير ناطقة باللغة العربية، مما يعنى فرصا واعدة لمصر أن تصبح مركزًا إقليميا فى الشرق الأوسط فيما يتعلق بالتمويل والمنتجات الإسلامية.