أسهم الولايات المتحدة، كما يقيسها مؤشر ستاندرد أند بورز 500، فى طريقها لتحقيق نمو بنسبة 11% فى الأرباح على أساس سنوى فى الربع الثاني، ما يجعله أقوى ربع منذ الربع الأول من عام 2022.
وتباطأ نمو أسهم “السبعة الكبار” المدعوم بالذكاء الاصطناعى من وتيرته الحادة إلى 30%، وهو ما يزال نموًا مذهلاً.
أما “الـ493 سهمًا الأخرى” فقد حققت نتائج إيجابية لأول مرة منذ خمسة أرباع، وكانت أسرع نسبة نمو فى 7 أرباع بنسبة 7%.
بشكل عام، كان موسم الأرباح جيدًا، لم تأتِ النتائج الفعلية أفضل من توقعات المحللين فحسب، بل تجاوز 82% من الشركات تقديرات الأرباح، وهو رقم أعلى مما شهدناه تاريخياً. ومع ذلك، فقد تراجعت الأسواق.
فيما يلى ثلاث ملاحظات من موسم الأرباح التى تعكس فى بعض النواحى معنويات المستثمرين أكثر مما تعكس الأساسيات الخاصة بالشركات.
الذكاء الاصطناعي: هل يجب الإنفاق أم لا؟
الإجابة، وفقًا لأكبر أربع شركات تقنية فى الولايات المتحدة: يجب الإنفاق وبقوة. فى الواقع، عندما يتعلق الأمر بالذكاء الاصطناعي، أشار الرئيس التنفيذى لأحد هذه الشركات فى مؤتمر أرباح الربع الثانى إلى أن “خطر التقليل من الاستثمار أكبر بكثير من خطر الإفراط فى الاستثمار.”
زادت الخطط الإجمالية للإنفاق على النفقات الرأسمالية، كما أوردتها هذه الشركات الرائدة، بأكثر من 50% من عام 2023 لتتجاوز 200 مليار دولار لعام 2024، مع نمو مضاعف إضافى متوقع لعام 2025، ونعتقد أن هناك مجالًا لمزيد من الارتفاع.
فى حين بدا أن الأسواق رحبت بزيادة الاستثمار فى الربع الأخير، فإنها ركزت هذه المرة على ما إذا كان هذا الإنفاق سيحقق عائدًا كافيًا على الاستثمار.
هذه المخاوف أثارت تصحيحًا فى أسهم التكنولوجيا. ويرى فريق الاستثمار فى التكنولوجيا العالمية أن هذا التراجع الصيفى مؤقت، حيث سيستمر الزخم فى مجال الذكاء الاصطناعى فى تقديم فرص مغرية جديدة.
وقد أظهرت أرباح الربع الثانى أدلة على ذلك، فإحدى الشركات العالمية الرائدة فى مجال التحكم بالطاقة لمراكز البيانات تجاوزت توقعات أرباحها ورفعت توجيهها المستقبلي، مستشهدة بطلبات أفضل من المتوقع وزيادة فى تراكم الطلبات.
هل يعود قطاع الرعاية الصحية للنمو؟
هذا تساؤل آخر تثيره نتائج الأعمال، فقطاع الرعاية الصحية سجل أدنى نسبة نمو سنوى فى الأرباح فى الربع الأول، لكنه تحول هذا الربع ليكون بين أعلى معدلات النمو عبر قطاعات مؤشر ستاندرد أند بورز 500، كما تبدو التوقعات مشرقة، حيث يتصدر قطاع الرعاية الصحية تسارع الأرباح فى 2025.
على الرغم من النتائج القوية العامة للربع الثاني، لاحظنا مشاعر مختلطة هنا أيضًا، فرغم أن شركتا الأدوية البارزتان اللتان تصنعان أدوية السكرى وفقدان الوزن GLP-1 شهدتا تطورات أرباح متباينة، ومع ذلك خسرت قيمتيهما بشكل متساوٍ فى التراجع السوقى.
فى أماكن أخرى، تواصل المستشفيات تعافيها ما بعد كوفيد مع عودة الطلب على الإجراءات الطبية إلى طبيعته.
كما بدأت الضغوط العمالية فى التراجع بعد نقص الممرضات فى حقبة الجائحة، وتتحسن قاعدة تكاليف المستشفيات مع تراجع الحاجة إلى توظيف العمال المؤقتين واستقرار تكاليف التمريض.
وإحدى المستشفيات التى نفضلها حققت ارتدادًا غير متوقع بنسبة 60% فى أرباح الربع الثانى، كما يستفيد صانعو الأدوات الطبية، حيث بدأت المستشفيات الرابحة الآن فى الإنفاق على المعدات.
وإجمالًا تقدم الرعاية الصحية فرص متباينة، فالتقييمات العامة جذابة وتوقعات الأرباح إيجابية، ومع ذلك، ليست كل المجالات فى القطاع مغرية بشكل متساوٍ. فالشركات الكبرى للأدوية فى الولايات المتحدة، على سبيل المثال، تواجه مخاطر انتهاء حقوق براءات الاختراع، لكن موزعى الأدوية يستفيدون من انتهاء صلاحية البراءات وظهور المزيد من الأدوية الجنيسة للتوزيع.
الأسهم الاستهلاكية: هل يجب أن تشترى؟
الإجابة على السؤال لها أبعاد مختلفة، فلقد لاحظنا منذ فترة طويلة علامات توتر بين المستهلكين، خاصةً بين الفئة ذات الدخل المنخفض.
ويبدو أن التصدعات تتسع اليوم. إحدى سلاسل الوجبات السريعة الرائدة ذات الانتشار العالمى شهدت انخفاضًا فى المبيعات فى الربع الثانى لأول مرة منذ أكثر من ثلاث سنوات، فسنوات من التضخم العالى لها تأثير، وقوة التسعير بدأت تتعرض للتساؤل حيث يتعين على الشركات تعديل أسعارها للحفاظ على الطلب.
الأسواق المتوسطة والعالية عمومًا أقوى، لكنها ليست محصنة. حتى بعض العلامات التجارية الفاخرة شهدت ضغطًا على المبيعات حيث حد المتسوقون من الإنفاق بسبب مخاوف من ضعف الاقتصاد.
وقام صانعو بعض السلع ذات الأسعار المرتفعة مثل الدراجات النارية والأجهزة بتخفيض التوقعات، وأخفقت إحدى شركات بطاقات الائتمان الكبرى فى تحقيق توقعاتها.
وهناك أمثلة أخرى بينها سلسلة رئيسية لتحسين المنازل لم تظهر أى نمو فى الربع الثانى بعد خمسة أرباع متتالية من تراجع الأرباح وأشارت إلى استمرار الاتجاه الضعيف فى إعلان الأرباح الخاصة بها.
لكن مع تحول بعض الطلب من الشرائح الأعلى دخلًا للطلب على السلع أقل سعرًا فإن ذلك دعم أكبر بائع تجزئة فى أمريكا وقائد السوق منخفض السعر، لتحقيق نتائج قوية فى الربع الثانى ورفع توقعاته للعام بأكمله.
يبدو أن شريحة الرفاهية الفائقة تظهر أكبر قدر من الصمود، مستفيدة من الدخل المرتفع.
لذلك نميل إلى أن الشركات ذات المنتجات المتميزة وقوة التسعير القوية، والعلامات التجارية القوية التى لديها قاعدة عملاء مخلصة وآمنة من الناحية المالية تعتبر جذابة نسبيًا، وإجمالًا، ما أرغب فى قوله أنه وسط العديد من الرسائل المختلطة فى سوق اليوم فن اختيار الأسهم أمر مهم.
والفهم العميق لديناميكيات الصناعة وأساسيات الشركات الفردية يمكن أن يكون مفيدًا ليس فقط فى تحقيق نتائج استثمارية إيجابية، بل أيضًا فى تقديم بعض الطمأنينة عندما تختبر نوبات تقلبات السوق مثل تلك التى شهدناها هذا الصيف قناعة المستثمرين.