«على»: العقوبات الجنائية بالتعديلات مضرة للأسطول التجارى وعلينا إلغاؤها
استطلعت «البورصة» آراء عدد من الخبراء بمجال النقل البحرى، حول التعديلات الأخيرة التى أقرها مجلس الوزراء بشأن تسجيل وسلامة السفن التجارية ورسوم التفتيش البحرى، ومعرفة مدى قدرتها على تحقيق خطة الدولة فى زيادة طاقة وحجم الأسطول التجارى المصرى، وتعظيم دور قطاع النقل البحرى وتحويل مصر إلى مركز عالمى للتجارة واللوجستيات.
قال الدكتور محمد على، خبير اللوجستيات ومستشار وزير النقل السابق، إنه من الأفضل أن يكون القانون الخاص برفع العلم المصرى لا يحتوى على أى عقوبات جنائية، وأن تقتصر على عقوبات مالية رادعة، موضحاً أن العقوبات الجنائية سوف تؤثر سلباً على تنمية الأسطول التجارى المصرى، ولن تُحقق الهدف من التعديلات وهى جذب رجال الأعمال لرفع العلم المصرى على سفنهم وزيادة طاقة الأسطول التجارى.
وأضاف أننا نواجه مشكلة كبيرة فى الوقت الحالى وهى وجود عدد كبير من رجال الأعمال المصريين يمتلكون سفناً ترفع أعلام دول أجنبية، والسبب فى ذلك هو التيسيرات والمميزات الكبيرة التى تمنحها تلك الدول وغير المتوفرة فى مصر، لذلك من الضرورى استقطاب هؤلاء المستثمرين لرفع العلم المصرى على سفنهم، ولتحقيق ذلك علينا إلغاء جميع الإجراءات الطاردة، ومن بينها العقوبات الجنائية الموجودة فى قانون تسجيل السفن التجارية.
وأكد خبير اللوجستيات ومستشار وزير النقل السابق، أنه من الضرورى إعادة النظر إلى قرار شطب تسجيل السفينة من سجل السفن المصرية فى حال تسجيلها فى دولة أخرى أخرى، مؤكداً أن هناك دولاً أوروبية مثل ألمانيا تسمح بازدواجية الجنسية للسفن، بمعنى إذا كانت السفينة تحمل جنسية دولة أجنبية وتريد الحصول على الجنسية الألمانية لا يُشترط إلغاء جنسية الدولة الأولى للحصول على الجنسية الألمانية، مطالباً بألا يُصر الجانب المصرى على رفع العلم المصرى فقط وأن يواكب التغييرات العالمية فى منظومة النقل البحرى.
كيف يرى المجتمع الملاحى برنامج الحكومة الجديدة لقطاع النقل؟
وطالب مستشار وزير النقل الأسبق، بضرورة وضع تسهيلات بشأن إجراءات الحصول السفينة على الجنسية المصرية، بالإضافة إلى أن تقليل رسوم تسجيل السفن لأنها كبيرة جداً وطاردة، وإلغاء أو إعادة النظر حول رسوم الجمارك المفروضة على السفن، خاصة أنها لم تدخل الموانئ المصرية.
وأضاف أن هناك الكثير من الدول التى منحت مميزات لملاك السفن لحمل علمها متمثلة فى إعطاء أولوية لتراكى السفن فى البلد وأولوية للدخول إلى موانئها، كما أن هناك بعض البلدان التى تعطى إعفاءات جمركية وضريبية لملاك السفن التى يحملون علمها، مؤكداً أن كل هذه الإجراءات علينا تطبيقها لتشجيع رجال الأعمال لرفع العلم المصرى على سفنهم، ما ينعكس إيجابياً على الأسطول التجارى المصرى.
ويرى أن من أبرز القرارات التى ينبغى علينا تعديلها فى الوقت الراهن وإعادة النظر لها، قرار «لا يجوز للسفينة بيعها إلا بموافقة كتابية من وزير النقل»، إذ يترتب عليه مواجهة رجل الأعمال مشكلة فى التمويل، ولا يستطيع الحصول على قرض من بنك، لأنه لا يوجد إمكانية رهن السفينة أو بيعها فى حال التعثر فى السداد، وهو ما يعد عقبة أساسية للمستثمر فى سياسات تمويل السفن.
وأعطى خبير اللوجستيات ومستشار وزير النقل سابقاً مثالاً على المميزات التى تمنحها بعض الدول لملاك السفن، وهى «الولايات المتحدة الأمريكية تعطى دعماً سنوياً أو رمزياً لملاك السفن مقابل وضع سفينته تحت تصرف الدولة فى حالة احتياج الدولة لها».
«كامل»: مشكلة التمويل من أبرز العقبات أمام النهوض بالأسطول التجارى
وقال الدكتور محمد كامل، الباحث فى شئون النقل الدولى واللوجستيات، المستشار الاقتصادى لشركة ماهونى للملاحة، إنه من الجيد على الحكومة الحالية إعادة النظر إلى قوانين هيئة السلامة البحرية، والتى لم تضع تعديلات بصورة كبيرة منذ عام 1964، فى ظل التطورات العالمية فى صناعة السفن ومنظومة النقل البحرى بصفة عامة.
ويرى أن الإجراءات الأخيرة منقوصة وليست كاملة ولا تتوافق مع تطلعات المجتمع الملاحى فى ظل حرص الدولة على النهوض بالقطاع وتعظيم للاستفادة من موقعها الاستراتيجى، ومن المفترض فى الوقت الراهن العمل على إعادة صياغة القوانين وليس «ترقيعها»، كما ينبغى علينا إعادة هيكلة هيئة السلامة البحرية بصورة عامة وإقرار قوانين شاملة للتجارة البحرية تشمل جميع الأنشطة والقطاعات وليست قطاعاً واحداً.
وأضاف أن قطاع النقل البحرى يتعامل مع السفينة كأنها عقار أو مصنع، إذ يتطلب من مالك السفينة ضرورة الحصول على موافقة كتابية من قبل وزير النقل قبل بيع السفينة، وفى حالة بيع سفينة ما بين طرفين مصريين يشترط تسجيلها فى الشهر العقارى، رغم أنها ليست عقاراً، وينتج عن تلك العملية مبالغ وإجراءات طويلة.
وذكر أن النهوض بالأسطول التجارى يتوقف على عدة إشكاليات، من أبرزها التمويل، كما أن قطاع النقل البحرى لا يحظى بمميزات كقطاع النقل الجوى، إذ إن القانون يسمح لشركة «مصر للطيران» بشراء طائرة من إحدى الشركات الأجنبية وتظل هذه الطائرة مرهونة عند الشركة الأجنبية حتى يتم سداد ثمنها من قبل شركة «مصر للطيران»، وهذا الإجراء غير متوفر فى شراء السفن.
وأشار إلى أن المستثمر الوطنى لا يجد مميزات لرفع العلم المصرى، كما يجد فى بعض الدول الأخرى، كما أنه يواجه إجراءات صعبة ومعقدة على أجزاء السلامة البحرية، بالإضافة إلى إجراءات التفتيش على بدن السفينة أو التفتيش على الأجزاء الميكانيكية والكهربائية للسفينة أو على وحدة الإنقاذ الموجودة فى ظهر السفينة والتى تتعرض للتلف فى بعض الأحيان أثناء التفتيش، وتصل سعرها إلى 50 ألف دولار فيما يعادل 2.5 مليون جنيه للوحدة الواحدة فقط.
توقعات متفائلة لأداء الموانئ المصرية فى النصف الثانى من 2024
وأوصى الباحث فى شئون النقل الدولى واللوجستيات والمستشار الاقتصادى لشركة ماهونى للملاحة، بوجوب مراجعة المميزات التى تمنحها الدول للسفن التى ترفع أعلامها مثل الفلبين وتركيا واليونان حتى نستطيع مواكبة دول العالم فى قطاع النقل البحرى.
وأضاف أن هناك قاعدة متبعة فى منظومة النقل البحرى (40-40-20)%، وتعنى أنه يُحق نقل 40% على أسطول دولة المُصدر، و40% على أسطول دولة المُستورد، و20% على أسطول دولة العالم الثالث، موضحاً أننا لا نستطيع تطبيق تلك القاعدة بهذه النسب، والسبب عدم وجود سفن لديها رحلات فى مناطق الكثافة التجارية، كما أنها لا تُقدم نوالين تتناسب مع النوالين التى تقدمها الدول المجاورة، ما يتسبب فى فقد ميزة 40% من تجارة مصر، والتى من المفترض أن تكون منقولة على السفن المصرية، كما أنها تفتقد ميزة 20% والتى من المفترض تُنافس بها تجارة الدول الأخرى.
يرى «كامل» ضرورة إعطاء حوافز ضريبية لملاك السفن فى حال تحقيقهم عدد رحلات محدداً أو حجم حمولات كبيراً، بالإضافة الى أنه من الضرورى تقديم تخفيضات للسفن التى ترفع العلم المصرى فى حال تحقيقها الإيرادات المتفق عليها، كما أنه من الضرورى إعطاء السفن التى ترفع العلم المصرى أولوية لدخول الموانئ المصرية، ودفع رسوم أقل من السفن التى تدخل الموانئ المصرية ولا ترفع العلم المصرى.
وتابع أنه لا بد من تغيير سياسة البنوك المصرية تجاه نشاط النقل البحرى، والذى يراه أنه نشاط عالى المخاطرة لذلك لا يقوم بتمويل أى نشاط مرتبط بمجال النقل البحرى سواء فى شراء السفن أو غيره من الأنشطة، بالرغم أن العائد من قطاع النقل البحرى بالدولار، وهو ما يحتاجه الاقتصاد المصرى فى الوضع الراهن.
وأفاد بأن هناك العديد من الخدمات التى علينا توفرها لجذب المستثمر الأجنبى لرفع العلم المصرى على سفنه، مثل خدمات الصيانة والإصلاح سواء على الأرصفة أو فى الماء، كما أنها بحاجة إلى أحواض عائمة وجافة، بالإضافة إلى خدمات التزود بالوقود والزيوت والشحوم والمياه العذبة، كما أنه بحاجة إلى خدمات تفريغ الفضلات.
وحول التعديل بشأن رفع العلم المصرى على السفينة يشترط ألا يزيد عمرها على 25 عاماً و20 عاماً بالنسبة لسفن الركاب لكى يرفع العلم المصرى عليها.
«صابر»: قرار رفع عمر السفينة لـ20 عاماً يدعم زيادة أسطول السفن بمصر
ويرى أحمد سالم صابر، خبير فى النقل الدولى واستشارى سلاسل الإمداد، أن قرار التعديل بزيادة العمر الافتراضى للسفينة، يُساعد على زيادة حجم الأسطول التجارى المصرى.
وقال إن التعديلات الأخيرة التى أقرها مجلس الوزراء، اقتصرت على تسجيل السفن ورفع العلم المصرى والإجراءات الذى ينبغى على مالك السفينة اتباعها حال تعرضها للأسر أو التلف ورفع عمر السفينة لـ25 عاماً و20 عاماً بالنسبة لسفن الركاب، موضحاً أن قطاع النقل البحرى بحاجة إلى سن تشريعات تُساعد على زيادة حجم التجارة وتقليل مدة بقاء السفن داخل الموانئ المصرية، ما يرفع تصنيف الموانئ المصرية، ويزيد من معدلات تشغيلها، بالإضافة إلى وجود تشريعات تُسهم بصورة كبيرة فى زيادة الأسطول التجارى المصرى.
وأضاف أننا بحاجة إلى وجود ترسانات بناء سفن فى موانئ البحرين المتوسط والأحمر كترسانة الإسكندرية على سبيل المثال، ولا يشترط أن تكون سفناً عملاقة بل سفناً صغيرة الحجم تناسب الغاطس فى الموانئ المصرية، وللاستفادة من تلك الترسانات، علينا تسويقها بصورة جيدة ومدروسة لتعظيم الاستفادة منها.
وأكد ضرورة إلغاء جميع العراقيل الموجودة فى قوانين حماية السفن، مؤكداً أننا بحاجة ماسة إلى إجراء تعديلات فى قوانين ملكية السفن، موضحاً أن القرارات الأخيرة اقتصرت على تسجيل السفن التجارية فى حالة الحرب أو تعرضها للأسر، أو إذا كان مستأجر السفينة غير مصرى ويريد تسجيلها.
ويرى «صابر»، ضرورة لإعادة النظر إلى قانون تأجير السفن والعمل على تعديله، بالإضافة إلى ضرورة إعطاء ميزات خاصة للسفن التى ترفع العلم المصرى مثل إعفائها من تعريفة قناة السويس، وهو ما يشجع الشركات الأجنبية على رفع العلم المصرى على سفنها، مضيفاً أنه لا بد من الاهتمام بخدمات إصلاح وصيانة ترسانات بناء السفن المصرية وإعادة هيكلتها لتحقيق للاستفادة منها.
ووافق مجلس الوزراء، منذ أيام، على عدد من مشروعات القوانين الخاصة بتعديل بعض أحكام القوانين: القانون رقم 84 لسنة 1949 بشأن تسجيل السفن التجارية، والقانون رقم 156 لسنة 1980 فى شأن رسوم التفتيش البحرى، والقانون رقم 232 لسنة 1989 فى شأن سلامة السفن، وقانون التجارة البحرية الصادر بالقانون رقم 8 لسنة 1990.
وقال نهاد شاهين، نائب وزير النقل، خلال جولة أجرها فى ميناء الإسكندرية الأسبوع الماضى، إنَّ الوزارة تسعى للنهوض بالأسطول التجارى المصرى الذى يتكون من 25 سفينة تجارية، ومن المخطط الوصول به إلى 36 سفينة بحرية بنهاية 2030، مؤكداً أن تطوير الأسطول التجارى سوف يُمكننا من نقل ما يصل إلى 25 مليون طن بضائع من السلع الأساسية للسوق المحلى.