الوقاد: توافر سيولة دولارية كافية قد يشجع الحكومة لاستدعاء بعض السندات
مع الاتجاه لتوسع الدولة فى مبادلة الديون خاصة العربية باستثمارات باتت التوقعات تشير لاستمرار انخفاض الدين الخارجى.
وقال مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء إن وزارة المالية ستعلن الشهر الجارى تفاصيل خطة خفض الدين العام المحلى والخارجى، وإنها مستمرة فى خفضه على المدى المتوسط والطويل.
وكان قد كشف فى بيان أن السعودية تدرس تحويل ودائعها لدى البنك المركزى إلى استثمارات، ويبلغ حجمها نحو 10 مليارات دولار.
وفتح مشروع رأس الحكمة الباب أمام صفقات جديدة بعد أن غطت التدفقات النقدية البالغة 24 مليار دولار جزءا كبيرا من فجوة مصر التمويلية.
وبعد أن كان يتطلب سد الفجوة التمويلية تعهد الدول العربية بعدم تحويل الودائع لاستثمارات عدًل صندوق النقد فى وثائق المراجعة الأخيرة لبرنامجه مع مصر ذلك الشرط وقال إن الودائع البالغة 19 مليار دولار حاليًا بوسعها أن تتحول لاستثمارات.
وقال يوسف البنا، محلل الاقتصاد الكلي في شركة النعيم للوساطة فى الأوراق المالية، إن تراجع الدين الخارجى فى مايو الماضى إلى أدنى مستوى فى 3 سنوات لا يعنى أن التراجع بلغ ذروته بعد، فالصفقات المرتقبة مع السعودية ستؤدى لانخفاض أكبر.
وأشار إلى أنه بخلاف الصفقات فإن الدولة يجب أن تعمل على تعزيز مواردها وحل النقص الهيكلى عبر تدعيم قطاعات التصدير، والسياحة، وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وزيادة تحويلات المصريين العاملين في الخارج.
واستبعد فى ظل الفائدة المرتفعة أن تكون البورصة المصرية آلية لجذب الاستثمارات الأجنبية فى الأسهم، رغم تحسن وضعها فى مؤشرات عالمية مثل مورجان ستانلى وفوتسي راسل فى ظل الفائدة المرتفعة حاليًا.
وقال إن تخفيض الدين عبر استرداد السندات المطروحة بالدولار قد يكون خياراً ذكيًا حال قل سعرها بشكل كبير عن سعر الطرح لكن ذلك غير ممكنًا فى ظل عدم وجود فوائض دولارية حتى لو كان المالك الأساسى لها حاليًا بنوك مصرية.
ويتوقع صندوق النقد أن يرتد الدين الخارجى كنسبة للناتج المحلى إلى 40.7% فى نهاية العام المالى الحالى على أن يتراجع إلى 34.7% العام المالى المقبل، و29.8% فى العام المالى 2026-2027، على أن يصل إلى 27% فى العام المالى 2027-2028 ونحو 24.7% فى 2028/2029.
وقال محلل مالى لـ”البورصة” إن تحقيق هذه التوقعات يستلزم إتمام صفقات استثمارية مشابهة لصفقة رأس الحكمة.
وأشار إلى أن ما قد يحدث هو تحجيم الزيادة أو الخفض التدرجى بجعل ما يتم سداده أعلى مما يتم اقتراضه من خلال ترشيد الإنفاق بالعملة الأجنبية المرتبط خاصة بمشاريع البنية التحتية الكبرى.
وتوقع أن تشهد البورصة طروحات جديدة خلال الفترة المقبلة، بهدف تخفيف أعباء الديون، بما يخدم خطة الدولة بخفض الدين الخارجى.
وكشف برنامج عمل الحكومة عن نيتها توجيه ما يعادل 1% من الناتج المحلى الإجمالى من حصيلة برنامج الطروحات والتخارج من الأصول لخفض الدين الحكومى.
وقالت دينا الوقاد، محللة الاقتصاد الكلي فى أحد بنوك الاستثمار، إن زيادة الاحتياطيات الأجنبية لدى البنك المركزي، وتحسن تدفق العملات الأجنبية، يُبشِر باستمرار الاتجاه النزولي للدين الخارجي خلال الفترة المقبلة.
ويتوقع صندوق النقد استمرار ارتفاع الاحتياطى خلال الفترة المقبلة ليصل إلى 47.2 مليار دولار بنهاية العام المالى الحالى.
وشددت على ضرورة الحرص في استخدام الاحتياطي الأجنبي، واستغلاله في تسديد جزء من الديون الخارجية، فضلًا عن ضرورة إعادة هيكلة ديون الحكومة، من خلال إعادة التفاوض مع الدائنين.
وأضافت الوقاد، أنه من الأفضل تحديد شروط لأي سندات دولية جديد تطرحها مصر، بما يُلائم الوضع الحالي، ويُسهم في خفض تكلفة الدين.
وتابعت: “تحقيق استمرار خفض الدين الخارجي لمصر، يُحتم على الحكومة استمرار تنفيذ سياساتها النقدية الحالية، مع مواصلة الإصلاحات المالية والهيكلية والسياسات التي تتبناها في برنامجها الجديد، لزيادة الكفاءة الاقتصادية.
ولفتت إلى أن الدولة بحاجة إلى تحسين تحصيل الضرائب، بهدف زيادة الإيرادات وتقليل العجز في الموازنة.
وأكدت أن السوق المحلي في حاجة إلى تنويع الأنشطة الاقتصادية، للحد من الواردات وتعزيز الصادرات، مما يُحسن من الميزان التجاري من ناحية، ومن ناحية أخرى يُنشط البيئة الاقتصادية، بهدف جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة خاصة في القطاعات الإنتاجية.
ورجحت الوقاد، أن تشهد البورصة المصرية طروحات من شركات وكيانات حكومية قادرة على جذب تدفقات أجنبية تساعد فى سداد الديون بدلًا من إعادة تمويلها بديون أخرى.
وترى أنه حال توافرت سيولة أجنبية بقدر كافى قد تلجأ الحكومة لاسترداد بعض السندات قصيرة الأجل بما يُخفض مديونيتها.
وقالت إن البنوك التى تمتلك الورقة المالية قد تحقق خسائر مالية إذا كان سعر استدعاء المالية أقل بكثير، لكنها ستسفيد بالسيولة الدولارية.
وتوقع على متولي، محلل الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في إحدى شركات الاستشارات في لندن، أن تكون الصفقات وتبادل الديون هى الحل الأمثل لخفض الدين، الذى سيؤدى بالتبعية لتحسين تصنيف تكلفة التأمين ويؤدى لخفض تكاليف الاقتراض المستقبلية بما يحافظ على استدامة الديون.
ومن المقرر أن تجرى وكالة فيتش للتصنيف الائتمانى مراجعتها لتصنيف مصر فى 1 نوفمبر المقبل، فيما تراجعه “ستاندرد أند بورز” للتصنيف فى 18 أكتوبر.
وقال متولى إنه لضمان ألا يكون التحسن مؤقتًا فإنه يجب زيادة الموارد الدولارية الذاتية وتقليل الاعتماد على الاقتراض لتمويل الخطط الاقتصادية.
وأشار إلى أن خفض الاقتراض إذا تزامن مع تمكين القطاع الخاص ونمو الاستثمارات سيؤدى لتراجع الدين كنسبة للناتج المحلى بشكل ملحوظ فى العام المالى 2026-2027.