فى ظل ارتفاع أسعار الفائدة عالميًا، شهدت أسواق التمويل تغيرات جذرية أثرت بشكل كبير على أنشطة مثل التوريق كأداة تمويلية تعتمد عليها المؤسسات المالية لتسهيل الحصول على سيولة.
ويعتمد التوريق بشكل أساسى على تجميع الأصول المالية، مثل القروض والرهون العقارية، وتحويلها إلى أوراق مالية قابلة للتداول فى الأسواق. ومع ارتفاع أسعار الفائدة، تغيرت ديناميكيات السوق، مما أثار تحديات جديدة أمام هذا النشاط الذى كان من المتوقع تراجعه مع ارتفاع أسعار الفائدة.
إلا أنه خالف التوقعات مسجلاً نموًا فى قيمة إصدارات سندات التويق بواقع 64% على أساس سنوى لتصل إلى 87.6 مليار جنيه فى عام 2023، مقابل 40 مليار جنيه خلال عام 2022، وفقًا لبيانات الهيئة العامة للرقابة المالية.
وترى بسمة بكرى، المحلل المالى بشركة الأهلى فاروس لتداول الأوراق المالية، أن معدلات الفائدة المرتفعة خلال الفترة الماضية أدت إلى عزوف العملاء عن عملية الاقتراض، مما نتج عنه انخفاض حجم المحفظة فأصبحت غير ملائمة من حيث الحجم لتحمل تكاليف عمليات إصدار سندات توريق.
وأضافت بكرى، أن عددًا كبيرا من الشركات اتجهت لتأجيل عملية إصدار سندات التوريق لحين انخفاض معدلات أسعار الفائدة الحالية.
وفى مارس الماضى، رفع البنك المركزى المصرى باجتماع استثنائى، أسعار الفائدة بواقع 600 نقطة أساس، وذلك لكبح جماح التضخم، لتزيد أسعار الفائدة بإجمالى 1900 نقطة منذ مارس 2022.
حمدى: وقف عمليات التوريق لـ”التأجير التمويلى” سيؤثر على قيمة الإصدارات
يرى هشام حمدى المحلل المالى بشركة النعيم القابضة، أن أسعار الفائدة المرتفعة ليست وحدها التى أثرت على نشاط التوريق خلال الفترة الأخيرة، مشيراً إلى أن الضوابط التى فرضها البنك المركزى على شركات التأجير التمويلى من ضمن الأسباب التى قادت التأثير على عمليات التوريق خاصة لشركات التأجير والذى سيظهر أثره فى بيانات الرقابة المالية بنهاية العام الجارى عن نشاط التوريق.
وبنهاية فبراير الماضى، ألزم المركزى البنوك بعدم تجاوز التسهيلات الائتمانية والاستثمارات فى محافظ التوريق لشركات التأجير التمويلى 5% من إجمالى محفظة القروض والتسهيلات لديها، كما ألزم البنوك بعدم منح تسهيلات ائتمانية بالعملات الأجنبية لشركات التأجير التمويلى إلا فى حالة وجود عملية استيرادية بالفعل وتوافر مصادر كافية لديها بتلك العملات للسداد.
وتابع حمدى أن الشركات تقوم بتوريق محفظة القروض لديها لعدة أسباب، أهمها أنه وسيلة تمويل بالإضافة إلى تخفيف الرافعة المالية، ولكن فى ظل ارتفاع معدلات الفائدة إلى مستويات تاريخية، فمن الأفضل لمقدمى الخدمات المالية غير المصرفية الاحتفاظ بمحافظ القروض لديهم، حيث إن معظم هذه الشركات تقترض بمعدل فائدة متغير وتقرض بمعدل ثابت.
عبدالحكيم: قيمة إصدارات التوريق ستتأثر خلال العام الجاري
وفى سياق متصل توقع محمد عبدالحكيم، رئيس قسم البحوث بشركة أسطول لتداول الأوراق المالية، أنه مع انخفاض أسعار الفائدة لمستويات معقولة سيبدأ النشاط لرواجه مرة أخرى، مشيرًا إلى أن قيمة إصدارات النشاط من الممكن أن تشهد تؤثر خلال العام الجارى بسبب ارتفاع أسعار الفائدة إلى المستويات الحالية.
وتتوقع المراكز البحثية خفض أسعار الفائدة، وبحسب مذكرة بحثية لبنك جولدمان ساكس فمن المرجح خفضها 1% الشهر المقبل على أن يتبعه خفض آخر بنحو 2% فى الربع الأخير من العام.
ويوجد إجماع بين المحللين وبنوك الاستثمار على حدوث خفض للفائدة قبل نهاية العام الحالى، بحسب التقارير الصادرة مؤخرًا.