يواجه اقتصاد المغرب ثلاثة تحديات رئيسية، خلال الفترة المقبلة تتمثل في رفع الإنتاجية وخلق فرص عمل ومواجهة تغير المناخ وندرة المياه، بحسب ماتياس كورمان، الأمين العام لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OCDE) خلال مؤتمر نظم في العاصمة الرباط اليوم الأربعاء.
قد يحقق اقتصاد المملكة نمواً بـ4% العام المقبل من 3.5% المتوقعة نهاية هذا العام، وسيكون ذلك مدعوماً بزيادة الاستثمارات وقوة الصادرات بحسب دراسة اقتصادية صادرة عن المنظمة.
أضاف كورمان في المؤتمر أن زيادة الدخل وتحسين مستوى المعيشة في المملكة يستلزم مواجهة التحديات الثلاثة التي تفرض نفسها على البلاد على المدى الطويل.
توقعات الدراسة تشير إلى استمرار عجز الميزانية في الانخفاض ليتنقل من 4% هذا العام إلى 3.5% في 2025، واستقرار الدين الحكومي في حدود 70% من الناتج المحلي، ووصول التضخم إلى مستهدف 2% العام المقبل.
كيف تواجه المغرب التحديات؟
لزيادة الإنتاجية، دعا الأمين العام للمنظمة الدولية التي تتخذ من باريس مقراً لها، السلطات المغربية لرفع حصة الاستثمار الخاص وبذل جهود أكبر لمكافحة الفساد، مشيراً إلى أن العديد من الشركات المغربية تُقر بأن دفع مقابل أمر منتظر من أجل تسهيل بعض الأنشطة.
يُعاني سوق العمل في البلاد من ارتفاع حصة الاقتصاد غير الرسمي، فبحسب أرقام المنظمة 67.6% من اليد العاملة تعمل في القطاع الثانوي، كما أن البطالة مرتفعة بشكل كبير لدى الشباب والنساء، ولمواجهة هذا الوضع أوصت الدراسة بخفض الضرائب وتقليص الاشتراكات في صناديق التقاعد والتغطية الاجتماعية وتعزيز مراقبة العمل.
بدوره، أشار سيباستيان بارنس، رئيس قسم بالإدارة الاقتصادية في المنظمة، إلى أن المغرب متأخر في قطاع التعليم ومشاركة المرأة في سوق العمل التي لا تزال ضعيفة جداً بالمقارنة ببلدان أخرى. وهذه تحديات مطروحة في السنوات القادمة.
وأشار ماتياس كورمان إلى أن المملكة معرضة لارتفاع الحرارة وتواجه حالياً إجهاداً مائياً، ونوه بإعلان البلاد هدف تحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050، لكنه شدد على أن ذلك يحتاج مقاربة شاملة لتسعير الكربون.
من شأن رفع أسعار المياه تدريجياً أن يشجع على استخدام الموارد المائية بشكل أكثر كفاءة خصوصاً في ظل انخفاض مستوى هطول الأمطار وتوالي مواسم الجفاف لسنوات، بحسب توصيات الدراسة الاقتصادية.
4 مميزات رئيسية
إمكانية زيادة معدل النمو، السؤال الأبرز في المؤتمر، وأشار أحمد رضا الشامي، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، في مقابلة مع “الشرق” إلى أن البلاد بإمكانها تحقيق نسبة أعلى 6% في حال استفادت بشكل كامل من 4 مميزات رئيسية.
وأوضح أن أولى المميزات التي تستوجب الاهتمام هي “الرأسمال الطبيعي” ويشمل ذلك الاقتصاد البحري الممتد على 3500 كيلومتر من خلال تطوير الصيد وصناعة السفن والزراعة والطاقة البحرية.
وثاني المميزات حسب الشامي هو “رأس المال غير المادي” الذي يجمع الاقتصاد الرقمي والحرف التقليدية والأنشطة الثقافية والفنية. أما الثالث فيتضمن الموقع الجغرافي للمملكة الذي تستفيد منه صناعات محلية مثل السيارات والطيران لقربها من السوق الأوروبية، والأخير يشمل كل ما يتعلق بالسوق الداخلية من خلال تطوير صناعة مواد البناء وتحسين البنية التحتية للنقل والاتصالات والخدمات البنكية.
يرى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن إمكانيات المغرب كبيرة لتحقيق انطلاقة اقتصادية، لكن استغلالها بشكل كامل يحتاج استراتيجيات وسياسات قطاعية وإحداث فرق عمل صناعية تضم القطاعين الحكومي والخاص والعمل بشكل دقيق على إزالة كل المعوقات.