في ظل التحديات الاقتصادية الحالية، جاء خفض أسعار الفائدة الأخير من بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي كخطوة مثيرة للجدل رغم الآمال الكبيرة التي رافقت هذا القرار؛ إلا أن العديد من المحللين يحذرون من أن هذه الخطوة قد تكون مجرد وهم يذكّرنا برواية “ساحر أوز”.
ووفق لتعليق صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، فإن تشبيه هذا القرار برواية “ساحر أوز” يُظهر كيف يمكن أن يُخدع المستثمرون بوعود “بائع الأوهام”، حيث يشير التشبيه إلى أن التحركات النقدية قد تبدو وكأنها تعطي الأمل ولكنها قد تخفي الواقع الاقتصادي الصعب الذي يواجهه السوق فقد يكون هذا الخفض غير كافٍ لتجنب التحديات المرتبطة بـ”سوق الدب”.
وأشارت إلى أن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لا يستطيع إنقاذ الاقتصاد من حالة تراجع الأسواق المالية وسط ما يسمى بـ”سوق الدب”؛ نظرًا لتراجع ثقة المستثمرين في الأداء المستقبلي للأسواق.
وتنخفض الأسعار بنسبة 20% أو أكثر عن أعلى مستوياتها السابقة بحسب مصطلح “سوق الدب”، بسبب تدهور الظروف الاقتصادية مثل الركود أو التوترات الجيوسياسية أو ارتفاع معدلات الفائدة.
وأوضح التقرير، أنه في حال اتجاه الأسهم للانخفاض بالفعل وكان الاقتصاد يتجه نحو ركود، فإن خفض الفائدة من قبل بنك الفيدرالي الأمريكي قد لا يكون كافيًا لتفادي هذه التغيرات، رغم أن قرارات الفيدرالي مهمة ولها تأثيرات على السوق، فإنها لا يمكن أن تغير الاتجاهات الاقتصادية الأساسية إذا كانت هناك مشكلات قائمة بالفعل.
ترقب لبيانات التضخم الأمريكية بعد خفض الفائدة
باختصار، إذا كانت الظروف الاقتصادية الأمريكية سلبية، فإن ردود فعل السوق قد تكون غير كافية ما يجعل من الصعب على الفيدرالي تحسين الوضع، وهذا يعكس التحديات التي يواجهها البنك المركزي الأمريكي في التحكم في الأسواق في ظل هذه الظروف الصعبة.
ولا يستطيع الرجل القوي الذي يقف خلف ستار البنك المركزي الأمريكي، جيروم باول، أن يفعل الكثير كما يعتقد الناس لمنع خسائر المحافظ الاستثمارية إذا كانت هناك بالفعل مشكلات اقتصادية.
وكانت ردود فعل السوق الأولية على خفض الفائدة يوم الأربعاء الماضي مفعمة بالحماس ومع ذلك، تاريخياً، قد يؤدي مثل هذا الحماس إلى تفاؤل مضلل، فخلال دورة خفض الفائدة التي بدأت في عام 2007 بنفس معدل الفائدة وبنفس مقدار الخفض وهو 50 نقطة أساس كانت التأثيرات مدهشة.
وشهد مؤشر داو جونز الصناعي أكبر زيادة له منذ أكثر من أربع سنوات حيث ارتفع بمقدار 336 نقطة، وهو ما يعادل حوالي 1000 نقطة اليوم؛ الا أنه بعد ثلاثة أسابيع فقط من ذروة سوقها الصاعدة، بدأ الركود في يناير 2008 لتنهار أشهر الأسهم الأمريكية وتعلن أكبر إفلاس في تاريخ الولايات المتحدة.
وأضاف “وول ستريت جورنال”، أن رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لا يمتلك عصا سحرية لإنعاش اقتصاد يواجه صعوبات أو سوق أسهم على وشك الانهيار.
صمود الدولار أمام خفض الفائدة الأمريكية يخيب آمال المضاربين
وبدوره، أشار المحلل الاستراتيجي في بنك جولدمان ساكس، ديفيد كوستين، مؤخرًا إلى أن “مسار النمو يعد محركًا أكثر أهمية للأسهم من سرعة تخفيض الفائدة”.
وتظهر أبحاثه، أنه إذا كان الاقتصاد قد بدأ بالفعل في التوجه نحو الركود قبل أول خفض للفائدة، فإن مؤشر “إس آند بي 500” يميل إلى فقدان حوالي 14% من قيمته خلال العام التالي، وفي المقابل، إذا لم يكن هناك ركود قادم، فمن المحتمل أن ترتفع الأسهم بدلاً من الانخفاض.
أما أسعار الفائدة المنخفضة، فهي تساعد مستثمري السندات، لكنها قد لا تكون كافية لوقف تراجع الأسهم، لأنها تحتاج وقتًا طويلًا لتأثيرها على الشركات والمستهلكين في السوق وبالتالي، قد يكون هناك تأثير محدود على الأسعار في ظل ظروف هبوط مستمرة.
وحذر الخبراء من وجود تجاوزات في سوق الائتمان الخاص والعقارات التجارية، بالإضافة إلى المخاطر الناجمة عن التباطؤ الاقتصادي في الصين وتأثيره على الاقتصاد العالمي، كما أن الأسهم الأمريكية نادراً ما كانت بهذا القدر من الغلاء والتركيز، حيث تعتمد بشكل كبير على موضوع واحد، وهو وعد الذكاء الاصطناعي، علاوة على ذلك، لم يكن الدين الحكومة الأمريكية عالميًا بهذا المستوى المرتفع، ما يجعل التعامل مع الركود المقبل أكثر تعقيدًا وصعوبة.