يجب تقديم حوافز للحفاظ على الكفاءات مع زيادة الطلب على المتخصصين فى تعلم الآلة
أوصت منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية بتوفير تمويل بشكل أكبر نحو برامج ومبادرات مخصصة للذكاء الاصطناع فى مصر، واقترحت إنشاء برامج تمويلية متخصصة تدعم الأبحاث فى هذا المجال بشكل مستدام.
وقالت فى تقرير حديث لها إن مصر بحاجة لإطلاق صندوق وطنى للذكاء الاصطناعى، يعتمد على استثمارات مشتركة بين القطاعين العام والخاص، بما يعزز التعاون بين الناحية النظرية والصناعة، ويساهم فى بناء بيئة بحثية قادرة على المنافسة عالميًا.
كما كان من التوصيات الرئيسية إنشاء مراكز بحثية وطنية متخصصة فى الذكاء الاصطناعى، بحيث تساهم فى تعزيز البحث العلمى وتطوير الابتكارات، وتعزيز مشاركة النساء فى الأبحاث المتعلقة بالذكاء الاصطناعى.
وقالت إن هناك فجوة ملحوظة فى مشاركة النساء فى الأبحاث العلمية المتعلقة بهذا المجال، لذلك يجب تصميم برامج مخصصة لدعم وزيادة مشاركة النساء فى البحث العلمى فى الذكاء الاصطناعى، من خلال منح دراسية، ودورات تدريبية، وشراكات تعليمية مخصصة لتمكين النساء من لعب دور أكبر فى هذا المجال.
ولفتت إلى أن هناك إمكانات كبيرة غير مستغلة فى تطبيقات معالجة اللغة للغة العربية بلهجاتها المختلفة، وخاصةً اللهجة المصرية.
وأوصت بضرورة الاستثمار فى تطوير نماذج لغوية كبيرة (LLMs) مناسبة للبيئة المصرية ولتلبية احتياجات الصناعات ذات الأولوية.
وذكرت أنه يجب إطلاق برامج تدريبية شاملة لزيادة الوعى حول الذكاء الاصطناعى لدى مختلف الوزارات والجهات الحكومية لتعزيز فهم أوسع للتطبيقات المحتملة للذكاء الاصطناعى عبر القطاعات المختلفة، وذلك لضمان تفعيل استخدام التكنولوجيا على نطاق واسع فى خدمة الحكومة والمجتمع.
وقالت إنه لضمان تنفيذ مشاريع الذكاء الاصطناعى بشكل فعال وسلس، يجب تطوير آليات تمويل واضحة وسريعة لتخصيص ميزانية محددة لكل مشروع، بدلاً من اعتماد الموافقات الفردية لكل حالة، مما يساهم فى تسريع عملية تنفيذ المشاريع وتحقيق الأهداف بفعالية.
وقالت منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية إن التمويل المخصص للبحث والتطوير فى مجال الذكاء الاصطناعى فى البلاد محدود بحسب ما وصفه العاملون فى المجال الذين أجرت المنظمة معهم مقابلات.
وأشارت إلى أن مصر تفتقر إلى برنامج وطنى أو جهة مسؤولة عن تمويل وتنسيق جهود البحث فى الذكاء الاصطناعى.
ولفتت إلى أن العديد من الحكومات بدات بتأسيس معاهد ومراكز بحثية وطنية للذكاء الاصطناعى، موكلةً مؤسسات أو منظمات متخصصة للترويج للبحث والتطوير والابتكار فى هذا المجال.
وضربت مثال بمركز التميز للذكاء الاصطناعى فى المغرب، “AI Mouvement”، والذى تم تأسيسه مؤخرًا فى المنطقة لتحفيز النظام البيئى للذكاء الاصطناعى، واستشارة مختلف المعنيين لتطوير تقنيات، وتسهيل التدريب الشامل.
وحتى الآن، طوّر المركز منصة للتطبيب عن بُعد وتطبيقًا يستخدم الذكاء الاصطناعى لفحص اعتلال الشبكية السكرى، كما يقوم حاليًا بتطوير مبادرة للكشف المبكر عن اعتلال الشبكية السكرى لأكثر من مليون مواطن.
كما طوّر المركز نظامًا تلقائيًا لتحويل الكلام إلى نص باللغة العربية، يتم استخدامه فى المحاكم لتدوين أحكام القضاة. وفى قطاع الزراعة، طوّر المركز عدة وحدات للذكاء الاصطناعى ونظم المعلومات الجغرافية والطائرات بدون طيار لالتقاط الاستخدام الفعلى للأراضى وتوزيع المحاصيل، بالإضافة إلى توليد إحصاءات حقيقية لدعم اتخاذ القرار على المستوى الوطنى والإقليمي.
وحاليًا، هناك ستة مشاريع جارية أخرى، وخمسة فى مراحل التفاوض النهائية فى مجالات الصحة والزراعة والقضاء وإنفاذ القانون والموارد الطبيعية والبنية التحتية.
وقالت إن مركز الابتكار التطبيقى فى مصر يحاول حل التحديات التى تواجه البلاد عبر الذكاء الاصطناعى لكن ضعف التمويل يخلق تحديات لجعل الحلول على نطاق واسع، خاصة مع عدم وضوح آليات تخصيص الميزانيات للمشاريع.
وقالت إن هناك مستويات متفاوتة من الفهم لاستخدامات الذكاء الاصطناعى المحتملة وتطبيقاته داخل الجهات الحكومية فى مصر، تتراوح بين فهم متقدم لدى بعض الجهات ونقص فى الوعى الأساسى لدى جهات أخرى.
وأشارت إلى أن مصر تعانى من فجوات واضحة فى بنيتها التحتية المتعلقة بالذكاء الاصطناعى، ما يقيد الابتكار، خصوصًا بين الشركات الناشئة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
وأشارت فى تقرير حديث لها إلى أن هناك تباينًا فى البنية التحتية حسب الموقع الجغرافى، حيث إنها تتركز فى المناطق الحضرية مثل القاهرة، ما يزيد من تعقيد الوصول إليها للشركات فى المناطق الريفية.
وذكرت أنه يجب تيسير الوصول إلى البيانات، حيث يفتقر نظام تطوير التطبيقات المتخصصة فى الذكاء الاصطناعى لوجود مجموعات بيانات مفتوحة تكفى لتدريب أنظمة الذكاء الاصطناعى بشكل فعال.
وأشارت إلى أن تصنيف البيانات وجودتها عوامل حاسمة تسهم فى تعزيز كفاءة نظم الذكاء الاصطناعي.
ونوهت إلى أن الشركات الناشئة تواجه تحديات فى استيراد المعدات اللازمة، مثل وحدات معالجة الرسوميات (GPUs) المتخصصة، فى ظل ارتفاع تكاليف الاستيراد، ما يزيد من صعوبة الحصول على هذه التقنيات.
ولفتت إلى أن الحكومة بوسعها أن تقدم تيسيرات وحوافز لاستيراد هذه المعدات، ما يسهم فى تحسين الوصول إلى القدرة الحاسوبية.
وأشارت إلى أن هناك حاجة ملحة لتطوير المهارات البشرية القادرة على استغلال هذه البنية التحتية بكفاءة، خاصة أن الطلب على المهارات المتخصصة فى مجال الذكاء الاصطناعى يتزايد فى جميع أنحاء العالم، مما يدفع الكثير من الكفاءات المصرية إلى البحث عن فرص خارج البلاد.
وقالت إنه لذلك من الضرورى تقديم حوافز تتعلق بالاحتفاظ بالموهوبين داخل السوق المحلية.
وذكرت أن مصر عليها الإسراع فى تدشين “مركز حماية البيانات”، وهو كيان مستقل يتبع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ومن المقرر أن يكون المركز هو الجهة المسؤولة عن مراقبة الامتثال لقانون حماية البيانات الشخصية، حيث سيتولى صلاحيات إصدار التراخيص والاعتمادات اللازمة، وإجراء التحقيقات فى الأنشطة المتعلقة بمعالجة البيانات، بالإضافة إلى فرض عقوبات إدارية على المخالفات.
ولفتت إلى أن عدم تفعيله يعيق تطبيق وتنفيذ التدابير المتعلقة بحماية البيانات المنصوص عليها فى القانون الجديد.
وقالت المنظمة إن مصر تسعى للموائمة بين عوامل الأمان وعدم الإفراط فى حماية البيانات بما يعيق القدرة على تدريب واستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعى.
وأشارت إلى أن مصر تدرك أيضًا الحاجة إلى تعزيز الوصول إلى البيانات المفتوحة، سواء من القطاعين العام أو الخاص، كوسيلة لتحفيز الابتكار وتعزيز الشراكات بين مختلف الأطراف الفاعلة.
وعلى صعيد القوى البشرية، لفتت إلى أن مستوى استعداد الخريجين فى مجال الذكاء الاصطناعى لايزال أقل من المتوقع.
فوفقًا لمديرى الشركات الناشئة فى مجال الذكاء الاصطناعى، يبدو أن هناك زيادة فى عدد الخريجين، ولكنهم يواجهون تحديات فى تلبية متطلبات السوق.
وتحاول وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات عقد شراكات مع الشركات العالمية الكبرى، بهدف تكامل المعرفة النظرية للطلاب مع التدريب العملى من خلال برامج تدريبية وتدريب داخلي.
وتشير التوصيات إلى أهمية خلق فرص عمل محلية للمهنيين المهرة، حيث تُعد تقوية قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات هدفًا رئيسيًا لرؤية مصر 2030.
كما يجب توسيع نطاق الحوافز فى قانون المنشآت الصغيرة والمتوسطة ليشمل جميع الشركات فى القطاعات الأخرى التى تستخدم الذكاء الاصطناعى، وأن تكون هناك حوافز ضريبية للبحث والتطوير والتدريب المتعلق بالذكاء الاصطناعي.
وقالت إنه يجب وضع نظام لمراقبة تطبيق الحوافز من قانون المنشآت الصغيرة والمتوسطة الجديد، والتأكد من أنه قادر بدقة على قياس المؤشرات المتعلقة بالذكاء الاصطناعى.