دشنت البورصة المصرية مؤخرًا سوقًا طوعيًا لتداول شهادات الكربون بهدف لخلق تمويل يسمح للشركات بالاستثمار فى تخفيض انبعاثاتها الكربونية.
وأصبح التحول نحو أسواق الكربون من الأمور الأساسية ليس رفاهية فى ظل التوجه العالمى نحو تخفيض الانبعاثات الكربونية، والحاجة إلى تمويل التحول للاقتصاد الأخضر، وتسعى مصر لخلق قنوات تمويل جديدة للدولة والشركات عبر إطلاق السوق الطوعى للكربون، والسعى لتدشين سوق إلزامي.
وتساعد أسواق الكربون على تعبئة الموارد، وتقليص التكاليف بما يتيح للبلدان والشركات المجال لتسهيل التحول إلى اقتصاد منخفض الكربون.
تشير التقديرات إلى أن تداول أرصدة الكربون قد يخفض تكلفة تنفيذ المساهمات الوطنية فى مكافحة تغير المناخ، كما أن تدشين أسواق مختلفة لتداول شهادات الكربون يعد توجها عالميا فى الفترة الحالية لتخفيض انبعاثات الكربون خاصة بعد اتفاقية باريس للمناخ.
سوق الكربون الطوعية، التى تسمح للشركات أو الأفراد بتعويض انبعاثاتها على أساس طوعى من حيث أرصدة الكربون، وعادة ما تشارك الشركات على أساس طوعى استجابة لمسئوليتها الاجتماعية وليس إلزامًا من الحكومة.
وأشار محمد فريد، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية، إلى أن الهيئة كان لها الريادة إقليمياً عبر تدشين أول سوق كربون طوعى منظم ومراقب من جهات الرقابة على أسواق المال فى مصر وأفريقيا، خلال شهر أغسطس الماضى، وذلك بتنفيذ عدة عمليات تداول على شهادات خفض انبعاثات كربونية بين أطراف محلية وأجنبية.
وبلغ عدد مشروعات خفض الانبعاثات الكربونية بقاعدة البيانات نحو 16 مشروعا بعد موافقة الهيئة من خلال ﻟﺠنة ﺍﻹﺸﺭﺍﻑ ﻭﺍﻟﺭﻗﺎﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﻭﺤﺩﺍﺕ ﺨﻔﺽ ﺍﻻﻨﺒﻌﺎﺜﺎﺕ ﺍﻟﻜﺭﺒﻭﻨﻴﺔ منذ أيام.
الديوانى: شهادات الكربون خلقت حافزا ماليا للشركات للتوافق البيئى
ويرى شريف الديواني، الشريك المؤسس والمدير التنفيذى لشركة إم جى إم لأعمال المناخ، أن تداول شهادات الكربون سيكون بمثابة المحرك المالى لخفض الانبعاثات لأنها تعتبر أدوات مالية يمكن الاستفادة منها، مرجحًا ارتفاع أسعار الشهادات خلال السنوات المقبلة مع زيادة الطلب عليها.
وأضاف أن الهدف الأساسى لسوق الكربون هو تحفيز الشركات على الاستثمار وتخفيف الانبعاثات عبر توفير التمويل اللازم من خلال إصدار وبيع الشهادات.
وأكد على أن هناك عوامل رئيسية تحفز الشركات على إصدار شهادات خفض الانبعاثات أبرزها ارتفاع تكلفة الطاقة غير المتجددة مما سيخلق طلبًا على الطاقة المتجددة، بالإضافة إلى التعاون التجارى مع كيانات أجنبية أو متعددة الجنسيات فى مصر أو خارجها والتى وضعت بالفعل معايير تنظيمية للسوق.
أضاف أن البنك المركزى وهيئة الرقابة المالية وضعا أهدافًا تهتم بالاستدامة وحماية البيئة لمؤسسات القطاع المالى المصرفى وغير المصرفى بغرض تخفيض البصمة الكربونية.
وأطلقت الهيئة العامة للرقابة المالية والبورصة المصرية أول سوق كربون طوعية، منظمة ومراقبة من جهات الرقابة على أسواق المال فى مصر، عبر تسجيل مشروعات خفض الانبعاثات الكربونية الطوعية وإصدار وتداول شهادات خفض الانبعاثات الكربونية بين أطراف محلية ودولية، بعد الانتهاء من جميع المتطلبات التنظيمية بالتعاون مع وزارة البيئة.
رضا: ارتباط الشركات بعلاقات تجارية دولية يجبرها على خفض الانبعاثات
ويرى أحمد رضا، مدير عام شركة ليبرا كربون- إحدى الشركات التابعة لـ «ليبرا كابيتال»، أن إصدار شهادات الكربون سيوفر التمويل اللازم للشركات لخفض انبعاثات الكربون، وتحسين جودة الإنتاج.
وأشار إلى أن شركته تعمل على عدد من المشروعات لتحسين وترشيد استخدام الطاقة، والهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء، وتعمل حالياً على إنتاج وتوليد طاقة جديدة ومتجددة وستقوم بإصدار سندات كربون لها.
الحكومة تعلن “الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين منخفض الكربون”
وأضاف أن خفض الانبعاثات، بالإضافة إلى تحسين الإنتاجية، يعتبر حافز للشركات لتحسين سمعة الشركة التجارية فى التعاملات مع المستثمرين الأجانب وفرصها فى التداول، موضحًا أن العلاقات التجارية والاستثمارية بين الشركات فى مصر والشركات الأجنبية ساعدت فى التزام وتطبيق الشركات المصرية لمعايير خفض البصمة الكربونية.
وشهد سوق شهادات الكربون أول عمليات تداول بين شركة إيزيس للصناعات الغذائية الطرف المشترى والجمعية المصرية للزراعة الحيوية الطرف البائع عبر شركة بلتون لتداول الأوراق المالية بسعر 1040 جنيه للشهادة، وبين شركة دالتكس الطرف المشترى، وشركة VNV أدفيزورى الطرف البائع وبين شركة SCB للأسواق البيئية الطرف المشتري.
أشرف: متطلبات الاسواق الدولية ستخلق طلبًا على الشهادات
قال مصطفى أشرف، المؤسس والمدير التنفيذى لشركة طاقاتك لحلول الطاقة المتجددة، أن سوق الكربون يسمح للشركات المختلفة بشراء شهادات كربونية بغرض تقليل الانبعاثات وهو ما لم يكن متاح من قبل.
وأوضح أن المؤسسات كانت مضطرة إلى تغيير النظام الإنتاجى لتقليل البصمة الكربونية، وأصبحت حاليًا تقوم بشراء شهادات الكربون لتحسين موقفها البيئى أمام المؤسسات الدولية التى تتعامل معها.
وتابع أن الكيانات الدولية فى العالم باتت تهتم بشدة بتقارير الاستدامة والحوكمة وحماية البيئة وتقليل الانبعاثات خاصة فى معاملاتها مع الأسواق الناشئة بشأن الاستيراد والتصدير.
وأضاف أنه فى ظل اهتمام الدولة بالشأن البيئى وخفض الانبعاثات الكربونية، سيتم العمل على تطوير طرق وآليات مختلفة تساهم فى زيادة الوعي.
ووفقا لمحمد فريد، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية، تم تنفيذ 12 عملية تداول فى السوق بإجمالى 14 مشروعا مسجلا، كما بلغ عدد شهادات الكربون الطوعية المتداولة نحو 4500 شهادة، وبلغ عدد شهادات الكربون التى تم تسجيلها بقاعدة بيانات الهيئة 18375 شهادة.
حزين: إطلاق سوق الكربون سيخلق ثقافة جديدة فى السوق تعتمد على التحفيز
وقال أحمد حزين، رئيس قسم الصناعة المستدامة بشركة كيمونكس مصر للاستشارات، إن سوق الكربون الطوعى منظومة الهدف منها تحفيز الشركات كثيرة الانبعاثات على خفض البصمة الكربونية لديها.
وأضاف أن الشركات التى تقلل انبعاثاتها من خلال استخدام طاقة متجددة نظيفة للبيئة، تستطيع الحصول نظير ذلك على مقابل مادى عبر إصدار شهادات كربون.
وتابع أن اطلاق سوق الكربون أنعش التنافسية بين الشركات لخفض انبعاثاتها للحصول على عائد مادى إضافي، ودفع الشركات التى لا تستطيع تقليل بصمتها الكربونية لشراء الشهادات كمساهمة فى تقليل الانبعاثات.
وأشار إلى أنه فى الأسواق العالمية انتقل سوق الكربون من نشاط طوعى إلى نشاط إلزامى خاصة للشركات ذات الانبعاثات العالية وإلزامها بشراء كمية معينة من شهادات الكربون كل عام.
يرى أن إنشاء سوق للكربون فى مصر يعد خطوة جيدة فى تسعير الكربون ونحو خلق ثقافة جديدة فى السوق تعتمد على التحفيز.