شهد قطاع النقل فى مصر تحسناً ملحوظاً، خلال العام الماضى، مدفوعاً بارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه بعد خطوة التعويم التى قام بها البنك المركزى مطلع مارس الماضى، ما أسهم فى زيادة إيرادات الشركات، رغم التحديات التى فرضتها التوترات الجيوسياسية فى المنطقة.
أوضح محمد عبدالحكيم، رئيس قسم البحوث بشركة أسطول لتداول الأوراق المالية، أن التوترات الجيوسياسية، لا سيما فى البحر الأحمر، أثرت بشكل ملحوظ على عدد السفن المارة عبر قناة السويس، ما أدى إلى تراجع حركة النقل فى الموانئ المصرية.
ورغم هذه التحديات، أشار «عبدالحكيم» إلى أن الشركات العالمية استفادت من زيادة رسوم الشحن؛ بسبب اضطرار السفن لاتخاذ مسارات أطول، ما عزز أرباحها بشكل غير مسبوق.
مصطفى فوزى، العضو المنتدب لشركة أسباير كابيتال، أشار إلى أن قطاع النقل البحرى فى مصر نما بفضل انتعاش التجارة والصادرات، لا سيما فى قطاع الحاويات.
وأضاف أن السوق المصرى يعتمد حتى الآن على النقل الداخلى، مشيراً إلى أن هناك حاجة لجذب مستثمرين دوليين لإنشاء أسطول نقل دولى. لكنه شدد على أن هذا يتطلب توسيع حجم التجارة وزيادة الصادرات.
وشهدت شركات النقل المقيدة بالبورصة أداءً متبايناً، خلال الفترة الماضية، إذ ارتفعت أرباح «إيجيترانس» بنسبة 3.6 مرة فى النصف الأول من العام الجارى، لتسجل 155.2 مليون جنيه، مقارنة بـ33.4 مليون جنيه فى الفترة نفسها من العام الماضى، كما زادت إيرادات الشركة بنسبة 114.1% لتصل إلى 384.6 مليون جنيه خلال الفترة نفسها.
وارتفع صافى ربح شركة الإسكندرية لتداول الحاويات والبضائع بنسبة 40% على أساس سنوى. وسجلت صافى ربح بلغ 6.13 مليار جنيه خلال العام المالى 2023 ـ 2024، مقابل 4.38 مليار جنيه أرباحاً خلال العام المالى السابق له، وارتفعت المبيعات، خلال العام المالى الماضى، إلى 6.44 مليار جنيه، مقابل 4.96 مليار جنيه خلال العام المالى السابق له.
وشهدت شركة القناة للتوكيلات الملاحية، خلال العام المالى 2023 ـ 2024، ارتفاع صافى أرباحها بنسبة 99%، على أساس سنوى، وحققت صافى ربح بلغ 726.37 مليون جنيه خلال العام المالى 2023- 2024، مقابل أرباح بلغت 364.89 مليون جنيه خلال العام المالى السابق له.
أوضح مصطفى شفيع، رئيس قسم البحوث بشركة عربية أون لاين لتداول الأوراق المالية، أن ارتفاع رسوم النقل والشحن، بالإضافة إلى زيادة سعر الدولار مقابل الجنيه أسهما بشكل كبير فى تحسين أداء الشركات الكبرى.
دراسة تطالب بتوحيد جهة الولاية على الموانئ المصرية لتكون تحت مظلة “النقل”
وأضاف أن الشركات الدولية حققت استفادة كبيرة من تغيير مسارات الشحن إلى رأس الرجاء الصالح بدلاً من قناة السويس، ما أدى إلى زيادة الرسوم وتحقيق أرباح قياسية.
ومع ذلك، أشار «شفيع» إلى أن الشركات المحلية لم تستفد بنفس القدر، إذ لا تمتلك سوى أساطيل محدودة الحجم والعدد مقارنةً بالشركات العالمية، التى تسيطر على النصيب الأكبر من السوق.
وتوقع عبدالخالق محمد، استراتيجى أسهم بشركة ثاندر لتداول الأوراق المالية، أن يشهد قطاع النقل انتعاشاً إذا ما توقفت التوترات الجيوسياسية فى المنطقة، خاصة بعد انتهاء الحرب على غزة. لكنه حذر من أن استمرار هذه التوترات قد يعرقل أداء القطاع.
وأكد أن انخفاض قيمة الجنيه مقابل الدولار أسهم فى زيادة أرباح الشركات المحلية، رغم التحديات الناجمة عن ابتعاد السفن المارة بقناة السويس وتحويل مساراتها.
فى المجمل، تبقى التوقعات لقطاع النقل البحرى فى مصر إيجابية، لكن التوترات الجيوسياسية واستمرار تأثيرها على حركة السفن يظل عوامل حاسمة فى تحديد الأداء المستقبلى للشركات العاملة فى هذا المجال.