شهدت أسواق التداول العالمية تراجعًا في هيمنة قطاع التكنولوجيا الذي اتصف بـ”القوي” خلال الربع الثالث من العام الجاري 2024 حيث تفوقت قطاعات واسعة مثل المرافق والصناعات والخدمات المالية على شركات التكنولوجيا الكبرى.
ووفق تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، اليوم الإثنين، كان النصف الأول من العام الجاري قد شهد حالة من الحماس تجاه الذكاء الاصطناعي، ما دفع سوق التداول للارتفاع رغم التحديات الناجمة عن تزايد التضخم، لكن الربع الثالث شهد تحولاً ملحوظاً، حيث بدأ المستثمرون يشككون في الإنفاق الكبير لشركات التكنولوجيا على الذكاء الاصطناعي.
وحققت قطاعات متنوعة مثل المرافق والصناعات والخدمات المالية أداءً أفضل من القطاع التكنولوجي في النصف الثالث كما تفوقت الأسهم ذات القيمة على الأسهم ذات النمو وعادت الأسهم الصغيرة للظهور بعد فترة من الركود لتتجاوز أسهم الشركات الكبيرة.
ومع صدور بيانات تضخم أكثر اعتدالاً وقرار بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بخفض أسعار الفائدة عزز ذلك الثقة في قدرة البنك المركزي الأمريكي على السيطرة على ضغوط الأسعار دون التسبب في ركود اقتصادي؛ ما أتاح ذلك فرصة لتوسيع نطاق الانتعاش الذي كان العديد من المستثمرين يخشون أن يعتمد بشكل مفرط على عدد قليل من الأسهم الكبيرة في قطاع التكنولوجيا.
وأوضحت الصحيفة الأمريكية، أن العديد من الجهات الاستثمارية تعتقد أن الاقتصاد يبدو قوياً بما يكفي لتواصل الأسهم من مجموعة متنوعة من الصناعات الارتفاع ما قد يسهم في انتعاش أكثر استدامة.
وفي تطور آخر، شهدت الأسهم الكبرى في “المجموعة المميزة” أداءً متبايناً حيث تراجعت أسهم نيفيديا الرائدة في مجال الرقائق، بعد الارتفاع الحاد في النصف الأول، بينما شهدت أسهم أبل وميتا وتسلا ارتفاعاً في قيمتها؛ وتسبب هذا التباين في الأداء في إعادة تقييم المستثمرين لكيفية تحقيق الربح من الإنفاق الضخم على الذكاء الاصطناعي.
وأعلنت ألفابيت المالكة لـ “جوجل”، عن تباطؤ في نمو إيرادات الإعلانات وزيادة كبيرة في نفقات رأس المال، بينما توقعت “أمازون” نمواً أضعف من المتوقع في المبيعات، نتيجة لذلك تراجعت أسهم ألفابيت وأمازون بنسبة 10% و2.7% على التوالي في الربع الثالث من 2024.
وعلق رئيس الاستثمارات في شركة “هومستيد” جيم بولك قائلا، إن “الوضع قد تحول إلى هل ستحقق هذه الشركات أرباحاً من كل هذا الإنفاق؟”، مضيفاً: “نحن نعتقد أن هناك قصة حقيقية هنا وأن الذكاء الاصطناعي سيستمر، لكنه بالتأكيد تجاوز حدوده”.
ولفتت “وول ستريت جورنال” إلى أن تداعيات تراجع أسهم التكنولوجيا الكبرى أثر على مؤشر S&P 500 الذي يميل إلى التأثر بشكل أكبر بالشركات ذات القيمة السوقية الكبيرة ومع ذلك، ساهمت المكاسب في مجموعة واسعة من الأسهم الأخرى في دفع المؤشرات الرئيسية للارتفاع، حيث ارتفع مؤشر الأسهم الكبيرة في الولايات المتحدة بنسبة 5.1% خلال الربع، مما رفع مكاسبه لعام 2024 إلى 20%، مما يضعه على المسار لتحقيق أفضل أداء له في الأشهر الثلاثة الأولى من السنة منذ عام 1997.
لم تقتصر المكاسب على الأسهم فقط، بل شهدت سوق السندات أيضاً انتعاشاً مع بدء بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في خفض أسعار الفائدة.
وانخفض عائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات، الذي ينخفض عندما ترتفع الأسعار، إلى 3.751% يوم الجمعة الماضية مقارنة بـ 4.342% في نهاية يونيو الماضي ليكون في طريقه لإنهاء سلسلة من ربعين من الارتفاعات في العوائد.
ساعدت الانخفاضات في الأسعار على تعزيز بعض قطاعات السوق التي تُعتبر تقليدياً بدائل للسندات بفضل توزيعات الأرباح الجذابة.
ومن المتوقع أن تنتهي شركات المرافق في الربع كأفضل أداء في مؤشر اس اند بي 500 بزيادة تصل إلى 18%، بينما من المتوقع أن تحقق مجموعة العقارات زيادة بنسبة 15%؛ بحسب الصحيفة الأمريكية.
وكانت قد أظهرت البيانات الأمريكية مؤخراً، أن التضخم انخفض للشهر الخامس على التوالي في أغسطس الماضي مسجلاً أدنى مستوى له منذ ثلاث سنوات؛ في حين انتعش نمو الوظائف في الولايات المتحدة بعد مستويات منخفضة أثارت مخاوف من تباطؤ كما تحسن شعور المستهلكين، واستمرت الأسر في الإنفاق.
واختتمت “وول ستريت جورنال” تقريرها بأنه “مع ذلك، لا يعتقد الجميع أن الصورة الاقتصادية وردية فهناك معدلات بطالة مرتفعة لهذا العام وهناك إشارات على أن المستهلكين ذوي الدخل المنخفض يعانون من صعوبة في دفع فواتيرهم وهناك ضغطاً اقتصادياً ما يدفع إلى تقليص توقعاتها للمبيعات في أواخر أغسطس الماضي، كما قامت سلاسل المطاعم بإطلاق عروض وخصومات لجذب العملاء الذين سئموا من ارتفاع أسعار القائمة”.