قال الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، إن مبادرة حوض النيل فى شكلها الأصلى التوافقى التى أنشئت عليه ستظل الآلية الشاملة والوحيدة التى تمثل حوض نهر النيل بأكمله؛ حيث تم إنشاؤها بواسطة جميع دول الحوض، ويجب الحفاظ على الحقوق القانونية والالتزامات المترتبة عليها.
وأضاف مدبولى، خلال “أسبوع القاهرة السابع للمياه” و”أسبوع المياه الأفريقى التاسع”، أنه يتعين على مختلف الجهات المانحة دعم التعاون فى مجال المياه بحوض نهر النيل، على نحو يعزز التعاون بين جميع دول الحوض، بناءً على مبادئ القانون الدولى، وتجنب دعم المزيد من الإجراءات أو الآليات التى ترسخ الانقسام بين دول الحوض.
وتابع رئيس الوزراء: فى هذا السياق، تتضح المخاطر الناتجة عن التحركات المنفردة والأحادية التى لا تلتزم بمبادئ القانون الدولى على أحواض الأنهار المشتركة، ومن أبرزها السد الإثيوبى الذى بدأ إنشاؤه منذ أكثر من 13 عاماً على نهر النيل، دون أى تشاور أو دراسات كافية تتعلق بالسلامة أو بالتأثيرات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية على الدول المجاورة، مما يعد انتهاكاً للقانون الدولى، بما فى ذلك اتفاق إعلان المبادئ الموقّع فى عام 2015، ويتعارض مع بيان مجلس الأمن الصادر فى سبتمبر 2021، حيث يشكل استمرار تلك التحركات خطراً وجودياً على أكثر من مائة مليون مواطن مصرى.
وأوضح مدبولى، أنه على الرغم من الاعتقاد السائد بأن السدود الكهرومائية لا تشكل ضرراً، فإن التشغيل الأحادى غير التعاونى للسد الإثيوبى قد يؤدى إلى عواقب وخيمة، إذا استمرت هذه الممارسات بالتزامن مع فترات جفاف مطول، حيث قد يفقد أكثر من مليون ومائة ألف شخص سبل عيشهم، وفقدان ما يقرب من 15% من الرقعة الزراعية، لافتًا إلى أن هذا الأمر يمثل تهديداً لزيادة التوترات الاجتماعية والاقتصادية، وقد يؤدى إلى النزوح والتهجير وتفاقم الهجرة غير الشرعية عبر حدود الدولة المصرية.
اقرأ أيضا: وزير الخارجية: مصر ترفض الإدعاء الباطل بسيطرة أي طرف على مياه النيل
وقال إنه مع تنامى الحروب طويلة الأمد، أصبح الوصول إلى الماء واحداً من أبرز التحديات الإنسانية؛ ففى الأراضى الفلسطينية المحتلة بقطاع غزة يعمل الاحتلال على منع الوصول إلى المياه والطاقة والغذاء كأداة للضغط والسيطرة وكوسيلة حرب؛ حيث أدت الحرب إلى تقليص إمدادات المياه فى غزة بنسبة تتجاوز 95%، مما أجبر السكان على استخدام مرافق المياه والصرف الصحى غير الآمنة، وبما أدى إلى التهجير القسرى للسكان بالمخالفة لمبادئ القانون الدولى الإنسانى.
وأضاف مدبولى: أدت الحرب أيضاً إلى تعطيل الزراعة وإنتاج الغذاء فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، مما نتج عنه انعدام الأمن الغذائى؛ حيث يواجه 2.3 مليون شخص خطر الجوع المتزايد، وفى جمهورية السودان فقدت غالبية القرى والبلدات السودانية إمكانية الحصول على المياه النظيفة، حيث فاقمت الحرب الدائرة فى السودان منذ أكثر من عام ونصف العام من معاناة المواطنين، وهو ما تسبب فى معاناة إنسانية غير مسبوقة بسبب صعوبة توفير المياه وندرة مياه الشرب النقية، وفى نفس الوقت، تسببت التغيرات المناخية والسيول الجارفة فى تزايد حدة الأزمة؛ حيث واجهت مدينة بورتسودان أزمة حادة فى مياه الشرب بعد انهيار سد أربعات، الذى يمثل أكبر مصدر يمدها بالمياه النقية، وبعد جفاف المياه ستشهد المدينة – التى تعانى فى الأصل أزمة فى مياه الشرب – كارثة حقيقية، خاصة فى ظل وجود آلاف النازحين واكتظاظ سكانى عال فى المنطقة.
وأشار إلى أن مصر خير مثال للدول التى تعانى من هذه التحديات المركبة المترتبة على تغير المناخ والندرة المائية؛ حيث إن مصر هى دولة المصب الأدنى بنهر النيل، ومن ثم فهى لا تتأثر فحسب بالتغيرات المناخية التى تجرى فى حدودها، وإنما تتأثر بمختلف التغيرات عبر سائر دول حوض النيل.
وأكد رئيس الوزراء أنه إذا كانت مصر تؤكد دوماً دعمها لجهود التنمية المستدامة فى دول حوض النيل وتلبية تطلعات شعوبها نحو غدٍ أفضل، فإن مصر تؤمن بأهمية النهج التعاونى وضرورة إعمال مبادئ القانون الدولى القائمة على تحقيق الاستخدام الأمثل للموارد المائية العابرة للحدود على نحو يتفادى إيقاع الضرر بالدول والمجتمعات الأخرى، ويحافظ على مصالحهم الحيوية، وحقوقهم الأساسية.