مع المنافسة القوية فى السوق والحاجة المستمرة لضخ استثمارات لمواكبة التطور فى مجال المدفوعات، تباينت آراء المستثمرين حول اتجاهات سوق المدفوعات الإلكترونية خلال الفترة المقبلة، إذ يرى مستثمرون أن القطاعات ذات الأسواق الكبيرة ستتجه شركاتها لعمليات الدمج لتحقيق النمو السريع، ورأى آخرون أن التحديات الاقتصادية ستفرز الشركات الجيدة ليصحح السوق نفسه ويبقى الأفضل.
وقال سامح الملاح الرئيس التنفيذى لشركة ضامن للمدفوعات الإلكترونية، إن سوق المدفوعات مُقبل على مرحلة التشبع بسبب النمو الكبير فى عدد الشركات التى تقدم خدمات الدفع الرقمى، والتى وصلت إلى نحو 260 شركة من فئات متنوعة، الأمر الذى يدفع لضرورة تنويع إيرادات الشركة لأنها ستضطر لتقليص ربحيتها للحفاظ على العملاء الحاليين وجذب جُدد.
وأشار إلى أن عدد الشركات سيتقلص خلال الفترة المقبلة بسبب عمليات الدمج التى قد يشهدها السوق، الأمر الذى دفع بعض الشركات إلى تقليص تكلفتها حتى تحافظ على تواجدها داخل السوق حتى لا تخسر عميلها فى ظل المنافسة الشديدة بين الشركات، متوقعا أن يصل إجمالى قيمة المدفوعات الرقمية فى مصر إلى تريليون جنيه بنهاية العام الحالى.
وخلال 2023، أعلنت شركة بساطة القابضة إطلاق “بساطة باى” إحدى شركات الدفع الالكترونى، التي جاءت نتيجة لعملية التطوير والدمج بين شركتيّ مصاري وبي، نتيجة للطلب القوى والمتزايد من مزودي الخدمات والتجار والشركات والمستهلكين على حلول الدفع الإلكتروني.
القاضى: ظاهرة الدمج ستزحف نحو القطاعات التى تشهد سوق واعد
رجح طارق القاضي، المؤسس والشريك لصندوق أليكس انجلز للاستثمار الملائكي، أن يشهد السوق خلال الفترة المقبلة عمليات دمج، خاصة من الشركات التى تستهدف تحقيق نمو سريع، وستستمر إلى أن تعود حركة الاستثمار لما كانت عليه قبل 2023.
وتأثرت الاستثمارات فى قطاع المدفوعات بأزمة العملة التى عاشتها مصر بعد الحرب الروسية والأوكرانية والتى بدأت فى الربع الثانى من 2022 وحتى مطلع العام الحالى.
وقال إن أبرز القطاعات الاقتصادية التى ستشهد عمليات دمج خلال الفترة المقبلة هى التى لديها سوق كبير مثل المدفوعات الإلكترونية، والتجارة الالكترونية وتكنولوجيا التعليم، لأن شركات تلك القطاعات لديها فرصة سريعة للنمو.
نجم: سوق المدفوعات يعانى من التركز فى نطاق محدود
وقال إسلام نجم مؤسس ورئيس مجلس إدارة “فلاج شيب” للتكنولوجيا المالية، إن سوق الدفع الإلكترونى واسع والشركات العاملة فيه لم تُغطى الغالبية العظمى منه، وهو يتسع لاستيعاب المزيد من شركات التكنولوجيا المالية خلال الفترة المقبلة، موضحًا أن السوق لم يتشبع ولكن يحتاج أفكار جديدة.
وأضاف نجم أن هناك نوعًا من التركز فى بعض المجالات أو المنتجات، وهو ما ظهر فى بعض أنواع المدفوعات وأصبح بها تنافسية شديدة.
أضاف:”لكن هناك نوع من المدفوعات لم تطرق إليه الشركات حتى الآن، مثل المدفوعات التى يحتاجها المستهلك بدورية يومية كالمواصلات، أو مدفوعات التجارة الالكترونية أو الدفع لمندوبى التوصيل أو المدفوعات الخاصة بالألعاب والتى يهتم بها الأجيال الأحدث”.
اقرأ أيضا: متعاملون فى سوق المدفوعات الإلكترونية يترقبون منتجات جديدة تُزاحم “نقاط البيع”
وأشار إلى التنافسية الشديدة فى المجالات التقليدية حاليًا مثل المدفوعات الحكومية، قد تتسبب فى انسحاب بعض الشركات من السوق لعدم قدرتها على تنفيذ خططها، وهو ما سيفتح بابًا أمام الموجة الجديدة لشركات مدفوعات برؤية مختلفة ومبتكرة تندمج مع بعض الكيانات القديمة بخطط مختلفة.
وأوضح أنه خلال السنوات الخمس المقبلة سنرى مجموعة أخرى من الشركات بأفكار مختلفة عن المطروحة حاليًا، وأدوات جديدة للدفع، بعيدة عن نطاق دفع الفواتير والتى يحتاجها المستهلك بدورية شهرية وبطاقات الدفع والمدفوعات الخاصة بنقاط الدفع المدمجة.
جاب الله: التحديات الاقتصادية اختبار لقدرة الشركات على الاستمرارية
واستبعد أحمد جاب الله المؤسس والرئيس التنفيذى لشركة سُكنة ومستثمر مغامر، إمكانية حدوث عمليات دمج فى السوق المصرى، لأن الواقع الاقتصادى صعب على مختلف الأنشطة الاقتصادية، بسبب التغيرات الأخيرة مثل التعويم أو التضخم، وتسعى كل شركة للبقاء فى السوق.
وتراجعت قيمة العملة المحلية بعد التعويم فى مارس الماضى، بعدما تجاوز سعر صرف الدولار 47 جنيهًا، بالإضافة إلى ارتفاع التضخم ورغم تراجعه لبضعة أشهر، إلا أن قرارات الحكومة بشأن زيادة أسعار الكهرباء والمحروقات دفعته للصعود مُجددًا.
وأوضح أن الفترة المقبلة ستشهد صعود وتماسك بعض الشركات الناجحة والتى تمتلك فرق قوية، وستنجح فى التكليف والتعايش مع متغيرات السوق، وشركات أخرى ستنتهى، وهو الاختبار الحقيقى الذى يُفرز الشركات القوية القادرة على مواجهة التقلبات والنمو.