قال مُحللون اقتصاديون، إن مصر تُنفذ حالياً مستهدفات برنامج الإصلاح الاقتصادى وبعضها لم يُستكمل بعد، ما يُعد عنصراً رئيسياً لتحسين تصنيف مصر الائتمانى.
وأشاروا إلى أن الأوضاع الاقتصادية تحسنت خلال الفترة الماضية ولكن ليس بالقدر الكافى لتعديل التصنيف للأفضل.
وثبتت وكالة «ستاندرد أند بورز» للتصنيف الائتمانى تصنيف مصر عند B- مع نظرة مستقبلية مستقرة، وأوضحت أنها تدرس رفع تصنيفاتها إذا تحسنت مواقف الديون الحكومية أو الخارجية لمصر بوتيرة أسرع، سواء عبر تسريع خفض الديون، أو ببيع الأصول الحكومية المخطط له وتعزيز نمو الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
«سعادة»: تحسين التصنيف مرهون بتحقيق مستهدفات خطة الإصلاح الاقتصادى فعليًا
وأوضحت سارة سعادة، كبير محللى الاقتصاد الكلى بشركة «سى آى كابيتال»، أن مصر مازالت فى مرحلة تنفيذ مستهدفات خطة الإصلاح الاقتصادى وبعض الأهداف فى مرحلة التحقيق، وهى النقطة الفارقة لتحسين تصنيف مصر الائتمانى، خاصة مع استمرار تحسن أداء ميزان المدفوعات وتنفيذ برنامج الطروحات الحكومية.
وأرجعت الوكالة تباطؤ النمو الاقتصادى الحقيقى فى مصر إلى 2.4% فى السنة المالية 2024، جزئياً إلى نقص توافر العملة الأجنبية لمعظم السنة وارتفاع التضخم، مع توقعات بالانتعاش خلال 2025 ليبلغ متوسط 4.2% فى 2025-2027.
«متولى»: الدين الخارجى سيرتفع بسبب زيادة التزامات مصر مع صندوق النقد الدولى
قال على متولى، محلل الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فى إحدى شركات الاستشارات فى لندن، إن تثبيت تصنيف مصر الائتمانى بعد أن ارتفع منذ أشهر يعد أمراً إيجابيًا، لأن الأوضاع مازالت عند حالتها، ولم يشهد السوق تحسناً سوى فى التدفقات الأجنبية بفعل صفقة رأس الحكمة، بالإضافة إلى أن زيادة التدفقات الأجنبية لم تعد كافية لتحسين تصنيف مصر الائتمانى، وإنما هناك ضرورة مُلحة لحسن توظيفها واستغلالها.
وأوضح أن الدين الخارجى لا يزال مرتفعاً حتى بعدما تراجع نسبياً بعد تحويل الودائع لاستثمارات، متوقعاً أن يسجل تحركات تصاعدية خلال الفترة المقبلة لزيادة التزامات مصر الخارجية لصندوق النقد.
وقال مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، إن الدين الخارجى لمصر انخفض بنحو 15 مليار دولار خلال 6 أشهر، مُسجلاً 152.8 مليار دولار فى يونيو الماضى بدلاً من 168 مليار دولار فى ديسمبر 2023.
وذكر متولى أن رفع المؤسسات الدولية لتصنيف مصر الائتمانى يحتاج إلى وجود مزيد من الإصلاحات الاقتصادية من السيطرة على ارتفاع الأسعار مثل البنزين، وتنفيذ فعلى لبرنامج الطروحات، ونمو ملحوظ فى الاحتياطى الأجنبى، واستمرار العمل بنظام سعر صرف مرن.
وتطرق لضرورة المرونة فى التعامل مع تبعات التوترات الجيوسياسية والتحوط بتوفير مخزونات استراتيجية دون استنزاف الاحتياطى الأجنبى فى ذلك الشأن.
«الألفى»: التوترات الجيوسياسية وراء عدم رفع التصنيف الائتمانى
وقال عمرو الألفى، رئيس استراتيجيات الأسهم لدى ثاندر لتداول الأوراق المالية، إن التوترات الجيوسياسية سبب رئيسى وراء عدم رفع التصنيف الائتمانى لمصر فى الوقت الحالى، خاصة لأثرها السلبى على تدفقات إيرادات قناة السويس.
وتراجعت إيرادات قناة السويس إلى 7.2 مليار دولار خلال العام المالى الماضى مقابل 9.4 مليار دولار خلال العام المالى 2022-2023
وأضاف «الألفى»، أن رفع التصنيف الائتمانى يتطلب اتخاذ إجراء بقوة القرارت التى اتخذتها الحكومة فى مارس الماضى، حينما حرر البنك المركزى المصرى سعر الصرف فى مارس الماضى، ما ساهم فى القضاء على السوق الموازى للعملات الأجنبية وزيادة تدفقات السيولة الدولارية بالقنوات الرسمية للاقتصاد.
وقالت «ستاندرد آند بورز» إنها قد تخفض رؤيتها المستقبلية إلى مستقرة إذا تراجع التزام السلطات بالإصلاحات الاقتصادية، أو إذا عادت الاختلالات الاقتصادية مثل نقص العملات الأجنبية، ومن الممكن أن تتخذ إجراءً سلبياً بشأن التصنيف إذا دفعت تكاليف الفائدة المرتفعة الحكومة إلى اللجوء إلى إعادة هيكلة الديون وهى احتمالية تراها صعبة، أو إذا بدأت المخاطر الجيوسياسية الإقليمية فى التأثير بشكل كبير على مصر.
قال مصطفى شفيع، رئيس قسم البحوث بشركة العربية أون لاين لتداول الأوراق المالية، إن رفع التصنيف الائتمانى لمصر يحتاج لبعض المتطلبات غير متوفرة لدينا فى الوقت الحالى، مثل الانتهاء من خطة الإصلاح الاقتصادى التى نسعى لتنفيذها بالتعاون مع صندوق النقد الدولى مثل إلغاء الدعم على المواد البترولية.
وأضاف «شفيع»، أن إلغاء الدعم على المواد البترولية يعقبه موجة تضخمية تتطلب استمرار التشديد النقدى، والذى سيؤثر سلباً على عجلة الاستثمار، ما دفع المؤسسات المالية الدولية لخفض توقعاتها بشأن النمو الاقتصادى خلال العام المالى 2024 ـ 2025.
وأشار إلى تثبيت التصنيف الائتمانى فى ظل المعطيات الحالية مناسب، موضحاً أن تدفق السيولة الدولارية داخل الاقتصاد غير مستقر، بسبب التوترات الجيوسياسية وتأثيرها السلبى على إيرادات قناة السويس.
لكنه ذكر أن مصر تنتظر تنفيذ الطروحات الحكومية وضخ استثمارات سعودية محلياً خلال الفترة المقبلة.