تسعى مصر، خلال الفترة الأخيرة، إلى وضع نفسها ضمن مصاف المقاصد المختارة لسياحة اليخوت، حيث اتخذت عدة إجراءات من شأنها تحقيق جذب سياحة الأثرياء لشواطئها.
الدكتور خالد شريف، رئيس نادى يخت القاهرة والجمعية المصرية لليخوت والقوارب ومعاون وزير السياحة والآثار لملف سياحة اليخوت سابقاً، كشف فى مقابلة مع «البورصة»، عن مستجدات ملف سياحة اليخوت وما تم تناوله بالتعاون مع الجهات المختصة على هامش مشاركة مصر فى معرض موناكو لليخوت 2024 الذى أُقيم نهاية الشهر الماضى.
وقاد الجناح الخاص بهيئة قناة السويس وشركة فيلكس للتوكيلات الملاحية الترويج لمصر بالمعرض، وتم استعراض منظومة الشباك الواحد لإنهاء تراخيص اليخوت، إلى جانب الاستماع لجميع المشاكل التى تواجه وافدى اليخوت للمقصد المصرى ومحاولة نقلها للجهات المسئولة للنظر فيها وحلها فى أقرب وقت.
قال «شريف»، إن مصر تواجه منافسة شرسة فى مجال سياحة اليخوت على الرغم من مقوماتها المتاحة.
أعلن عن التوصل إلى اتفاق من حيث المبدأ مع 4 شركات عالمية أوروبية متخصصة فى إدارة وتشغيل اليخوت، وذلك على هامش مشاركة الجمعية المصرية لليخوت والقوارب بمعرض موناكو.
ويتضمن الاتفاق عقد اجتماعات منفردة مع الشركات الـ4، خلال الشهر المقبل؛ لإيفاد يخوت للمقصد المصرى، ووضع تصور وتخطيط مشترك للموسم السياحى الشتوى المقبل والذى يليه بشكل مسبق.
وتابع: «نعمل مع الجهات المعنية أيضاً لوضع رؤية لنوعية البرامج السياحية وكيفية تنفيذها واختيار الشركات المتخصصة فى إدارة المقصد السياحى بالتعاون مع القطاع الخاص وشركات التوكيلات الملاحية وهيئة قناة السويس».
وذكر أن الشركات الـ4 الأوروبية المتخصصة فى إدارة وتشغيل اليخوت، تمتلك يخوتاً فائقة تبدأ حجمها من 30 متراً وأكثر وأخرى صغيرة حتى 10 أمتار.
بحث التعاون مع السعودية لتنمية سياحة اليخوت فى البحر الأحمر
أوضح أنه خلال المعرض جرت مناقشات ومفاوضات مع مجموعة شركات متخصصة فى مجال صيانة اليخوت، والتى أسفرت عن الاتفاق بصورة مبدئية مع 3 شركات عالمية للعمل فى مصر خلال الفترة المقبلة.
أضاف أن مناقشات أخرى تمت مع ممثلى هيئة النقل السعودى بشأن التعاون المشترك لتنمية سياحة اليخوت فى البحر الأحمر بشكل عام من خلال القطاع الخاص وهيئة قناة السويس.
وفى السياق، قال رئيس الجمعية المصرية لليخوت والقوارب، إن عدد المراين العاملة بالمقصد المصرى حالياً يبلغ نحو 12 مارينا فقط، ونحتاج لزيادتها إلى 20 مارينا مقسمة بالتساوى بين سواحل البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط.
ويرى «شريف»، أن توزيع المراين الحالى غير صحيح، موضحاً أن من بعد مارينا «مراسى» بالبحر الأبيض المتوسط على سبيل المثال لا توجد مراين أخرى وصولاً إلى حدود المياه الإقليمية لمصر، ونحتاج إقامة مارينا أخرى بعد مرسى مطروح بالرغم من الإشارة إلى إنشاء مارينا برأس الحكمة.
اقرأ أيضا: “قناة السويس” تقدم حوافز وتخفضيات جديدة لتعزيز سياحة اليخوت
وتابع أن قبل مارينا «مراسى» هناك مارينا «العلمين» والتى لا بد من تشغيلها، وتسبقها مارينا بورتو لكنها للمراكب الصغيرة، وقبلها مارينا الإسكندرية ثم منها إلى بورسعيد لا يوجد مراين بينهما، مشيراً إلى ضرورة إنشاء عدد 2 مارينا فى منتصف المسافة بين الإسكندرية وبورسعيد.
وأضاف أن توزيع المراين فى البحر الأحمر يعتبر أفضل نوعاً ما مقارنة بالمراين الموزعة على سواحل البحر الأبيض المتوسط، حيث تشمل قناة السويس 3 مراين وهى بورسعيد، الإسماعيلية والسويس ويليها مارينا الجلالة بنحو 50 كيلو متراً ويتبعها بنحو 40 كيلو متراً مارينا وادى الدوم.
وأشار إلى أن المسافة بين وادى الدوم والجونة تحتاج مارينا بينهما، بينما تعتبر ميناء ومارينا الغردقة ومارينا الجونة واحد؛ نظراً إلى قرب المسافة بينهما، ويليهما بنحو 40 كيلو متراً مارينا سوما باى ويليها ميناء سفاجا ثم يعقبها بحوالى 150 كيلو متراً مارينا بورتو غالب ويليها مارينا راس بناس.
واستطرد قائلاً: إن متوسط سرعة المركب يتراوح بين 7 و9 عُقَد فى الساعة ما يوازى ميلاً بحرياً ويُقدر بنحو 1.8 كيلو متر فى الساعة، وبحسب «شريف»، فإن مدة سير المركب بشكل متواصل فى المياه تبلغ نحو 10 ساعات أى ما يوازى 100 كيلو متر ويعقبه استراحة، لذلك لا بد من وجود مارينا أو رصيف أو «كِنة» منطقة ربط فى البحر على بعد كل 100 كيلو.
مطالب بسرعة إتمام تصاريح دخول اليخوت مع عدم تقييد حرية الوفود
وأوضح أن القطاع الخاص هو المعنى بشكل رئيسى فى إنشاء المراين الثمانى المطلوبة بينما يقتصر دور القطاع الحكومى على تسهيل التصاريح والموافقات اللازمة لإتمام عملية النهوض بهذه السياحة.
وأكد أن المارينا ليس بالضرورة تُنشأ بطراز معين كمراين الجونة أو مراسى والتى تأتى ضمن مشروع عقارى ضخم، ويكفى أن يتم إنشاؤها كرصيف يسمح باصطفاف لرسو اليخوت فقط، وقد تتراوح تكلفته بحسب حجمه والتى قد لا تكون كبيرة ويمكن تمويله محلياً لتتراوح بين 150 و200 مليون جنيه.
ويرى أن مدينة دمياط الجديدة كان يجب أن تحتوى على مارينا، كذلك رأس البر بعد تطويرها، وعزبة البرج أيضاً، والتى تحتوى على ميناء للصيادين، وتطوير بحيرة البرلس كان من الممكن إنشاء مارينا بها أيضاً.
كما تطرق الحديث مع شركات إدارة اليخوت أثناء معرض موناكو، إلى طرح وتنفيذ برامج سياحية لعملائهم المميزين الـVIP وتقديم ما يُعرف بإدارة الوجهات السياحية Destination Management وهى عملية تنسيق وتنظيم الأنشطة والخدمات المتعلقة بتطوير وتسويق وجهة سياحية معينة.
وتتضمن هذه العملية تطوير عروض سياحية جذابة، وإدارة العلاقات مع الجهات المعنية مثل الفنادق، شركات السياحة، والمجتمعات المحلية بهدف تقديم تجربة سياحية مميزة ومستدامة للزوار.
اقرأ أيضا: إعفاء اليخوت العابرة لقناة السويس من رسوم الموانئ حال عدم دخولها
وأوضح أن كبرى شركات تأجير اليخوت الفائقة تتجه خلال موسم الشتاء نحو جزر الكاريبى، لكن الغالبية العظمى توقف العمل شتاءا لحين استئناف الموسم الصيفى، لذلك تم استعراض مصر كوجهة بديلة للعمل منها خلال الشتاء.
وأوضح أن المقصد المصرى يواجه منافسة شرسة مع الوجهات الأوروبية خلال موسم الصيف، مشيراً إلى أن وجهة كالعلمين الجديدة التى يمكن استغلالها صيفاً لجذب سياحة اليخوت تعتبر حديثة وغير معلومة أو مروج لها لدى سائحى اليخوت.
ولفت «شريف»، إلى بعض المشكلات أو المعوقات التى لا تزال تواجه سائحى اليخوت الوافدين للمقصد المصرى، حيث لا بد من الحصول على الموافقة الرسمية بالوقوف والإبحار فى البحر الأحمر، ولكن مع عدم إنزال عائمات صغيرة، ما يعوق الحركة والاستمتاع لأصحاب هذه اليخوت، ويخت آخر كان بحوزته غواصة صغيرة وتم رفض دخوله للمياه الإقليمية بمصر.
وقال إن هناك معوقات أخرى منها فرض رسوم مفاجئة عند المغادرة أو أثناء الوقوف بالبحر بغض النظر عن ضآلة قيمة الرسوم ولكنها تزعج الوافد.
مصر فى منافسة شرسة لاستقطاب سياحة «النخبة»
وأوضح أن سياحة اليخوت تُعرف بأنها سياحة تستهدف الأفراد ذوى الدخل المرتفع أو النخبة والذين يبحثون عن تجارب استثنائية، كما تُعرف بأنها سياحة الحرية.
وتابع مصر تعتبر متأخرة جدًا فى تفعيل ملف سياحة اليخوت بالرغم من المقومات المتاحة لديها، ويجب فهم طبيعة سائح اليخوت ومتطلباته والعمل على تلبيتها حتى نواكب منافسينا.
اقرأ أيضا: “مارسيليا” تخطط لاستثمار 5 ملايين دولار فى سياحة اليخوت بحلول 2030
وأوضح أن الوافدين من سائحى اليخوت بالطبع لا يرغبون فى الإقامة الفندقية بينما لديهم يخت مجهز فندقياً، ولكن يبحثون عن زيارة مميزة لأحد الوجهات السياحية كالأقصر وأسوان على سبيل المثال وقد تصل نفقاتهم الأسبوعية إلى نحو 100 ألف دولار.
كما أشار إلى أن تعطيل أو عدم سرعة إنجاز الإجراءات الذى قد ينتج عنه تأخير وصول السائح من المطار إلى اليخت الخاص به فى المياه الإقليمية، سبب رئيسى فى اختيار الوجهات السياحية الأخرى كبديل عن مصر.
تونس والمغرب والسعودية ضمن المنافسين الجدد لمصر
وتابع أن تونس دخلت كمنافس قوى مؤخراً وكذلك المغرب، والسعودية تعتبر أيضاً منافساً شرساً، والدول المطلة على الساحل الغربى لأفريقيا، لافتاً إلى أن جميع المنافسين يعلمون جيداً القيمة أو المردود الاقتصادى لسياحة اليخوت.
ونوه بضرورة تفعيل ما يسمى «حرية الرسو على المخطاف» فى جميع السواحل المصرية، وهذا الأمر متاح فى كل دول العالم التى تعتمد سياحة اليخوت ما عدا مصر.
1500 يورو متوسط قيمة رسو اليخت يومياً بالمارينا
وبحسب «شريف»، فإن قيمة رسو اليخت فى اليوم الواحد بأحد مراين قبرص على سبيل المثال، يبلغ نحو 1500 يورو، مشيراً إلى أن سياحة اليخوت تعتبر مصدر دخل مرتفعاً لأى مقصد سياحى ومصر تواجه منافسة شرسة للنهوض بهذه السياحة.
وطالب بضرورة تعديل منظومة التراخيص بحيث تسمح لشركات تأجير اليخوت الفائقة بالعمل من مصر مقابل تحصيل ضريبة القيمة المضافة فقط، والتى يمكن أن تصل إلى 4 ملايين يورو من خلال تأجير اليخت الواحد فائق السرعة نظير إقامته لمدة شهر فى مصر.
وبحسب «شريف» فإنَّ اليخوت الفائقة السرعة نسبة الملكية فيها للأفراد حول العالم لا تزيد على 20% بينما 80% منها مملوكة لشركات تقوم بتأجير هذه اليخوت للأفراد، والذى يعتبر «بزنس» كبير وله مردود وعوائد مالية ضخمة.
وذكر أن إجمالى عدد اليخوت الفائقة يبلغ نحو 200 ألف يخت حول العالم، بينما إجمالى عدد اليخوت بجميع أحجامها يبلغ نحو 500 ألف يخت فى العالم.
ويتراوح عدد اليخوت المتحركة فى البحر الأبيض المتوسط ما بين 20 و30 ألف يخت صغير وكبير، ويُقدر عدد اليخوت الفائقة الموجودة بالبحر الأبيض بنحو 1500 يخت.
وتبلغ القيمة الإيجارية لليخت فائق السرعة نحو 3 ملايين يورو فى الاسبوع الواحد، بينما قيمة إيجار اليخت الصغير تقدر بنحو 200 ألف يورو فى الأسبوع.