حذرت بياتا يافورسيك، كبيرة الاقتصاديين في البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، من أن أوروبا تواجه لحظة حرجة مع تصاعد تكاليف الطاقة، وزيادة التنظيم بشركات الأعمال، وتكثيف المنافسة العالمية.
وعرضت يافورسيك – في مقابلة مع منصة “البلقان” الاخبارية نشرت اليوم الإثنين – التحديات التي تؤثر على قدرة القارة على المنافسة، خاصة في مواجهة التنافس من الولايات المتحدة والصين.
وأكدت الحاجة إلى اتخاذ إجراءات على غرار التوصيات الواردة في تقرير ماريو دراجي في سبتمبر 2024 حول مستقبل تنافسية الاتحاد الأوروبي.
وقالت يافورسيك: “في المدن الأوروبية، هناك رؤية بأن أوروبا في أزمة وتفقد قدرتها على المنافسة”.
وأشارت إلى الأحداث الأخيرة مثل إعلان شركة فولكس فاغن عن إغلاق مصنع في ألمانيا، مما يعكس خطورة الوضع.
وربطت يافورسيك، هذا الاتجاه ليس فقط بتكاليف الطاقة، بل أيضًا بتزايد المنافسة من الصين، التي أصبحت لاعبًا رئيسيًا في الأسواق العالمية.
وأبرزت إحدى القضايا الرئيسية التي تواجه الاقتصاد وهو التنظيم المفرط للشركات الأوروبية. ورغم أن الكثير من هذه اللوائح تهدف إلى الصالح العام، فإن الكم الهائل من التوجيهات يفرض عبئًا على الشركات الأوروبية التي تكافح لتحمله.
وأضافت: “هناك شعور بأن موجة ضخمة من التنظيمات تجتاح أوروبا. حتى لو كانت كل توجيه له نوايا حسنة ومعقولة، فإن العدد الكبير يفرض عبئًا كبيرًا على الشركات الأوروبية ويقوض قدرتها على المنافسة”.
هذا التآكل في القدرة التنافسية يسهم في الشعور العام بأن الوقت قد حان للتحرك. وقالت يافورسيك: “يشعر الأمر وكأنه لحظة حاسمة، إما الآن أو أبدًا”، معبرة عن مخاوفها من أن الوضع الاقتصادي في أوروبا قد يستمر في التدهور ما لم تتخذ خطوات حاسمة.
جاءت تصريحات يافورسيك بعد وقت قصير من صدور تقرير دراجي، وهو تقييم صارم لمستقبل الاقتصاد الأوروبي من إعداد رئيس الوزراء الإيطالي السابق ماريو دراجي.
ويدعو التقرير إلى استثمار سنوي قدره 800 مليار يورو لإعادة إحياء الإنتاجية الأوروبية، وأثار جدلاً واسعًا في جميع أنحاء القارة.
وحذر دراجي من أن أوروبا تواجه “تراجعًا بطيئًا ومؤلمًا” ما لم تتغلب على الركود الطويل الأجل وتعزز القدرة التنافسية من خلال استثمارات ضخمة.
وترى يافورسيك أن تقرير دراجي قد هز النخب الأوروبية ونجح في خلق إحساس بالإلحاح. وقالت: “لقد هز التقرير أوروبا. لقد كان هدفه إثارة الصدمة، وأعتقد أنه نجح في ذلك”.
ورغم أن البعض يرون أن التقرير يركز بشكل رئيسي على أوروبا الغربية، إلا أن يافورسيك أشارت إلى أنه ذو صلة بنفس القدر بالدول الأعضاء الجديدة في الاتحاد الأوروبي في وسط وجنوب شرق أوروبا.
وأوضحت: “البعض في أوروبا الشرقية يرون أنه يخص الغرب فقط، لكنني لا أعتقد أن هذه هي النظرة الصحيحة”.
وأضافت: “التركيز هو على نقص القدرة التنافسية والحاجة إلى الابتكار الأكبر والنمو الديناميكي في الإنتاجية. لقد شهدت أوروبا الشرقية نموًا مذهلاً خلال الثلاثين عامًا الماضية، لكن تلك المصادر القديمة للنمو قد استُنزفت، والشرق الآن بحاجة إلى النمو بالاعتماد على الابتكار الخاص به”.
وبالنسبة لأوروبا الشرقية، فالمجال المالي محدود بشكل عام مقارنة بأوروبا الغربية، ولكن يافورسيك ظلت متفائلة، موضحة أن أوروبا الشرقية لا تزال تستفيد من زيادة الاستثمارات في دول مثل ألمانيا، مما سيزيد من الصادرات.
ومع ذلك، فإن الدول في المنطقة تعرضت لضربات شديدة من صدمات الطلب الخارجي، خاصة من أوروبا الغربية، ومن ارتفاع تكاليف الطاقة التي ارتفعت بعد غزو روسيا لأوكرانيا في عام 2022.
ورغم ذلك، شهدت عدة دول في المنطقة نموًا أسرع في الأجور وسياسات مالية توسعية أكثر، مما ساعد على تخفيف الصدمة.
لكن بعضها يواجه الآن تدقيقًا من بروكسل بسبب العجز في الميزانية، خاصة بولندا وسلوفاكيا والمجر؛ مما يجعل من الصعب الالتزام بدعم الابتكار والاستثمار المطلوبين بشكل عاجل.