أرسل الزعيم الجديد لإندونيسيا رسالة قوية لشركات التكنولوجيا الأجنبية الراغبة في دخول السوق الإندونيسي، رابع أكبر سوق في العالم من حيث عدد السكان، وهذه الرسالة هي الاستثمار محلياً أو خسارة الوصول إلى السوق.
لكن المحللين حذروا من أن هذه الاستراتيجية، التي أسهمت في تحويل الاقتصاد الإندونيسي إلى قوة في مجال السلع الأساسية، قد تؤدي إلى نتائج عكسية بالنسبة لشركات مثل “أبل” و”جوجل” في ظل اشتداد المنافسة الإقليمية على جذب الاستثمار الأجنبي المباشر.
خلال الأسبوع الماضي، حظرت حكومة برابوو سوبيانتو بيع هواتف “أبل” من طراز “أيفون 16” وهواتف “جوجل” من طراز “بيكسل”، مستندةً إلى عدم استيفاء الشركتين لمتطلبات تصنيع 40% من منتجاتهما باستخدام مواد خام محلية، حسب ما أوضحته صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية.
وقال فبري هندري أنطوني أريف، المتحدث باسم وزارة الصناعة: “نشجع سياسة المحتوى المحلي لتحقيق العدالة لجميع المستثمرين، وكذلك لإضافة قيمة محلية”.
ويأتي هذه الحظر، بعد أسبوع من تولي برابوو منصبه، كمؤشر على أن أكبر اقتصاد في جنوب شرق آسيا قد يتخذ سياسات تجارية تقييدية بشكل أكبر لضمان استثمارات من الشركات الأجنبية.
وحذر النقاد من أن مثل هذه السياسات قد تقلل من جاذبية إندونيسيا، التي تعاني بالفعل من البيروقراطية والفساد، لصالح دول أخرى في المنطقة مثل فيتنام وماليزيا التي توفر بيئة استثمارية أكثر ودية، كما أن هذه القيود تأتي في وقت وضع فيه برابوو خططاً طموحة لرفع النمو الاقتصادي السنوي إلى 8%.
وقالت ليديا رودي، المدير العام لغرفة التجارة الأمريكية في إندونيسيا: “تؤثر هذه السياسات على القدرة التنافسية لإندونيسيا مقارنةً بالدول الأخرى في جنوب شرق آسيا”.
وأشارت إلى أن تلبية متطلبات المحتوى المحلي قد يكون “أمراً صعباً للغاية” على الشركات الأجنبية لأن المنتجات المحلية ليست متاحة لبعض القطاعات، مثل الإلكترونيات والأدوية والأجهزة الطبية والطاقة المتجددة.
وأضافت أن هذا يشكل عائقاً حقيقياً أمام المستثمرين الأجانب. إذا لم يتمكنوا من استيراد المنتجات أو المواد التي يحتاجون إليها، ولم تكن متاحة في السوق المحلي، فإنهم سيتجهون نحو أسواق أخرى في المنطقة.
لطالما استخدمت إندونيسيا اللوائح التجارية لجذب الاستثمارات الأجنبية والتصنيع المحلي لحماية صناعاتها الداخلية.
وتعد سياسة المحتوى المحلي من أقوى آلياتها، حيث تلزم العديد من الصناعات، بدءاً من الطاقة وحتى الآلات الزراعية، بتوفير نسبة معينة من المنتجات من مصادر محلية. بالنسبة لمحطات الطاقة، تصل النسبة إلى 70%.
وفي هذا العام، خففت إندونيسيا متطلبات المحتوى المحلي لمشاريع محطات الطاقة الشمسية بهدف تسهيل الاستثمار الأجنبي، حيث أوضح وزير الطاقة حينها، أريفين تصريف، أن هذه المتطلبات جعلت المشاريع أكثر تكلفة بالنسبة للشركات الأجنبية، وتعد سياسة الحماية التجارية لإندونيسيا أكثر قوة في قطاع السلع الأساسية.
ففي عام 2019، حظر الرئيس السابق جوكو ويدودو تصدير خام النيكل، مما أجبر الشركات الأجنبية على الاستثمار في منشآت معالجة النيكل المحلية، واستقطبت هذه السياسة استثمارات قياسية في قطاعي الصلب والسيارات الكهربائية اللذين يعتمدان بشكل كبير على النيكل.
رغم أن برابوو وعد بأن تكون إدارته صديقة للاستثمار، إلا أنه لم يعلن عن خطط تفصيلية بعد، لكنه تعهد بمواصلة سياسة ويدودو في “تعزيز القيمة المحلية” لزيادة قيمة صادرات البلاد.