يشهد قطاع الاستشارات القانونية للشركات نشاطًا متزايدًا فى ظل زيادة حجم الأنشطة الاقتصادية فى القطاع المالى المصرفى وغير المصرفى، وتأسيس الشركات وإبرام الصفقات المختلفة فى قطاعات متنوعة.
ويدفع نمو أنشطة مثل إصدارات الدين والاستحواذات والتأجير التمويلى والقروض المصرفية وغير المصرفية لزيادة الطلب على الاستشارات القانونية لضمان إبرام صفقات منضبطة من الناحية القانونية لا يترتب عليها التزامات مالية فى صورة خسائر أو غرامات.
ورغم أن السوق مفتوح أمام العاملين فى نشاط الاستشارات القانونية لتأسيس مكاتبهم الخاصة إلا أن تنفيذ ذلك بنجاح والحصول على اعتراف السوق وجذب العملاء باستمرار يجعل العملية ذات طابع نخبوى.
“تأسيس مكتب قانونى أو أن تصبح شريكًا فيه، يتطلب عدداً من المقومات بينها درجة الليسانس في القانون، وشهادات مهنية إضافية مثل “إل إل إم” الماجستير في القانون أو دبلوم متخصص في مجالات مثل التحكيم أو الضرائب”، بحسب ماهر ميلاد اسكندر الشريك التنفيذى بمكتب “أندرسن مصر”.
يأتى ذلك رغم أن الهيكل الإدارى للمكاتب القانونية ليس معقدًا إذ أن الأقسام الرئيسية داخل مكاتب الاستشارات القانونية تنحصر فى قسم الشركات، حيث يتم تأسيس الشركات واعداد العقود وتقديم المشورة في الحوكمة، وقسم العقود ويلبى صياغة العقود التجارية والمدنية ومراجعتها بدقة، إضافة إلى قسم التقاضي والتحكيم، وقسم الضرائب، بحسب ميلاد.
اقرأ أيضا: المدير التنفيذى: “لينكس للاستشارات” قدمت خدماتها لأكثر من 50 شركة
ويقود الشركاء الإداريون المكاتب، ويشرفون على التخطيط الاستراتيجى، ومن ثم يأتى دور رؤساء الأقسام حيث الإشراف على العمليات الفنية في مجالات التخصص، إضافة إلى المستشارين القانونيين الذين يقدمون استشارات متخصصة في مختلف التخصصات القانونية، والمحامون المساعدون يتولون تنفيذ الأعمال اليومية تحت إشراف المستشارين، وفق الشريك التنفيذى بمكتب “أندرسن مصر”، الذى لفت إلى أن الإدارة المالية والإدارية تدير الشئون المالية والموارد البشرية لضمان سير العمل بكفاءة.
لكن ميلاد يقول أيضًا أنه يجب أن تمتلك خبرة لا تقل عن 30 عاماً في المجال القانوني، بما في ذلك التعامل مع قضايا متخصصة، والتجربة الواسعة في تقديم استشارات قانونية للشركات الكبرى والعملاء الدوليين، والتسجيل والعضوية الفعالة في نقابة المحامين المصرية “درجة قيد نقض”، إضافة إلى إجادة اللغات مثل إتقان اللغة الإنجليزية إضافة إلى اللغة العربية للتعامل مع العقود والاستشارات الدولية.
ولفت إلى أن المحامى الشريك يحصل على عدة مميزات منها مكانة مهنية مرموقة، والمشاركة في الإدارة وتخطيط استراتيجيات المكتب واتخاذ القرارات الإدارية الهامة، وحوافز مالية مميزة، مثل نسبة من أرباح المكتب إضافة إلى راتب تنافسي يعكس خبرته ومساهمته في نجاح المكتب، وتطوير مهني مستمر.
وأوصى الشريك التنفيذى بمكتب “اندرسن مصر” خريجي كليات الحقوق الطامحين للعمل كمستشارين قانونيين بالتدريب العملى، والحرص على الانضمام إلى برامج تدريبية في مكاتب محاماة مرموقة لاكتساب الخبرة العملية وتعميق المعرفة، بالتطبيقات القانونية اليومية، ما يسهم في بناء أساس قوي لمستقبلهم المهنى، وإتقان اللغات الأجنبية.
وأشار إلى ضرورة التخصص في مجال محدد، لاسيما اختيار تخصص قانوني دقيق يتماشى مع اهتمامات واحتياجات السوق، مثل التحكيم التجاري أو الضرائب الدولية، لزيادة الفرص في الحصول على أدوار متميزة في هذا المجال، وبناء شبكة علاقات مهنية، والمشاركة في المؤتمرات القانونية وورش العمل لتعزيز شبكة علاقاتك، حيث تساهم هذه الأنشطة في التواصل مع خبراء ومحامين متمرسين، وتفتح آفاقا جديدة للتعاون والفرص المهنية.
لماذا تندر صفقات الاستحواذ لدى صناع الصفقات؟
يقول عماد الشلقانى الشريك الرئيسى لمكتب “الشلقانى للاستشارات القانونية”، إن مهنة المحاماة تعتمد على المهارة الشخصية بشكل كبير، لذلك يصعب حدوث اندماجات بين مكاتب الاستشارات القانونية العاملة فى السوق المحلى.
وذكر أن هناك مكاتب قانونية محلية لديها نوع من الشراكات والتعاون والتحالفات مع مكاتب عالمية، حيث أن العائد على تلك المكاتب المحلية يتمثل فى ضمان مستوى معين من عملاء المكتب الأجنبى إذا أرادوا الاستثمار فى مصر، إضافة إلى اكتساب خبرة من تلك المكاتب فى عمليات إتمام الصفقات وصياغة العقود.
كيف يحجز مكتب المحاماة لنفسه مكانًا على الساحة الدولية؟
وقال الشريك التنفيذى بمكتب “أندرسن مصر إن التميز في مجال المحاماة على المستوى الدولى يعتمد على مجموعة من العوامل، والتي تمنح مكاتب المحاماة الدولية التفوق والريادة مثل التخصص الدقيق، والخبرة الدولية، وشبكة العلاقات العالمية، والالتزام بالمعايير العالمية.
وذكر أن مكاتب الاستشارات القانونية تشمل أنشطتها قانون الشركات والحوكمة، والضرائب الدولية والمحلية، والتقاضي والتحكيم “المدني والتجاري”وقانون العمل، والأمن السيبراني، والقانون الجنائي، وقانون البنوك والتمويل، ودراسات الجدوى القانونية.
لكن الشريك الرئيسى لمكتب “الشلقانى للاستشارات القانونية” يرى أن هناك تخصصات بين مكاتب الاستشارات القانونية، حيث أن هناك مكاتب معروفة بتميزها فى مجال التحكيم الدولى، وأخرى فى مجال أسواق المال وأخرى فى قطاع الصفقات، وغيرها فى مجال الوساطة.
وقال إن المستثمر يحسم اختياره بناء على سابقة الأعمال والمشروعات والعقود التى تم إبرامها، إضافة إلى مقارنة الأتعاب بين المكاتب العاملة فى السوق والتى تقدم نفس المستوى من جودة الخدمة.
أما على جانب الجهات الحكومية، فبالإضافة إلى الشروط السابقة يتم عمل مناقصة لكل مكاتب الاستشارات القانونية لدى تلك الجهات على حسب قيمة المناقصة ونوعها ونوع العقد المطلوب، يتم على أساسها اختيار المكتب الذى لديه المعرفة والخبرة الكافية بموضوع العقد ومن ثم يتم التفاوض على الأتعاب إذا كانت العروض المقدمة بنفس القيمة.
وفى ضوء ذلك يقول الشلقانى إن مكاتب الاستشارات القانونية لا تقوم بعمليات التمويل، ولكنها تساعد وتسهل إجراءات التمويل، بأن تعرف وتقدم وترشح للمستثمر الجهات المصرفية والتمويلية، وإبرام الاتفاقيات التى تتم بين الأطراف المتعاقدة.
وفيما يخص عمليات الاندماج والاستحواذ، أوضح أن العملية تبدأ من رغبة العميل فى الاستحواذ على إحدى الشركات التى طرحت أسهمها أو حصص لها أو إحدى شركاتها للبيع فى أحد القطاعات، أو أن يكون هناك اتفاق مبدئى أو اتفاق تمهيدى بين البائع والمستثمر، ومن ثم يقوم المستثمر فى التواصل لدى مكتب الاستشارات القانونية نظراً لإلمامها بالفرص المتاحة والمطروحة من جانب القطاع الخاص أو من جانب الدولة.
وأشار إلى أن تلك المرحلة المبدئية تليها عملية الفحص النافى للجهالة، وتستهدف توضيح حقوق والتزامات الشركات المطروحة للبيع، وخلالها يقوم المستثمر بتعيين مستشار مالى وآخر قانونى لعمل الدراسات المالية والقانونية اللازمة.