توقع استشاريون وصناع صفقات رواج نشاط الدمج والاستحواذ فى السوق المصرى خلال الفترة المقبلة من العام الجارى وحتى النصف الأول من العام المقبل، مع زيادة تدفق الاستثمارات بالقطاع الخاص بعد تحسن سعر الصرف والوضع الاقتصادى، ورغم وجود بعض التحديات أمام الرواج المرتقب.
قال عاطف الشريف، رئيس البورصة المصرية الأسبق والشريك المؤسس لشركة الشريف للاستشارات المالية والمحاماة، إن عمليات الاندماج والاستحواذ أصبحت شائعة بشكل متزايد فى مشهد الأعمال اليوم، حيث تسعى الشركات إلى النمو وتوسيع حصتها فى السوق واكتساب ميزة تنافسية.
وأشار إلى أن عمليات الاندماج والاستحواذ أداة حيوية للشركات التى تهدف إلى إعادة تشكيل المشهد التنافسى وتحقيق الأهداف الاستراتيجية، فهى توفر فرصاً لتحقيق وفورات فى التكاليف، وتوسيع السوق، وزيادة القدرة التنافسية.
وأضاف أن التنفيذ الناجح لصفقات الاندماج والاستحواذ يتطلب تخطيطاً دقيقاً وتكاملاً على مستوى الأعمال بين الشركات المندمجة وخلق حلول للتحديات التنظيمية.
وتابع أن الاتجاهات المستقبلية فى عمليات الاندماج والاستحواذ ستستمر مع لعب التكنولوجيا دورًا مهمًا فى تشكيل مشهد عمليات الاندماج والاستحواذ، حيث تسعى الشركات بشكل متزايد إلى البحث عن فرص للاستحواذ على الشركات الناشئة فى مجال التكنولوجيا، وشركات البرمجيات، وغيرها من الشركات المبتكرة.
اقرأ أيضا: تقييمات البنوك وفرص النمو تفتح الباب أمام عمليات الدمج والاستحواذ بالقطاع المصرفى
وقال إن حدود الصناعة التقليدية أصبحت غير واضحة، فالشركات تسعى بشكل متزايد إلى إقامة شراكات وعمليات استحواذ خارج قطاعاتها الأساسية، ويمكن أن يؤدى التعاون بين الشركات فى مختلف الصناعات إلى حلول مبتكرة وفتح أسواق جديدة.
وأضاف أن العولمة جعلت من السهل على الشركات توسيع عملياتها خارج بلدانها، متوقعًا رواج نشاط الاندماج والاستحواذ عبر الحدو بحثاً عن أسواق وعملاء جديد خاصة أن مستقبل عمليات الاندماج والاستحواذ ديناميكى ومتطور باستمرار مع تبنى التكنولوجيا، والتركيز على الممارسات المستدامة واستكشاف أوجه التعاون عبر الصناعة.
وأضاف أن عدد صفقات الدمج والاستحواذ فى مصر انخفض بنسبة 53% خلال عام 2023 لتصل إلى 139 صفقة على خلفية التوترات الجيوسياسية وتحديات الاقتصاد الكلى.
وأوضح أن من أهم التحديات والمخاطر المرتبطة بعمليات الاندماج والاستحواذ تكامل ثقافات الشركة المختلفة، فعندما تجتمع منظمتان لهما قيم وأساليب عمل وممارسات إدارية متميزة معاً، قد يؤدى ذلك إلى صراعات ومقاومة من الموظفين و للتغلب على هذا التحدى يجب على الشركات استثمار الوقت والجهد فى فهم ومواءمة ثقافاتها، وتعزيز التواصل والتعاون بين الفرق.
وتابع أن غالباً ما تنطوى معاملات الاندماج والاستحواذ على مخاطر مثل صعوبات فى التقييم الدقيق للشركة المستهدفة وأصولها بالإضافة إلى ذلك قد تكون هناك التزامات مخفية، مثل الدعاوى القضائية المعلقة أو الأداء المالى الضعيف، والتى يمكن أن تؤثر سلباً على الصحة المالية للكيان المدمج، وللتخفيف من عدم اليقين المالى يعد بذل العناية الواجبة أمراً بالغ الأهمية، بما فى ذلك عمليات التدقيق المالى الشاملة وتحليل اتجاهات السوق.
اقرأ أيضا: “برايس ووتر هاوس”: 60% تراجعًا فى نشاط الدمج والاستحواذ بمصر العام الماضي
وقال إن عمليات الاندماج والاستحواذ تخضع للتدقيق التنظيمي، لا سيما عندما تشمل شركات تعمل فى صناعات شديدة التنظيم مثل الرعاية الصحية أو الاتصالات قد يستغرق الحصول على الموافقات التنظيمية والامتثال لقوانين مكافحة الاحتكار وقتاً طويلاً ومكلفاً، ولذلك يجب على الشركات الاستعانة بمستشار قانونى ذى خبرة والتعامل بشكل استباقى مع أى مخاوف تنظيمية محتملة.
وأشار إلى أن عدم كفاية التخطيط والتنفيذ يؤديان إلى تعطيل العمليات، مما يسبب التأخير وزيادة التكاليف، وخفض مخاطر تكامل تكنولوجيا المعلومات يجب على الشركات إجراء تقييمات شاملة لأنظمتها ووضع خطة تكامل مفصلة، وتخصيص موارد كافية للتنفيذ.
وأوضح أن القطاعات المتوقع أن تشهد عمليات دمج واستحواذ خلال الفترة المقبلةتتمثل فى قطاع الرعاية الصحية، وقطاع الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، وقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وقطاع الزراعة و استصلاح الأراضى، بالإضافة إلى قطاع النقل واللوجيستيات وقطاع تجارة التجزئة.
وشهدت منطقة الشرق الأوسط تراجعًا بمعدل صفقات الدمج والاستحواذ بنسبة 4% خلال النصف الأول وفقا لتقرير صادر عن مؤسسة برايس ووتر هاوس “pwc”، وكان للسعودية والإمارات النصيب الأكبر من الصفقات.
الشنيطى: عودة شهية المستثمرين للصفقات بدأ منذ بداية النصف الجارى 2024
وقال مصطفى الشنيطى المدير التنفيذى ورئيس قطاع بنوك الاستثمار بشركة زيلا كابيتال، إن النصف الثانى من العام الحالى يشهد رواجًا فى قطاع الدمج والاستحواذ، متوقعاً أن يستمر هذا الرواج حتى النصف الأول من 2025.
وأشار إلى أن عمليات الدمج والاستحواذ بدأت فى الانفراجة منذ بداية النصف الثانى من عام 2024، مؤكدًا أن التوقعات تشير إلى استمرار الرواج بعمليات الدمج والاستحواذ.
وأرجع الرواج المتوقع إلى استقرار سعر صرف الجنيه أمام الدولار وتحسن الوضع الاقتصادى بالبلاد، وعودة شهية المستثمرين بالدخول بقطاعات جديدة فى السوق.
وأوضح أن الاستثمار فى مصر يشهد زيادة بوجود القطاع الخاص، حيث يتمتع القطاع بأداء قوى مقارنة بالسنوات السابقة فقد شهد النصف الأول من العام الحالى نمو القطاع الخاص مما أدى إلى زيادة الاستثمارات خاصة الاستثمارات غير البترولية.
وتابع الشنيطى أن قطاع الدمج والاستحواذ شهد عدة تحديات والتى تم حل بعضها مثل استقرار الوضع الاقتصادى، وسعر الصرف وتوفير مساحة أكبر للقطاع الخاص ويبقى وضع نظام ضريبى مستدام لكل المستثمرين، ووضع نظام للموافقات الحكومية والرقابية بشكل واضح.
اقرأ أيضا: “زيلا كابيتال” تتوقع إتمام 6 صفقات بـ 100 مليون دولار خلال 6 أشهر
وتوقعت “برايس ووتر هاوس”، انتعاش نشاط الاندماج والاستحواذ مرة أخرى، على أن يكون أسرع فى بعض القطاعات من غيرها، حيث لابد أن يستمر عرض عمليات الاندماج والاستحواذ، ويرجع ذلك إلى أن الحاجة إلى عقد الصفقات أصبحت أكبر من أى وقت مضى.
وأضاف التقرير أن التحديات الاقتصادية العالمية وضعت بعض الضغوط على الأساسيات الاستراتيجية والاقتصادية التى تدعم المعاملات، وكانت المستويات المنخفضة لنشاط الاندماج والاستحواذ على مدى العامين ونصف العام الماضية سبباً فى خلق الطلب والعرض المكبوت، وخاصة فى عالم الأسهم الخاصة.
وأشار إلى أن توجه الشركات إلى عمليات الاندماج والاستحواذ يأتى لرغبة الرؤساء التنفيذيين فى تسريع نمو شركاتهم فى اقتصاد منخفض النمو، وتعمل أيضًا على خلق فرص لعمليات الاندماج والاستحواذ داخل القطاعات المختلفة، بالإضافة إلى وجود مناهج محددة تفضل نهج الشراء مقابل البناء فى العديد من المواقف.
وقال التقرير إن السوق يترقب طرح المزيد من الأصول عالية الجودة فى الستة أشهر المقبلة.
عمارة: استقرار سعر الصرف يدعم رواج الصفقات المرتقبة
وتوقع ياسر عمارة رئيس مجلس إدارة شركة إيجل للاستشارات المالية، أن يشهد قطاع الدمج والاستحواذ فى مصر نشاطًا خلال العام الجارى بدعم من استقرار سعر صرف الجنيه أمام الدولار بعد قيام الحكومة المصرية بتوفير السيولة الدولارية لسد الفجوة بين سعر صرف الجنيه أمام الدولار فى السوق الرسمى والموازى.
وترى مؤسسة أندرسن للاستشارات فى تقرير صادر عنها، أن العنصر الهام فى الصفقات الكبيرة فى مصر هو عملية التقييم، وهو عنصر حاسم يؤثر على عملية صنع القرار، والمفاوضات، والنجاح الشامل للصفقات الكبرى.
وأوضح أن التقييم لا يؤثر فقط على عملية صنع القرار الداخلي، بل يلعب أيضًا دورًا حاسمًا فى تشكيل ثقة المستثمرين وإدراك السوق.
وسيطرت التوقعات الإيجابية لنشاط الدمج والاستحواذ، بعد الإعلان عن نجاح مصر فى إصلاح سعر الصرف، والذى شكل التحدى الأكبر أمام نشاط الدمج والاستحواذ حيث كان يعرقله صعوبة تقييم الأصول.
وشهدت الأصول المصرية فترة طويلة من صعوبة التقييم سواء عند الطرح أو الدمج والاستحواذ بسبب وجود سعرين للصرف، ما أدى لتأجيل وتوقف العديد من الصفقات.