عجز المالية العامة يعود إلى مستوياته الطبيعية في السنة المالية 2025/2024
قال بنك الكويت الوطنى، إن هناك حاجة ماسّة لاتخاذ إجراءات إضافية لتهيئة بيئة أكثر دعمًا لأنشطة الأعمال، سعيًا لزيادة فرص العمل وتعزيز المعرفة ورفع معدلات الاستثمار، بما في ذلك الاستثمار الأجنبي المباشر، بما يتجاوز الصفقات الضخمة المؤمنة على المستوى السياسي، مثل مشروع رأس الحكمة.
وذكر أن الحكومة مضت قدمًا في تنفيذ مجموعة من الإصلاحات الرئيسية بعد التحولات الكبيرة التي شهدتها السياسات في وقت سابق من العام الحالي. وتمثلت هذه الإصلاحات في الانتقال إلى نظام سعر الصرف المرن، ورفع أسعار الفائدة لكبح التضخم، مع إعادة بناء احتياطيات النقد الأجنبي وخفض الدعم الحكومي.
وتوقع أن تواصل الحكومة متابعة الإصلاحات في الفترة المقبلة، بما في ذلك مواصلة خفض دعم الوقود والغاز والكهرباء، على الرغم من أن مرونة سعر الصرف لم تختبر بشكل كامل في أوقات الأزمات بعد، إلا أنه من المتوقع أن تخضع للاختبار مع ارتفاع الواردات بالتزامن مع تعافي النمو الاقتصادي.
وتوقع تسارع نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 4% في السنة المالية 2025/2024، مدعومًا بتخفيضات قوية محتملة في أسعار الفائدة، بدعم من استقرار الجنيه، وتراجع معدل التضخم إلى 26% مع توقعات بانخفاض حاد العام المقبل.
وقال إن ذلك يشير إلى اقتراب بداية دورة خفض الفائدة، بجانب ارتفاع مؤشر مديري المشتريات مرة أخرى فوق حاجز 50 نقطة القياسي في أغسطس، بالإضافة إلى تسجيل نمو حقيقي إيجابي في الائتمان وانتعاش أرباح الشركات.
وقال إن الإنفاق الاستهلاكي هو المحرك الرئيسي لنمو الناتج المحلي الإجمالي في الفترة المقبلة، بينما قد يستمر صافي الصادرات في كونه عائقًا بسبب ارتفاع فاتورة الطاقة.
توقعات برفع “موديز” تصنيف مصر إلى B3…وطرح سندات “يوروبوند” ضرورة
وأشار إلى تباطؤ وتيرة نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 2.4% في السنة المالية 2024/2023 مقارنة بـ3.8% في السنة المالية 2023/2022.
وذكر أن النصف الثاني من العام المالي (من يناير إلى يونيو 2024) شهد تداعيات ملحوظة تمثلت في ارتفاع معدلات التضخم، ورفع سعر الفائدة، فضلًا عن صدمات العرض والطلب الناتجة عن انخفاض قيمة الجنيه في مارس بنسبة تقارب 40%.
وذكر أنه بعد تأمين استثمارات رأس الحكمة الضخمة بقيمة 35 مليار دولار من الإمارات و20 مليار دولار في هيئة صفقات تمويل دولية أخرى خلال هذا العام، لم تعد صورة التمويل الخارجي مصدر قلق في المرحلة الحالية.
وقال إن الاحتياطيات الدولية تسجل حاليًا أعلى مستوياتها على الإطلاق عند 46.7 مليار دولار في سبتمبر، بينما عاد صافي الأصول الأجنبية للبنوك التجارية إلى المنطقة الإيجابية.
وأشار إلى أنه رغم ذلك، قد تعود السلطات إلى الأساليب التقليدية للتمويل، بما في ذلك إصدار سندات اليورو المقومة بالعملات الأجنبية.
وقال إن هذا الخيار يبدو ضروريًا لتغطية فجوة تمويل خارجي تراكمية تبلغ قيمتها الصافية نحو 10 مليارات دولار حتى السنة المالية 2026/2025 في ظل استمرار عجز الحساب الجاري وآجال استحقاق الديون.
في الوقت الحالي، تبلغ عائدات سندات اليورو المصرية لأجل 5 سنوات 9%، ومن المحتمل أن تنخفض مع استمرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكى في خفض أسعار الفائدة خلال الأرباع القادمة.
وتوقع أيضًا ارتفاع احتمالية ترقية التصنيف السيادي للسندات من قبل وكالة موديز إلى B3 من Caa1 على المدى القصير، ما يتماشى مع تصنيفات وكالتي ستاندرد آند بورز وفيتش.
نوه البنك إلى أن عجز الموازنة العامة سجل مستويات منخفضة للغاية، إذ بلغ 3.6% من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2024/2023 بدعم من صفقة رأس الحكمة الضخمة التي ساهمت في زيادة الإيرادات غير الضريبية في الميزانية.
وقال إنه كمّا هو الحال مع الحساب الخارجي، من المتوقع عودة الأمور إلى طبيعتها، كما ستفقد الحكومة في السنة المالية 2025/2024 حصة كبيرة من إيرادات قناة السويس، والتي تمثل نحو 8% من إجمالي الإيرادات الضريبية، ما سيكون له تأثيرات سلبية على الميزانية العامة.
وقال إن بعض هذه الخسائر سيقابلها وفورات من خلال تخفيضات أسعار الفائدة المرتقبة خلال العام، مما سيخفف من عبء فوائد الديون الكبيرة.
وأشار البنك إلى أن إيرادات قناة السويس انخفضت بنسبة 25% على أساس سنوي في السنة المالية 2023-2024، متأثرة بالصراع الإقليمي الحالي الذي أدى إلى تحويل حركة النقل البحري بعيدًا عن قناة السويس.
وقال إنه إذا تفاقم الوضع في مصر نتيجة الصراع الإقليمي الحالي، فإن إحدى النتائج المحتملة ستكون نقص واردات الغاز، إذ تستورد مصر نحو 20% من احتياجاتها من الغاز من إسرائيل.
ولفت إلى أنه يمكن أن يسهم مناخ التضخم العالمي الأكثر ملاءمة في خفض أسعار الفائدة الدولية بشكل حاد، ما يوفر للبنك المركزي المصري مساحة أكبر لتبني سياسات تحفيزية تعزز من آفاق النمو المحلى.