تجاوز الاقتصاد السعودي مرحلة إصلاحات هيكلية في بدايات تطبيق “رؤية 2030″، كانت مؤلمة لكنها أثبتت بعد ذلك أهميتها وفائدتها للقطاع الخاص وللمواطنين حسب وزير المالية محمد الجدعان، خلال كلمته في ملتقى ميزانية 2025 اليوم في الرياض.
الوزير السعودي قال: “في بدايات الرؤية كانت هناك إصلاحات هيكلية يعتبرها البعض – وقد أكون أنا منهم- مؤلمة، واتخذنا قرارات صعبة جداً فيما يتعلّق بخفض جزء كبير من الدعم في الاقتصاد، وفرض ضرائب جديدة مثل القيمة المضافة والضريبة الانتقائية وغيرها، وفرض بعض الرسوم”. مشيراً إلى أن هذه الأعباء المالية تشكل عادة صدمة كبيرة في دول أخرى، لكن الاقتصاد السعودي تجاوزها.
وفق الجدعان فإن الهدف من هذه الإصلاحات وما تضمنته من أعباء ليس فرض الضرائب والرسوم بحد ذاتها، ولكن الوصول إلى مرحلة تستطيع المالية العامة أن تدعم الاقتصاد بشكل مستدام، مؤكداً أن “ما تم من إصلاحات هيكلية بالتأكيد كان لها بعض الردود السلبية وبعض التحديات على القطاع الخاص، لكن شهدنا خلال الثلاث سنوات السابقة أيضاً فوائد هذه الإصلاحات خلال فترة كورونا و هذا هو الهدف، وفي البداية القرار صعب ولكن في النهاية فيه مصلحة مباشرة للمواطن وللقطاع الخاص ولاستدامة الاقتصاد”.
أعلنت المملكة العربية السعودية مساء أمس ميزانيتها للعام 2025 بعجز متوقع أقل بنسبة 12% من العجز المتوقع لهذا العام، وبتوقعات للنمو تبلغ 4.6%، ارتفاعاً من معدل نمو للعام الحالي عند 0.8%.
مالية مستدامة
“وصلنا إلى إيرادات غير نفطية بـ 472 مليار ريال لم تكن لتصل لذلك لولا التنوع الاقتصادي الكبير الذي وصلنا إليه اليوم” وفق وزير المالية السعودي، والذي لفت إلى أن رؤية 2030، التي ترتكز على تنويع الاقتصاد، تستهدف الحفاظ على استدامة المالية العامة بعيداً عن تقلّبات الإيرادات النفطية.
وأشار إلى أن المملكة تمكنت خلال العقود السابقة من تشييد بنية تحتية قوية “لكنها لم تكن مستدامة والفارق بين الأمس واليوم هو أن الإنفاق مستدام ومستمر لأنّنا نوعنا الاقتصاد ومصادر الدخل”، حيث كانت المشاريع في السابق تتوقف أو تتعثر إذا انخفضت الإيرادات النفطية، حسب تأكيد الجدعان.
أدوات الدين
الوزير لفت إلى استخدام أدوات الدين لتحقيق توازن الإيرادات وتغطية النفقات بشكل مستدام، ولتمكين الجهات الحكومية والقطاع الخاص من التخطيط.
كان الجدعان -في مقابلة مع “الشرق” مساء أمس- لم يستبعد التخطيط لمزيد من الاستدانة؛ “طالما أن العائد على الإنفاق أعلى من تكلفة الدين، بموازاة القدرة على الوصول إلى أسواق الدين بتكلفة مقبولة لا تؤثر على الاقتصاد”، مؤكداً أن وزارة المالية تستهدف تنويع قاعدة المستثمرين في أدوات الدين، من خلال اللجوء إلى السوقين المحلية والدولية، وإصدار السندات والصكوك.
شدد وزير المالية في كلمته على أن ما حدث من تطور في خدمات الأجهزة الحكومية خلال العقد الأخير يرجع إلى التنويع الاقتصادي الذي توفر بسبب الاستدامة المالية، وأن التركيز اليوم ينصب على القطاعات التي تحمل فرصاً أعلى للنمو.