تشهد أوروبا موجة جديدة من ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي، حيث يتم تفريغ خزانات التخزين تحت الأرض بمعدل أسرع من المعتاد هذا العام فى ظل موسم شتاء قارس البرودة، ووفقًا لبيانات منظمة “جى آى إى” التى تمثل مشغلي البنية التحتية للغاز في أوروبا .
وذكرت المنظمة فى أحدث بياناتها أن نسبة امتلاء خزانات الغاز الأوروبية بلغت 85.5% في أول ديسمبر، بعد أن وصلت إلى ذروتها عند 95.3% في 29 أكتوبر. ومع انخفاض درجات الحرارة، ارتفعت وتيرة السحب من الخزانات، مما أدى إلى زيادة أسعار الغاز بنسبة 45% منذ بداية العام.
و تبدأ أوروبا موسم التدفئة في الأول من نوفمبر، حيث تلزم قواعد الاتحاد الأوروبي الدول الأعضاء بملء الخزانات بنسبة لا تقل عن 90%. لكن هذا العام، أدى أول موجة برد شتوية إلى تسريع استنزاف الغاز من الخزانات مقارنة بالعامين الماضيين. فعلى سبيل المثال، كانت مستويات التخزين في نفس اليوم العام الماضي (الاول من ديسمبر) أعلى بنسبة 94.8%، وفي عام 2022 بلغت 92.3%. ومع ذلك، لا يزال التخزين أعلى من عام 2021، عندما انخفضت النسبة إلى 68.2% بسبب شتاء قاسٍ للغاية.
وذكر تقرير لمنصة “البلقان” الاخبارية ان المخاوف تتزايد ايضا بشأن الإمدادات المستقبلية، حيث من المتوقع أن ينتهي اتفاق عبور الغاز بين أوكرانيا وروسيا في 31 ديسمبر، وهو الاتفاق الذي يؤمن حوالي 15 مليار متر مكعب من الغاز للاتحاد الأوروبي، ما يعادل 7-10% من إجمالي الإمدادات. وقد أعلنت أوكرانيا أنها لن تجدد هذا الاتفاق. وفي الوقت ذاته، كشفت شركة “غازبروم” الروسية عن خططها الاستثمارية لعام 2025، والتي تفترض أيضًا عدم تجديد الاتفاق .
وكانت الوكالة الدولية للطاقة قد أصدرت تحذيرًا من أن أوروبا قد تواجه “أزمة طاقة جديدة” نتيجة انخفاض مستويات التخزين بوتيرة أسرع من المتوقع ونهاية الاتفاق الأوكراني. وأشارت إلى أن أي نقص في الإمدادات يمكن أن يؤدي إلى زيادة أخرى في الأسعار، مما يزيد من الضغط على الاقتصادات الأوروبية التي تعاني بالفعل من تضخم مرتفع.
فارتفاع أسعار الغاز يضيف أعباء جديدة على المستهلكين الأوروبيين، حيث يتوقع أن تزيد فاتورة الطاقة للأسر بنسبة 10-15% مقارنة بالأعوام السابقة. كما أن هذه الأزمة تفاقم من التحديات الاقتصادية في أوروبا، التي ستواجه تضخمًا مرتفعًا وانكماشًا اقتصاديًا متوقعًا بنسبة 0.5% في الربع الأول من عام 2025. وأشار تقرير حديث إلى أن ارتفاع تكاليف الطاقة أفقد أوروبا ميزتها التنافسية، خاصة في ألمانيا، التي تتحمل أعلى تكاليف للطاقة في القارة.
على الجانب الآخر، تستعد أوكرانيا لمواجهة شتاء صعب، حيث لا تتجاوز نسبة امتلاء خزانات الغاز فيها 22.6%، مع وجود 6.5 مليار متر مكعب فقط من الغاز المخزن. وبينما تقول السلطات إن هذه الكمية كافية لتغطية احتياجات البلاد خلال موسم التدفئة، فإن التحدي الأكبر يتمثل في نقص القدرة على توليد الطاقة بعد أن دمرت روسيا حوالي 50% من محطات التدفئة والطاقة غير النووية في البلاد.
وأشار تقرير منصة البلقان الى ان هذه التطورات تعكس الحاجة الملحة لوضع استراتيجيات مستدامة تضمن استقرار إمدادات الغاز في الاتحاد الأوروبي وتقليل الاعتماد على مصادر غير مستقرة. كما أن تعزيز كفاءة الطاقة وزيادة الاستثمار في الطاقة المتجددة أصبحا ضروريين لمواجهة التحديات الحالية وتقليل الأثر الاقتصادي لهذه الأزمات على الأسر والشركات.