حصدت صناديق التحوط الكبرى أرباحاً كبيرة، في شهر نوفمبر الماضي، وتمكنت من التقاط غالبية الفرص الاستثمارية التي أشعلها فوز دونالد ترامب، ما أعطى قطاع صناديق التحوط دفعة قوية وأعادته إلى مسار صعود وتحقيق عوائد قوية مرتقبة خلال السنوات الأربع المقبلة على أقل تقدير.
وذكرت وكالة “بلومبرج”، نقلاً عن مصادر وثيقة الصلة بالقطاع، إن “صندوق بالياسني”، لإدارة الأصول، زادت مكاسبه خلال الشهر الماضي بنسبة 3.9%، ما ساعده في دفع المكاسب السنوية التي كانت متوسطة حتى شهر أكتوبر الماضي، لتصبح نسبة المكاسب 11.6%.
كما تمكن كل من “صندوق أموال حقوق الملكية الرئيسي” التابع لمؤسسة “شونفيلد ستراتيجيك الاستشارية”، و”صندوق التجارة التكتيكية” التابع لشركة “سيتاديل” من جني مكاسب خلال الشهر الماضي ما عزز المكاسب السنوية خلال عام 2024 لتصل إلى 18.6% و20% في المائة على التوالي، وفق المصادر ذاتها.
وتقول “بلومبرج”، إن تلك المكاسب الكبيرة جعلت الصندوقين يتربعان على قائمة الأفضل أداءً بين صناديق التحوط متعددة الاستراتيجيات خلال عام 2024 حتى الآن.
وأثار فوز ترامب، الشهر الماضي، فوران ملحوظ في الأسواق أُطلق عليه “متاجرة ترامب”، إذ تراجعت سندات الخزانة الأمريكية بينما اندفعت الأسهم الأمريكية في مسيرة صعود متصلة، ولازمها في الصعود الدولار، وعملة “بيتكوين”، رائدة العملات الرقمية. كل تلك التحركات المصاحبة لظاهرة “متاجرة ترامب” تشير إلى اعتقاد المستثمرين بأن الفترة الرئاسية الثانية لترامب في البيت الأبيض سوف تأتي بفيض من السياسات التي تركز على خفض الضرائب، وإعادة تهيئة الرسوم الجمركية، ما يوحي بتوافر دفعة قوية ستقود إلى نمو الاقتصاد وارتفاع أرباح المؤسسات والتضخم.
وتقول الوكالة، إن التحركات المفاجئة عبر فئات الأصول المختلفة قدمت فرصاً استثمارية جديدة أمام كبار المتداولين أصحاب الاستثمارات المتنوعة في “وول ستريت”.
وصب فوز ترامب مزيداً من الخير الإضافي في أسواق صناديق التحوط في عام شهد نشاطاً ملحوظاً منذ بدايته، وهو ما يعكسه أداء مؤشر “بايفوتالباث”، الذي يرصد أداء 70 صندوق تحوط متعدد الاستراتيجيات، الذي أوحت مسيرته منذ بداية العام بأنه سيكون العام الأفضل أداءً له منذ عام 2020.
ولفتت المصادر، إلى أن نتائج صندوقي “بالياسني” و”شونفيلد” تعززت هذا العام بتنوع وشمولية المحافظ التي يديرها كل صندوق، علاوة على رهانات الصندوقين على أسواق الأسهم والأوراق المالية.
وكانت وكالة “بلومبرج” ذكرت، في تقارير سابقة، أن صندوق “كريس روكوس” تمكن من جني مليار دولار بمجرد ما تواترت الأنباء عن قرب فوز ترامب بالانتخابات.
واستطاع الصندوق توسيع مكاسبه حتى 22 نوفمبر الماضي، وقفزت مكاسبه الآن على أساس سنوي بنسبة 28.5%، حسب أحد المصادر الذي تحدث مع “بلومبرج”.
في الوقت ذاته، كشف خطاب مستثمر، اطلعت عليه الوكالة الأمريكية أن صندوق تحوط “بريفان هوارد” الرئيسي، قفز بصورة حادة خلال الفترة نفسها في نوفمبر ليتمكن بذلك من تحريك أدائه الباهت الذي سجل حتى أكتوبر ليدخل في مرحلة جني مكاسب بنسبة 9% خلال العام الجاري حتى الآن.
كما حقق صندوق تحوط “روب سيترون” (ديسكفري كابيتال مانجمينت) للتعاملات الشاملة، قفزة حادة في مكاسبه خلال نوفمبر وحده بنسبة 14.5%، ليعزز بذلك أرباحه خلال السنة الجارية لتصل إلى 46.5 في المائة، وفق مصدر مستقبل قريب الصلة من القطاع.
وقالت بلومبرج، إن ممثلي الشركات الاستثمارية والصناديق أحجموا عن التعليق على ما ورد بالتقرير من نتائج.
وتحظى صناديق التحوط باهتمام ملحوظ في دوائر الاستثمار عالمياً نظراً لدورها كأداة مهمة في إدارة المخاطر المالية وحماية المستثمرين من تقلبات الأسواق، وذلك من خلال آليات تنويع محافظها الاستثمارية في مجموعات متنوعة من الأصول المالية، كالأسهم والسندات، والسلع المتنوعة بدءاً من النفط والغاز والمعادن الثمينة وصولاً إلى المنتجات الزراعية.
وتختلف طبيعة الصندوق بنوعية المحافظ التي يديرها؛ ما بين صناديق تحوط مالية تركز على الأدوات المالية كالعقود الآجلة والخيارات والعملات، وأخرى تعرف بصناديق التحوط الطبيعية التي تركز على السلع الأولية والخامات والمعادن والمنتجات الزراعية.
وهناك نوع ثالث يسمى “صناديق التحوط الحقيقي” التي تركز على تحقيق الاستقرار المالي والبعد عن الجانب التجاري ومخاطره. أما رابع الأنواع فيعرف بـ”صناديق التحوط الاستراتيجي”، التي تستخدم مزيجاً متنوعاً من الأدوات السابقة للحد من المخاطر المالية التي قد تواجه مستثمريها.