تخطط البنوك لتوسيع انتشارها الجغرافى للوصول إلى عدد أكبر من العملاء، بما يُسهم فى تنفيذ خطط الشمول المالى وجذب عملاء جُدد غير مشمولين، فضلًا عن التوسع فى الخدمات الائتمانية وتعزيز نموها، مع توقعات بتقليص خدمات الأفراد المُقدمة عبر الفروع، والتركيز على خدمات الشركات أو خدمات الأفراد فى المناطق التى تفتقر إلى ثقافة التكنولوجيا المالية.
وخلال الربع الأول من العام الجارى، زاد عدد فروع البنوك بمقدار 19 فرعًا جديدًا، ليصل إجمالى عددها إلى 4699 فرعًا فى مارس الماضى مقارنة بـ4680 فرعًا بنهاية 2023، وفقًا لبيانات رسمية صادرة عن البنك المركزى.
“قطر الوطنى” يمتلك أكبر شبكة فروع بين البنوك الخاصة
وأظهرت مسح لـ”البورصة” على القوائم المالية للبنوك، نموا طفيفا فى عدد الفروع لبعض البنوك خلال التسعة أشهر الأولى من العام الجارى، كما أظهرت امتلاك بنك قطر الوطنى مصر أكبر عدد من الفروع بين بنوك الخاصة وعددهم 234 فرعًا ولم يُضف البنك فروعًا جديدة خلال العام الجارى.
ولكن محمد بدير الرئيس التنفيذى للبنك أعلن نية البنك إضافة المزيد من التوسع الجغرافى خلال الفترة المقبلة.
وتصدر بنك مصر قائمة البنوك المتوسعة جغرافيًا، إذ أضاف 25 فرعًا جديدًا خلال النصف الأول من العام الجارى، بحسب القوائم المالية ليونيو الماضى.
عبد العال: التوجه حاليًا نحو الفروع الصغيرة
وقال محمد عبد العال، عضو مجلس الإدارة فى البنك المصرى الخليجى، إن البنوك تحتاج إلى حد أدنى من الانتشار الجغرافى لضمان قاعدة عملاء مستدامة.
وأضاف أنه على سبيل المثال، البنوك التى تستهدف التوسع فى خدمات الشركات تركز على التواجد فى المناطق الصناعية أو المدن التى تنتشر فيها المصانع الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر. كما تعمل البنوك على التواجد فى المناطق التى يفتقر سكانها إلى ثقافة التعامل المالى الرقمى.
وأوضح عبد العال، أن البنك المركزى يتابع البنوك التى لا تتمتع بانتشار جغرافى كافٍ، ويُراجع معها خططها فى هذا الشأن والمواقع المستهدفة للتوسع، وغالبًا ما يمنح البنك المركزى تراخيص الفروع الجديدة فى المناطق غير المخدومة مصرفيًا، أو فى المناطق التى لا تشهد تكدسًا بفروع البنوك الأخرى، ويميل إلى منح التراخيص للمناطق الجديدة لجذب قاعدة عملاء جديدة.
سباق الرقمنة يشتد فى البنوك المصرية
وأضاف أن فتح فرع جديد يتطلب موافقة من البنك المركزى ودفع رسوم محددة، فضلًا عن الموافقة على الموقع الجغرافى المستهدف.
وأوضح أن ذلك يستلزم من البنك تقديم دراسة حول خطط الانتشار الجغرافى للفروع القائمة، ورؤية البنك للموقع المُختار للتوسع الجديد، ويأخذ “المركزى” فى اعتباره عدالة التوزيع الجغرافى ومنع الاحتكار.
وأشار عبد العال، إلى ملاحظة تباطؤ وتيرة افتتاح الفروع التقليدية الكبيرة خلال العامين الماضيين، مع التوجه نحو الفروع الإلكترونية، أو الفروع النصف إلكترونية، أو الفروع الصغيرة، أو تلك الموجودة فى مراكز التسوق الكبرى.
ويرى أنه خلال السنوات الخمس المقبلة، سترتفع نسبة الفروع الإلكترونية والبنوك الرقمية، بينما ستتقلص نسبة الفروع التقليدية.
وأضاف أن عمليات الائتمان تتطلب استمرار التواجد الجغرافى للبنوك، نظرًا لطبيعتها التى تحتاج إلى اجتماعات وتدقيق ميزانيات، والتأكد من الجدارة الائتمانية للشركات وأهمية المشاريع المستهدفة بالتمويل.
وتوقع أن تقل العلاقة المباشرة بين العملاء والبنوك خلال الفترة المقبلة، مع التوسع فى استخدام الذكاء الاصطناعى، حيث سيتمكن العملاء من إتمام خطوات الحصول على الائتمان عبر روبوتات، بالإضافة إلى ذلك، ستوسع البنوك استخدام التطبيقات المخصصة للشركات لتنفيذ العمليات المصرفية.
وفى السياق ذاته، يستهدف بنك قطر الوطنى – مصر زيادة عدد فروعه فى مختلف المحافظات، وتشمل الخطة الاستراتيجية للبنك استقطاب وتدريب كوادر بشرية متميزة، فضلًا عن تأهيل وتجهيز الفروع لاستقبال العملاء من ذوى الهمم.
البنوك تسعى للتوسع فى تمويل القطاع الصناعى بالفترة المقبلة
ويخطط مصرف أبو ظبى الإسلامى – مصر لتنفيذ خطة طموحة للتوسع فى الفروع الإلكترونية والخدمات المصرفية عبر الإنترنت، بالإضافة إلى تقديم الحلول المصرفية التقليدية، مع التوسع الجغرافى فى شبكة الفروع وماكينات الصراف الآلى، للوصول إلى شرائح مختلفة من المجتمع.
ووفقًا لتقرير الاستدامة الخاص ببنك قطر الوطنى عن عامى 2022 و2023، بلغ عدد فروع البنك 234 فرعًا، بالإضافة إلى 931 ماكينة صراف آلى، ويعمل فيه نحو 7.3 ألف موظف، كما ارتفع الاستثمار فى التعلم والتطوير إلى 29.87 مليون جنيه خلال 2023، مقارنة بـ20 مليون جنيه فى 2021.
من جانبه، قال عاكف المغربى، الرئيس التنفيذى والعضو المنتدب لبنك قناة السويس، إنه سيتم افتتاح فروع جديدة خلال العام المقبل، بالإضافة إلى نقل بعض الفروع الحالية إلى مواقع استراتيجية جديدة، مع تجهيزها بأحدث التقنيات المصرفية والتكنولوجية.
ويبلغ عدد فروع بنك قناة السويس حاليًا 53 فرعًا، وافتتح مؤخرًا فرعًا بمدينة شبين الكوم بمحافظة المنوفية.
وفى سياق متصل، قال أحمد جلال، الرئيس التنفيذى للبنك المصرى لتنمية الصادرات، إنه سيتم إضافة 5 فروع جديدة خلال العام المقبل، ليصل إجمالى عدد الفروع إلى 50 فرعًا، مقارنة مع 45 فرعًا حاليًا.
فهمى: التوسع الجغرافى يُركز على خدمات الشركات
وذكر ماجد فهمى، الرئيس الأسبق لبنك التنمية الصناعية، أن استراتيجية كل بنك تُحدد أولوياته واتجاهات النمو المستهدفة.
وأضاف أنه على سبيل المثال، البنوك التى تخطط للتوسع فى خدمات الأفراد تُركز على رقمنة خدماتها ومنتجاتها، وتستثمر فى بنيتها التكنولوجية، فضلًا عن افتتاح فروع فى المناطق المكتظة بالشرائح المستهدفة من العملاء، أما البنوك التى تستهدف التوسع فى العمليات الائتمانية فتتجه إلى التجمعات الصناعية أو المناطق التجارية.
وتابع فهمى، أن خطط التوسع الجغرافى ترتبط بفترات زمنية معينة، وبمدى قدرة القاعدة الرأسمالية للبنك على دعم ذلك.
البنوك تواجه تحديات للحفاظ على قوة أرباحها
وأوضح أن انتشار فروع البنوك يتطلب بنية تكنولوجية قوية فى المناطق المستهدفة، فضلًا عن وجود احتياج حقيقى للخدمات المصرفية بها. ومن بين المناطق التى تحتاج إلى تعزيز التواجد المصرفى: محافظة الوادى الجديد، وسيوة، والساحل الشمالى.
وأشار فهمى، إلى أن أولويات البنوك فى الاستثمارات تغيرت، إذ كانت تركز سابقًا على العنصر البشرى وترصد ميزانيات كبيرة لتدريب الكوادر البشرية، والاستثمار فى الفروع بالمناطق المختلفة، لكنها أصبحت تركز حاليًا على الاستثمار فى البنية التكنولوجية والمنتجات الرقمية.
ووفقًا للقوائم المالية للبنك الأهلى، أضاف البنك 8 فروع جديدة، ليصل إجمالى عددها إلى 665 فرعًا فى يونيو الماضى، مقارنة مع 657 فرعًا بنهاية 2023.
كما افتتح بنك مصر 25 فرعًا جديدًا خلال النصف الأول من العام الجارى، ليصل إجمالى عدد فروعه بنهاية يونيو الماضى إلى 849 فرعًا.
وقال بنك الإسكندرية إنه يخطط للوصول بـ”أركان التكنولوجيا”، التي أُطلقت في يناير 2022، إلى 25 ركنا، وهى نهج يدمج بين العالمين الرقمي والتقليدي من خلال تقديم تجربة متكاملة تشمل تسجيل العملاء، وتقديم الاستشارات، والمبيعات الرقمية داخل فروع محددة.
وتهدف هذه الأركان إلى تسريع التقاء البيئة المصرفية التقليدية مع الرقمية، وقد صُممت لتلبية احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة، حيث توفر كبائن مخصصة لإجراء مكالمات فيديو بلغة الإشارة، مع تسهيلات لدخول الكراسي المتحركة.
وقال إن التوسع فى هذه الفروع يسهم في تحسين الكفاءة وخفض تكاليف المعاملات داخل الفروع بأكثر من 50%، إذتوفر هذه المساحات المبتكرة تجربة مصرفية سلسة وشاملة، تربط بين الخدمات التقليدية والرقمية.