حظيت الاستثمارات السورية فى مصر باهتمام كبير من الدولة فى السنوات الماضية، حيث ساعدت المستثمرين السوريين على إقامة مشروعات فى قطاعات متنوعة مثل الصناعات الغذائية، والعقارات، وقطاع المنسوجات والأدوية، حسبما أكد مستثمرون سوريون لـ”البورصة”.
وتشير البيانات الصادرة عن الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة إلى أن استثمارات السوريين فى مصر تتجاوز 800 مليون دولار وفقًا لبيان الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة.
فى مصر، يمثل المستثمرون السوريون أمام الحكومة المصرية منظمتا أعمال؛ الأولى هى “تجمع رجال الأعمال السوريين” برئاسة خلدون الموقع، والثانية هى “جمعية الصداقة المصرية السورية” برئاسة طلال العطار.
ويتطلع المستثمرون إلى تنفيذ توسعات جديدة فى السوق المصرى خلال الفترة المقبلة، مع خطة لفتح فروع فى سوريا شريطة استقرار الأوضاع السياسية والاقتصادية لمدة خمس سنوات على الأقل، وفقًا قولهم.
وأعلنت المعارضة السورية المسلحة الأحد الماضى، سقوط نظام بشار الأسد، وهروبه خارج البلاد.
العلوي: التيسيرات المصرية كانت مفتاح نجاح استثماراتنا
وقال محمود العلوي، رئيس مجلس إدارة شركة العلوى للصناعات الغذائية، إن شركته كانت تمتلك 5 مصانع لصناعات غذائية فى سوريا قبل اندلاع الصراع المسلح عام 2011؛ لكن تصاعد الأحداث دفعها إلى الخروج من سوريا، واختيار تركيا أو مصر لنقل استثماراتها.
وأضاف لـ”البورصة” قائلاً: “اختيارنا لمصر كان بناءً على تجارب سابقة لمستثمرين سوريين فى السوق المصرى قبل الحرب، حيث حققوا نجاحات كبيرة، بالإضافة إلى انخفاض تكاليف التصنيع مثل أجور العمالة التى لا تتجاوز حاليًا 200 دولار شهريًا، مقارنةً بأجور فى تركيا التى قد تصل فى بعض الأحيان إلى 1500 دولار”.
وتابع أن الكثافة السكانية الكبيرة للسوق كانت أيضًا محفزًا للشركة للاستثمار فى مصر، حيث تبين بعد دخول السوق أن مصر تتمتع بسوق استهلاكى ضخم، كما أن القدرة على النفاذ من خلاله إلى جميع الأسواق العربية القريبة وحتى دول أفريقيا البعيدة كانت عامل جذب.
وأشار إلى أن الشركة بدأت استثمارها فى مصر عام 2014 بمصنع واحد لإنتاج العصائر والمربى فى محافظة الإسكندرية، ومع زيادة الطلب توسعت فى منطقة السادات الصناعية وأنشأت مصنعها الثانى الذى من المقرر افتتاحه فى العام المقبل.
لفت إلى أن الشركة حققت إيرادات بقيمة 100 مليون جنيه بنهاية العام الماضي، مع خطط لزيادة هذه الإيرادات بنسبة 30% خلال العام المقبل من خلال توسيع خطوط الإنتاج وزيادة حصتها فى السوق المحلية والأفريقية.
وأوضح أن مصر قدمت تسهيلات كبيرة عند بدء الاستثمار، سواء فيما يتعلق بتوفير الأراضى الصناعية المرفقة، أو الحصول على الامتيازات التى يتمتع بها المستثمر المصري.
وأضاف: “إقبال المستثمرين السوريين على مصر خلال السنوات الماضية هو خير دليل على ذلك”.
رغم النجاح الكبير، يواجه العلوى تحديات كبيرة أبرزها تقلبات أسعار المواد الخام والظروف الاقتصادية العالمية، لكنه يتغلب عليها من خلال تنويع مصادر المواد الخام والعمل على تقليل التكاليف.
وفيما يتعلق بالأحداث الجارية فى سوريا، أوضح قائلاً: “استقرار الأوضاع فى سوريا لا يعنى التخارج من السوق المصري، لأن المستثمر يبحث عن عائد أكبر على استثماراته فى أى بلد، بغض النظر عن جنسيته”.
وأضاف أن “سوريا أمامها سنوات طويلة لإعادة الإعمار وتشكيل حكومة جديدة ورفع العقوبات الأمريكية عنها، لكن فى جميع الأحوال، رأس المال لا يحب المغامرات فى الدول التى تشهد صراعات مستمرة، لذلك عودتنا إلى سوريا مستقبلاً ستكون بغرض الإقامة كمواطنين وليس كمستثمرين”.
درويش: استثماراتنا فى مصر بدأت بعد خسارتنا الكاملة فى سوريا
فى السياق ذاته، قال أحمد درويش، رئيس مجلس إدارة شركة الدمشقى للملابس الجاهزة، إن الشركة خسرت 100% من استثماراتها مع بداية الصراع فى سوريا، ولم يعد أمامهم سوى البحث عن فرص بديلة فى دول أخرى.
وأضاف لـ”البورصة”: “تلقينا عرضًا من مستورد مصرى للمشاركة فى إنشاء مصنع ملابس جاهزة، نحن بخبرتنا وهو برأس المال.
تابع أنه وافق على الفور انتقل إلى مصر عام 2013، ومع تطور النشاط وامتلاكه رأس مال قرر الانفصال وإنشاء مصنع فى 2016”.
استطرد أن “الشركة بدأت بمصنع صغير فى مدينة العاشر من رمضان، واليوم نمتلك مصنعين فى مناطق صناعية مختلفة. بلغت إيرادات المصنعين 300 مليون جنيه بنهاية 2023”.
وأشار إلى أن الشركة تركز خلال الفترة المقبلة على زيادة الإنتاج بنسبة 40% العام المقبل، وتحسين جودة الإنتاج للتوسع فى أسواق جديدة مثل أوروبا وأمريكا، خاصة فى ظل اتفاقيات التجارة الحرة التى تتيح لها تصدير منتجاتنا بشكل أكبر.
وقال إن توطين الاستثمار فى أى دولة يحتاج إلى جهود كبيرة، وشركته تمكنت من توطين مشروعاتها فى السوق المصري، ولا توجد أى خطة للتوسع فى دول خارج حدودها.
لكنه أكد على رغبته فى فتح فروع تجارية فى سوريا ضمن خطة الشركة طويلة المدى لفتح أسواق تصديرية فى العديد من الدول العربية.
عبدالسلام: 3 آلاف مستثمر سورى يعملون فى قطاعى الملابس الجاهزة والمنسوجات
وقدر محمد عبدالسلام، رئيس غرفة صناعة الملابس الجاهزة باتحاد الصناعات المصرية، فى حديثه لـ”البورصة”، عدد المستثمرين السوريين فى قطاع الملابس والمنسوجات بنحو 3 آلاف مستثمر.
قال محمد معراوي، المدير التنفيذى لمصنه كرمان للصناعات الدوائية، إن مصنع كرمان بدأ إنتاجه الفعلى فى عام 2020، ومنذ ذلك الوقت حصل المصنع على اعتمادات ISO9001، ISO45001، ISO14001، وشهادات GMP الخاصة بالتصدير.
أوضح أن استثمارات المصنع سورية ويقام على مساحة 10 آلاف متر مربع، و يصل حجم استثماراته إلى 50 مليون دولار، ويصدر 20% من إنتاجه ويعتمد على 40% مكون محلى.
وفى قطاع العقارات، أشار يوسف الخطيب، وهو مستثمر سورى يعمل فى القاهرة، إلى أن الاستثمار العقارى فى مصر هو واحد من أسرع القطاعات نموًا. وبالتعاون مع شريك مصري، تمكنا من تنفيذ مشروعات منذ دخول مصر.
تابع: “نفذنا مشروعًا عقاريًا فى منطقة القاهرة الجديدة يضم أكثر من 500 وحدة سكنية وتجارية، بحجم مبيعات تجاوز 450 مليون جنيه وتم بيعه بالكامل قبل الانتهاء من أعمال البناء”.
وأوضح أن نخطط خلال العامين المقبلين لإطلاق مشروعين جديدين فى مدينة العلمين الجديدة ومشروع فى العاصمة الإدارية.